ليبيا... النساء تثبتن جدارتهن في القضاء

تمكنت المستشارة فاطمة المصري من إثبات ذاتها في الجانب الجنائي في القانون دراسة وعملاً، مؤكدة أن كل شخص يميز عمله وليس جنسه، والنساء أثبتن جدارتهن في القضاء.

ابتسام اغفير

بنغازي ـ استطاعت المرأة في ليبيا أن تثبت جدارتها في مجال العمل كقاضية منذ أن اقتحمت المجال في عام 1988، وتولت مهمة الفصل والقضاء في مختلف الإدارات سواء أكانت إدارية أو جنائية، وأصبحت نسبة النساء في الهيئات القضائية الليبية 99% معلنة بذلك عن إدارة المرأة في هذا العمل وقدرتها على إنجازه.

فاطمة عمر المصري مستشار محكمة استئناف بنغازي، ورئيسة الدائرة الثامنة في الجنايات، تحمل درجة الدكتوراه في القانون الجنائي، تقول عن تجربتها في مجال القضاء واستمرارها في العمل فيه لفترة تمتد لأكثر من 36 عاماً "بداية اقتحام المرأة لسلك القضاء في عام 1988 تم تعيين مجموعة من النساء في إدارة المحاماة الشعبية، وكنت من ضمن هذه المجموعة الأولى، من خريجات كلية القانون بجامعة بنغازي".

وأوضحت أن المجموعة الأولى كانت من المنطقة الشرقية في ليبيا من بنغازي ودرنة والبيضاء وشحات، وكانت هناك لقاءات مع أمين العدل أو وزير العدل في تلك الفترة يحاول إقناعنا للدخول لسلك القضاء، أو التوجه للنيابة، وكانت فكرة جديدة، لكن نحن كمجموعة قمنا برفضها بشدة "استكملت السنة الدراسية في معهد القضاء، وكنت من ضمن العشر الأوائل الذين تخرجوا من المعهد، قاموا كتشجيع وتهنئة منهم لنا بزيارة للمغرب الشقيق، وزرنا فيها محاكم ونيابات في المغرب، فوجدنا أن المرأة في المغرب قد عملت في سلك القضاء منذ عام 1962".

وأضافت "بعد عودتنا وجدت أن أسمي قد تم إدراجه من ضمن العاملات في النيابة العامة ببنغازي، وتزامن ذلك مع دراستي للماجستير، فتوقت عن العمل حتى استكمل الدراسة، بعد حصولي على الماجستير عدت للعمل مجدداً، ونظراً لصعوبة العمل اليومي في النيابة العامة خاصة بعد زواجي ووجود أطفال، قمت بالنقل إلى إدارة القضاة وتم تعييني بها عام 2004، وتدرجت بعد ذلك في المسميات الوظيفية إلى أن أصبحت مستشارة في محكمة استئناف بنغازي".

وأشارت إلى أن دراستها في مجال الماجستير ركزت على السجون، وكانت أول رسالة في ليبيا تتناول حال السجناء آنذاك، وعلى الرغم من أنها تعرضت للرفض مرات عديدة لكن في النهاية تم قبولها وحصلت من خلالها على درجة الماجستير، أما رسالة الدكتوراه فكانت حول سياسة العقوبة والتنفيذ، وبذلك تثبت المستشار فاطمة المصري جدارتها في الجانب الجنائي في القانون دراسة وعملاً.

وحول تواجد النساء في مجال القضاء أوضحت أن "جل محاكم ليبيا الآن تقوم النساء بتسييرها، سواء في القضاء أو النيابة، وفي المحاكم الابتدائية أو محكمة الاستئناف 99% من الموجودات في قاعات المحاكم، هن نساء، ومعظم المحاكم الابتدائية رؤسائها من النساء".

وأكدت أن ما يقال حول عاطفة المرأة هو كلام غير حقيقي "عندما تتولين مهمة القضاء والفصل في قضايا الناس لا تقومين بذلك من منطلق أنك رجل أو امرأة وإنما تنظرين للواقعة المتمثلة أمامك، فأنت هنا ميزان عدالة بين الظالم والمظلوم، وتريدين إعطاء كل ذي حق حقه، وقمنا بالحكم بأحكام قاسية مثل الإعدام، فهنا لا مكان للعواطف أمام جرم كبير لا يغتفر".

وأكدت أنه "لابد أن تكون العقوبات رادعة وإذا لم تكن كذلك فليس لها أي معنى، ولابد أن تنفذ في ذات الوقت، سابقاً كانت جرائم القتل في بنغازي تأتي إلينا بأعداد كبيرة، قد تصل إلى 20 أو 30 ملفاً من جنائية القتل، ولكن الآن أصبحت هذه الجرائم قليلة وتكاد تكون معدومة، نتيجة لضبط السلاح في الشارع، ومنع حمله".

وأوضحت أنه "من أكثر الأمور التي حزت في نفسي بإحدى المؤتمرات المختصة التي أقيم في تونس إنهم لم يكونوا يعلمون أن المرأة تعمل في سلك القضاء منذ عام 1988، وبالتأكيد نحن نقوم بعملنا، ولكن الإعلام لم يسلط الضوء على عملنا وهذا تقصير منه".

وبينت أنه في كل عام يتم تعيين أعداد كبيرة من النساء في سلك القضاء، فمنذ بداية عملها لم تجد أي اعتراض حول عملهن في سلك القضاء، إضافة إلى أن رئاسات المحاكم التي تعمل بها منذ البداية من الرجال لم تكن عنصرية وإنما كانت متفهمة كما قالت، وتتمنى أن تتوسع إدارة المرأة في رئاسة المحاكم والنيابات.

واختتمت المستشارة فاطمة المصري حديثها بالتأكيد على أنه "في فترة عملي الطويلة لم يحدث وأن تم التمييز بين الرجل والمرأة في العمل، وكل شخص يميزه عمله وليس على أساس جنسه، فالعمل الجاد والحقيقي والنزيه حتى الجناة يرضون عنه، ويرضون بما تم الحكم به عليهم".