لخوفهن من الوصم المجتمعي... المتعرضات للعنف الرقمي ترفضن التبليغ

تتخوف النساء والفتيات المتعرضات للعنف الرقمي من نبذهن من قبل المجتمع والمحيط فتخترن عدم التبليغ، ما يضعهن محل ابتزاز.

زهور المشرقي

تونس ـ برغم وجود القانون رقم 58 لمكافحة العنف ضد النساء في تونس، إلا أن نسبها لم تتراجع بعد بل تضاعفت خلال السنوات الأخيرة وقد أرجعها المجتمع المدني إلى ضعف تنفيذ القانون وصعوبة آلياته التي باتت حاجزاً أمام النساء.

اعتبرت الناشطة الحقوقية التونسية نجاة العرعاري، أن العنف الرقمي المسلط على النساء هو أحد أشكال العُنف الخطيرة المسكوت عنها، والتي لها آثار وخيمة عليهن، مؤكدةً على أن الخصوصية فيه أنه في أغلب الأحيان لا تعرف المرأة أو الفتاة من يمارس عليها العنف لاعتباره معتدي يقف وراء شاشة أو هاتف جوال وتغيب عليها معرفة أن هناك آليات قانونية ولوجستية قادرة على كشف هويته ومحاسبته.

وأوضحت أن "هذا العنف قد يمارس من قبل شخص واحد لكنه سهل الانتشار أكثر باعتبار أن مجرد نشر رسالة قادرة على التأثير بشكل مضاعف على المرأة وقد يؤدي إلى أزمات نفسية عميقة وآثار على الواقع الاجتماعي الذي تعيشه المتعرضة للعنف الرقمي، لاعتبار أن ذلك العنف لن يستهدفها وحدها، بل سيمس أسرتها ومحيطها الضيق وعلاقاتها ومكانتها الاجتماعية وحتى عملها، وننسى أنه عنف يرتكز أساساً على الناشطات في مجال حقوق الإنسان والسياسي والنسويات ويصبح آلية للحرب ضدهن لتخويفهن وإرهابهن ومنعهن من ممارسة نشاطاتهن وإقصائهن بالتالي من الحياة العامة".

 وعن دور القانون عدد 58 في مكافحة هذا النوع من العنف أكدت على أن التشريع كان من الانجازات الكبرى التي حققتها الحركة النسوية في تونس، واصفةً إياه بالقانون الشافي والكافي لحماية النساء في الفضاء الرقمي ويتطرق لكل أشكال العنف التي تمارس في هذا الفضاء، وهو قادر على ضمان حقوقهن حين تعنفن رقمياً.

وحول إشكاليات هذا القانون أوضحت أن الإشكال يتعلق بمدى تطبيقه على أرض الواقع والآليات التي وجب استخدامها والموارد التي وجب أن ترصد له من قبل الدولة فضلاً عن مدى توفر الإرادة من قبل جميع المتدخلين لتنفيذه "العمل اليوم يجب أن يركز على كيفية تسهيل ولوج المتعرضات للعنف إلى العدالة وتحضير الأرضية المبسطة لهن لتشجيعهن على مقاضاة المعتدي وكسر حاجز الخوف والرهبة الذي قد تشعر به المرأة أو الفتاة في صورة استمرار وجود آليات صعبة وغير ملائمة لوضعهن، علاوة على أهمية مراعاة وضعية كل النساء".

وعن حاجز الخوف الذي قد يتملك المتعرضات للعنف الرقمي ويمنعهن من مقاضاة المعنف قالت "العنف الرقمي عادة يرتكز على الأخلاقية والصور والجسد ورسائل خاصة عادة ما ينتقدها المجتمع؛ بل يرفضها وهي دوافع ترعب النساء من الحديث والاتجاه الى القضاء خوفاً من التشويه وما يُعبر عنه بالفضيحة في المخيلة المجتمعية للمجتمع التقليدي الذي لا تزال السمعة هي من تسيطر على الفكر والعلاقات الاجتماعية فيها، بالتالي ترفض بعض النساء التبليغ ما قد يعرضهن للابتزاز والتلاعب".

وفيما يتعلق بمنصة "آنا زادا" النسوية توضح "لقد ساعدت هذه المنصة النساء على تخطي الخوف والحديث عن تجاربهن في قضايا التحرش والابتزاز الجنسي لكن لازال العمل مستمراً والتوعية مهمة لتشجيعهن"، مشيرةً إلى أن العديد من المتعرضات للعنف السيبراني لم تسمعن بالقانون عدد 58، وهو وجب تجاوزه عبر الحملات الإعلامية وتتشارك فيه الدولة والمجتمع المدني.

ولفتت إلى أنه مع المصادقة على القانون عدد 58 المتعلق بمكافحة العنف ضد المرأة في تونس عام 2017، حاول الإعلام الترويج له لإيصاله للنساء ولكن تلك المساعي سجلت فيما بعد تراجعاً نتيجة العقلية الذكورية الموجودة حتى في الهياكل الرسمية كالقضاء، مشددة على أن "القانون يتطلب جهوداً أكثر في التعريف به، صحيح أن الجمعيات النسوية والحقوقية تعمل وفق قدراتها وامكانياتها وتحاول القيام بحملات المناصرة من أجل تطبيقه لكن ذلك غير كاف. أي يجب سن سياسة عمومية لنشره وتوعية النساء".