'خطوة المجلس الإسلامي إيجابية برفع سن زواج القاصرات ولكنها ناقصة'
في خطوة إيجابية ولكنها تبقى ناقصة، وافق المجلس الشرعي الإسلامي في لبنان بالأكثرية على تعديل نظام أحكام الأسرة وتحديداً فيما يتعلق بزواج القاصرين والقاصرات
كارولين بزي
بيروت ـ .
تعد المادتين 39 و40 من نظام أحكام الأسرة متناقضتين حول تزويج القُصر، هذا التناقض تتحدث عنه المسؤولة القانونية في التجمع النسائي الديمقراطي المحامية منال ماجد، وتقول لوكالتنا "عدّل المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى بنظام أحكام الأسرة، فاشترط في المادة 39 بأهلية كل من الخاطب والمخطوبة أن يتمّا الثامنة عشر منه، ثم عاد وألحقها بمادة أخرى وهي المادة 40 التي تنص على منع القاصر والقاصرة اللذين لم يتمّا الخامسة عشر من العمر من الزواج".
"الاستثناء يظلم القاصرات"
وأكدت منال ماجد أنه "يظهر من خلال المادة 40 أن هناك استثناء، وتم وضع شروط في المواد الملحقة وهي أن يتوفر لدى القاصر والقاصرة الرشد العقلي والجسدي والنفسي، وذلك بعد أن يخضعا لفحص طبي وعقلي من قبل طبيب وخبراء تقوم المحكمة الشرعية بتعيينهم"، وتلفت إلى الاستنسابية التي تنص عليها هذه المادة والتي يعود فيها القرار إلى قاضي الشرع الذي سيعقد القران، معتبرةً أنها "تلحق مجدداً الظلم بالقاصر التي تبلغ من العمر 15 سنة".
وتعلق على أن القاصر أو القاصرة في الخامسة عشر من العمر لا يتمتعان بالوعي والرشد الكافيين لاتخاذ خطوة الزواج وبناء عائلة، والدليل على ذلك أن الاتفاقيات الدولية ومنها اتفاقية حقوق الطفل التي حددت بالمادة الأولى منها بأن كل من هم دون الثامنة عشر من العمر يعتبرون أطفالاً، كما أن اتفاقية سيداو منعت تزويج القاصرات.
وتتطرق إلى القانون اللبناني الذي حدد سن الرشد القانوني للفرد بالثامنة عشر، إذ أنه يمنع من هم دون الثامنة عشر من حيازة رخصة القيادة أو توقيع العقود وحتى حق الاقتراع غير متاح لمن هم دون سن الـ21، بما أن القانون لا يعتبر أنهم مؤهلون لاتخاذ هذه القرارات، فكيف يتم السماح للقاصرين والقاصرات بالزواج؟
وتتابع "لا أنكر أن ما قام به المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى خطوة إيجابية نحو تشريع قانون "مش قبل الـ 18"، ومنع تزويج القاصرات، ولكن هذه الخطوة الإيجابية ناقصة بسبب الاستثناء، لأن الموضوع بات استنسابياً بالنسبة للقاضي الذي يقرر تزويج القاصر من عدمه وهنا نسأل من يقرر فعلياً أو يحدد أهلية ورشد القاصر؟".
وعن سبب إقرار الاستثناء، تشير منال ماجد إلى أنه "ربما تم إقرار هذا البند كي لا يتعارض مع مواد قانون العقوبات الـ 505 و518، التي تنص على أنه من جامع القاصر يُعفى من العقوبة في حال تزوج بها"، وتضيف "أعتقد أن هذا الاستثناء يأتي كي لا يتعارض مع قانون العقوبات أي أن كل شيء حلقة مرتبطة ببعضها البعض".
وتعود وتكرر "نحن نعتبر أن هذا الاستثناء فيه ظلم للقاصر أو القاصرة، كجمعية نسائية وجمعية تعنى بحقوق الإنسان ونتبع الاتفاقيات الدولية والإنسانية والتشريعية كلها التي تصب في مصلحة الطفلة والطفل، وبالتالي نتحدث عن إنسان لم يكتمل وعيه ورشده وإدراكه النفسي والجسدي والعقلي".
"ندعو لإقرار قانون موحد يمنع تزويج القاصرات"
وتؤكد بأن التجمع النسائي الديمقراطي تعاون مع العديد من الخبراء النفسيين والأطباء النسائيين والذين أوضحوا ما يمكن أن يشكله زواج القاصر من تبعات أو مشاكل صحية عليها.
وعن أهمية صدور هذا القرار عن مؤسسة دينية لا مؤسسة رسمية، أكدت أهمية هذا الموضوع ولفتت إلى أن التجمع النسائي الديمقراطي الذي تأسس منذ عام 1976 "هوجم كثيراً من قبل رجال الدين في البداية عندما أطلق حملة مش قبل الـ 18، وبالتأكيد رجال السياسة أيضاً، ولكن تبين مع الممارسة مدى الظلم اللاحق بالقاصرات بسبب الزواج المبكر، وارتفاع نسب الطلاق، مثلاً في التجمع شهدنا العديد من حالات الطلاق عند القاصرات". وسألت "هل يسمح رجال الدين والسياسيون لبناتهم أن يتزوجوا بسن صغيرة؟".
ولا زالت حملة مش قبل الـ 18 التي أطلقتها التجمع النسائي الديمقراطي عام 2017، مستمرة لغاية اليوم، لإقرار قانون يحمي الأطفال الموجودين على الأراضي اللبنانية من التزويج المبكر، في وقت شهدت فيه البلاد ارتفاعاً في عقود الطلاق خلال عام 2020، مقارنة بعام 2019 بنسبة 25%، بحسب الأرقام الرسمية.
وتؤكد منال ماجد بأن "حملة مش قبل 18 لعبت دوراً بأن يخطو المجلس الشرعي الإسلامي هذه الخطوة، بالإضافة إلى المؤتمرات التي نظمناها والفعاليات والنشاطات وحملات التوعية والتظاهرات وحملات التأييد كلها كان لها دور بذلك".
وتوجهت منال ماجد برسالة دعت فيها إلى إقرار قانون موحد يمنع الزواج لمن هم دون الـ 18 سنة من دون استثناء، وتختتم "المجلس الشرعي الإسلامي حدد سن الزواج عند الطائفة السنية وبالتالي نحن نحث الطوائف الأخرى لأن تحذو حذو المجلس الإسلامي لأن هذا الموضوع محض إنساني وندرك المعاناة التي تحصل بسبب الزواج المبكر".