خديجة تكروين: لا زلنا أمام قوانين تكرس الحيف والتمييز ونتطلع لتعديلها

تتطلع النسويات في المغرب إلى مضاعفة الجهود من أجل تحقيق مكتسبات تغير حياة النساء إلى الأفضل.

حنان حارت

المغرب ـ أكدت العضوة بفيدرالية رابطة حقوق النساء خديجة تكروين، أن النضال من أجل حقوق النساء لا يرتبط باليوم العالمي للمرأة، بل بنضال الحركات النسوية في المغرب.

ترى العضوة بفيدرالية رابطة حقوق النساء خديجة تكروين في حوار مع وكالتنا، أنه برغم المكتسبات التي تحققت للنساء المغربيات، وسن قوانين "ثورية" في مسار الدفاع عن حقوقهن، إلا أن بعض التشريعات بحاجة للتعديل بما يتماشى والمواثيق الدولية التي صادقت عليها المغرب.

 

بالتزامن مع اقتراب اليوم العالمي للمرأة، هل يكفي يوم في السنة لتسليط الضوء على ما تعانيه النساء من تمييز وحيف؟

اليوم العالمي للمرأة له دلالات وعبر تاريخية، فهو يذكر بأول احتجاج خاضته النساء في مدينة نيويورك سنة 1856، حين خرجت مجموعة من الأمريكيات العاملات للاحتجاج ضد سياسة الظلم والحيف الذي طالهن، وكان ذلك بمثابة الشرارة التي انطلقت منها انتفاضة النساء، حيث نجحن في الاعتراف لأول مرة بمطالبهن، لتعتمده بعد ذلك منظمة الأمم المتحدة بشكل رسمي يوماً عالمياً سنة 1977، وشكل بذلك يوماً رمزياً من أجل النضال وإقرار المساواة.

وكفدرالية رابطة حقوق النساء نواكب ونرصد كل الخروقات لرفع الظلم والتمييز عن النساء، لأن المسألة مرتبطة بمنظومة تحتاج إلى تغيير جذري يطال العقليات كما القوانين والتشريعات. وبالتالي لا ننتظر هذا التاريخ للوقوف على ما تعانيه النساء، فنضالنا مستمر طوال السنة، ولكن برغم ذلك هو يوم للتقييم والتأكيد على المكتسبات ورصد كل الإشكاليات والإكراهات التي تعترض تحقيق المساواة والتذكير أيضاً بكل المطالب ذات الصلة بالقوانين التي لا زالت تحمل تمييزاً بين النساء والرجال.

 

هل الاحتجاجات والمسيرات التي تقيمها الحركات والجمعيات النسوية تفاعلاً مع بعض الأحداث التي تنتهك حقوق المرأة، تكفي للنهوض بوضع النساء؟

المسيرات والاحتجاجات تعتبر واحدة من الآليات التي تعمل من أجل الضغط والترافع لتغيير القوانين التي نراها مجحفة، لكنها غير كافية، حيث تعمل الجمعيات على جميع الانتهاكات التي تطال النساء كقضايا العنف والاغتصاب والإجهاض وقضايا الأسرة وغيرها بالاحتجاج وتنظيم وقفات ومسيرات للتنديد والفضح والضغط من أجل تغيير القوانين وهي ليست الوسيلة الوحيدة للنضال، بل هناك أيضاً التوعية والتحسيس بقضايا النساء، لأننا نعتمد مقاربة شمولية.

 

ماهي القضايا التي تحتاج أن تناضل من أجلها الحركات النسوية في المغرب اليوم؟

يأتي الثامن من آذار هذا العام في إطار سياق نقاش مجتمعي حول تعديل مدونة الأسرة، فبعد 18 سنة من تطبيقها ظهرت مجموعة من الاختلالات والثغرات القانونية؛ فهناك مسألة تزويج القاصرات التي تحولت من استثناء إلى قاعدة، وهذا يعد خرقاً واضحاً للاتفاقية الأممية لحقوق الطفل وباقي الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب في هذا المجال.

لهذا نطالب بإلغاء الفصل 20 من مدونة الأسرة، الذي يخول لقاضي الأسرة المكلف بالزواج أن يأذن بزواج الفتى والفتاة دون سن الأهلية، وباقي النصوص التي يتم عبرها النفاذ إلى تزويج القاصرات، وتحديد أهلية الزواج في 18 سنة.

إضافة إلى قضايا النسب على اعتبار أن الأطفال سواء ولا يجب أن يطالهم التمييز. وهناك مسألة النيابة القانونية على الأبناء، فمدونة الأسرة تضع المرأة في المرتبة الثانية وبالتالي يتنافى فيها شرط المساواة، فهذه من الأولويات التي يجب إعادة النظر فيها عند تعديل مدونة الأسرة.

فالقانون المغربي يمنح الأم الحضانة ويجردها من الولاية الشرعية على اعتبار هذه الأخيرة تولى للأب بحكم الشرع، وبهذا نرى أن الزوجة يمارس بحقها حيفاً قاسياً في مقتضيات مدونة الأسرة بالمقارنة مع الزوج، حيث يبقى التمييز على أساس النوع حقيقة وجودية بقوة القانون، الذي لا يخول للأم أن تقوم بأي إجراء إداري لأبنائها في حضور الأب، مهما كانت مكانتها الثقافية والعلمية والتدبيرية، وهناك أيضاً منظومة الإرث التي تحتاج إلى تعديل، بحيث نعتبرها مجحفة بحق النساء ويشوبها التمييز، فنحن كجمعيات حقوقية نطالب بفتح نقاش حول الموضوع، لاعتبار أن مجموعة من الأسر الآن أصبحت تعولها المرأة، كما أن الإنفاق لم يعد حكراً على الرجل، وأن الضرورة الاجتماعية والاقتصادية تستوجب النضال من أجل المساواة في الإرث.

أما قانون محاربة العنف ضد النساء 13ـ 103، فبعد 4 سنوات من إقراره، برزت فيه مجموعة من الشوائب، لهذا نطالب كحركات نسائية بضرورة تعديله بما يضمن الحماية والوقاية وجبر الضرر.

كما نطالب بقانون يتضمن المواصفات الدولية ويحمي النساء من العنف بفلسفته وبديباجته ومنهجيته، ولا يقتصر فقط على الجانب الزجري، بل يجب أن يتضمن الحماية للنساء، وأن توضع له آليات لتفعيله، وأيضاً هناك القانون الجنائي الذي بات من الضرورة تعديله بما يضمن كامل الحماية للنساء والرجال، ويتماشى مع المواثيق الدولية ودستور 2011.

أؤكد أنه يجب أن يكون هناك تغيير شامل وعميق للقوانين التمييزية، من أجل وضع خطة عمل مشتركة، ورسم خارطة الطريق للترافع وتقديم مقترحاتها بخصوص قانون أسري يستجيب للواقع اليومي للنساء وللتطورات التي عرفها المغرب على المستوى التشريعي والاقتصادي والثقافي وللتحولات الاجتماعية.

 

هل استطاعت المغربية مواكبة التغيرات الحاصلة سواء على المستوى الاقتصادي أو الحقوقي أو الاجتماعي؟

على مستوى المغرب فإن الترسانة القانونية تشوبها مجموعة من المعوقات، وبالتالي فهي تنعكس بشكل سلبي على وضع المرأة الاقتصادي والاجتماعي، ورغم أن المشهد العام في المغرب نرى فيه نساء تلجن مختلف القطاعات، إلا أنه هناك عوائق كثيرة تقف أمامهن، فلو تم تعديل القوانين التي ننادي كحركات نسائية بتعديلها، فحتماً سينعكس ذلك على وضع النساء على جميع المستويات، فمثلاً على المستوى الاقتصادي نجد أن ولوج المرأة لمراكز القرار سواء في القطاع العام أو الخاص ضعيفاً، كما هناك عوائق تحد من عطائها وإنتاجيتها، فهناك المهام ومسؤوليات البيت الملقاة على عاتقها دون الرجل، بحيث لا نجد تقاسماً للأدوار، بالإضافة لعامل العنف الذي يعد أحد الأسباب التي تحد من عطاء النساء، فأي عنف يمارس عليهن يؤدي إلى تكلفة اقتصادية ويؤثر على وضعيتهن وعطائهن ومن ثم يؤثر في التنمية.

 

ماهي رسالتك للنساء في شمال إفريقيا والشرق الأوسط اللواتي تعشن نفس المعاناة؟

لا تزال المجتمعات في شمال إفريقيا والشرق الأوسط تحكمها القيود والعادات والتقاليد البالية كما أن السلطة الأبوية سائدة بشكل كبير، وهو ما يؤثر على وضع النساء، علينا العمل جميعاً من أجل تغيير أولاً العقليات حتى نتمكن من تغيير وضع النساء من خلال اعتماد مقاربة شمولية تضمن الحماية للنساء، وكحركات نسائية نحن مستمرات في النضال من أجل إحقاق الحقوق الإنسانية كاملة غير منقوصة.