"دليل الأمان حقّي" مبادرة لحماية أطفال تونس من الاعتداءات
لحماية الأطفال من الاعتداءات الجنسية، أصدر المنتدى التونسي للحقوق الاقتصاديّة والاجتماعية دليلاً تحت عنوان "دليل الأمان حقّي" يستهدف الأولياء والمؤسسات المعنية بالأطفال بين عمر 6 و16 سنة.

نزيهة بوسعيدي
تونس ـ في إطار متابعته ورصده للانتهاكات التي تمس الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للنساء والأطفال، أعلن منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية عن إعداد دليل "الأمان حقي" باعتبار أن الشعب التونسي اليوم بحاجة ماسة إلى سياسات عمومية شاملة تكون في مستوى تطوّر الإطار التشريعي لحماية الأطفال، وتترجم الالتزام الوطني والدولي بحقهم في الحماية والحياة الكريمة.
دليل "الأمان حقي" هو خطوة في إطار جهد جماعي مدني لحماية الطفولة من تبعات سياقات سياسية واقتصادية واجتماعية مأزومة ومواجهة الواقع بشجاعة دون خوف أو تهاون أو تأجيل.
خلود فايزي محررة الدليل وناشطة حقوقية ومختصة في مجال النوع الاجتماعي وحقوق الإنسان قالت لوكالتنا "في إطار اهتمام المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية برصد ظواهر اجتماعية واقتصادية كان هناك ارتفاع في عدد الأطفال ضحايا التحرش ونقص كبير في الإطار التربوي وخاصة في المناهج التربوية التي تهتم بوسائل حماية الأطفال وتوعيتهم حول هذا الإشكال بوسائل غير صادمة للطفل أو جريئة أكثر من اللزوم".
وأوضحت أن المنتدى طلب منها في الإطار الذي سبق ذكره أن تعمل على دليل للأطفال بداية من سن الـ 6 سنوات إلى 16 سنة، فتم الاتفاق على إعداد دليلين، دليل لمن يبلغ من العمر 6 إلى 10 سنوات، ودليل للأعمار التي تتراوح بين 11 ـ 16 عام، لأن طريقة الخطاب تكون مختلفة والرسالة التي يتم إيصالها تختلف بين طفل عمره 7 سنوات وطفل عمره 13 سنة.
التدريب والتوعية
وأوضحت أنه "في الأعمار الصغيرة يتم التركيز على السلامة الجسدية للطفل فنعلمه كيف يرفض التلامس الجسدي من أي إنسان خاصة من أصدقائه لأنه توجد العديد من الحالات التي تحدث بين الأطفال فيما بينهم وهناك حوادث تحدث من قبل الأقارب أو من أي شخص كبير"، لافتةً إلى أنه "يمكن أيضاً أن نعلمهم أين يتجهون لتقديم الشكوى ونعلمهم ما هو السر العادي وما هو السر الذي يتوجهون به إلى الوالدين".
وأشارت إلى أن الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 11 ـ 16 سنة تكون تأثيرات التحرش الجنسي أكبر "نعلمهم الفرق بينه وبين المجاملة ونحاول أن نجعل الطفل يثق في إحساسه ويرفض أي شيء يشعره بالقلق".
وأفادت خلود فايزي أنه تم اختيار اسم الأمان حقي للدليل والتركيز على الأمان الرقمي لأن الطفل في هذا العمر يجب أن يعرف السلامة الرقمية بمعنى ألا يتحدث مع غرباء على مواقع التواصل الافتراضي وألا يرسل صوره لأحد، مضيفةً "الدليل منشور للعموم بطريقة مجانية ويمكن الاطلاع عليهما من قبل الإطار التربوي أو الأولياء".
وبينت أن المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية سينظم دورة تدريبية من 16 ـ 19 تشرين الأول/أكتوبر الجاري، وسوف تقوم خلالها بتدريب أولياء ومؤطرين في كيفية استعمال هذه الأدلة، ودعت المؤسسات التربوية لتواصل معهم.
وأشارت إلى أن هذا الدليل يحترم ثقافة المجتمع التونسي ويمكن للولي أو المربي في رياض الأطفال أن يعتمده حتى عمر الأربع سنوات، خاصة وأنه يحتوي قصصاً مصورة بأسماء أطفال والجدة وغيرها بمعنى يشبه تركيبة العائلة التونسية، كما تتم متابعة رحلة الحماية عن طريق التدريب الإضافي الذي يؤمنه المنتدى.
وأوضحت أن موضوع التحرش الجنسي حساس نوعاً ما ومسكوت عنه وصعب على الإطار التربوي أو الأولياء الذين يريدون التحدث حوله للأطفال الصغار لكنهم يخشون ألا يفهم بصفة جيدة أو يتم اعتماد كلمات خادشة للحياء.
أداة عملية لمساعدة الأطفال
وأضافت "انطلاقاً من هذه الوقائع المقلقة بادر المنتدى إلى وضع هذا الدليل ليكون أداة عملية تساعد الأطفال على فهم أجسادهم وذواتهم وتوعيتهم بضرورة رفض أي سلوك أو لمس يثير قلقهم أو يضر بهم، كما يهدف إلى ترسيخ ثقافة الإيمان والوعي بالحقوق لدى الأطفال والفئة الشابة وتمكين الأولياء والمربين من أدوات عملية للتربية على الوقاية وحماية الأطفال والمراهقين من مخاطر التحرش والعنف الجنسي".
وأكدت خلود فايزي أن الدليل يهدف أيضاً إلى تشجيع الأطفال على التواصل مع والديهم أو أساتذتهم أو أي شخص محل ثقة في حال تعرضهم لموقف يهدد سلامتهم، مشيرةً إلى أنه تم إعداد الدليل وفق مقاربة حقوق الإنسان ومقاربة النوع الاجتماعي مع الحرص على أن يكون ملائماً للثقافة التونسية وقيم المجتمع كما راعى القائمون على المشروع تبسيط المحتوى ليكون في متناول الأطفال مع تخصيص مواد مناسبة للفئات العمرية من 6 إلى 10 سنوات ومن 11 إلى 16 سنة.
وتجدر الإشارة إلى أن قطاع الطفولة في تونس مُنهك إذ قُدرت الكلفة الاقتصادية والاجتماعية للعنف المسلط على الطفل في تونس 2.6 مليار دينار في عام 2022 في حين لم يتجاوز الإنفاق على الوقاية ورعاية الضحايا 35 مليون دينار.
ووفقاً لمعطيات المرصد التونسي الاجتماعي يمثل العنف ضد الأطفال حوالي 2.15 بالمائة من إجمالي حالات العنف المسجلة سنة 2025 ما يؤكد أن التحرش والعنف الجنسي لم يعودا مجرد وقائع معزولة بل تحولا إلى ظاهرة اجتماعية تتطلب مواجهة جدية وشجاعة.