إشراق المسطاسي: زواج القاصرات هو اغتصاب للطفولة

منذ تعديل مدونة الأسرة في المغرب عام 2004 لم تحقق الحاجة المرجوة منها في وضع حد لتفشي ظاهرة زواج القاصرات على الرغم من رفعها السن القانوني للزواج إلى 18 عاماً.

حنان حارت

المغرب ـ حذرت الناشطة الحقوقية إشراق المسطاسي من المخاطر المترتبة على زواج القاصرات في المغرب سواء على الفتيات أو الأسرة والمجتمع، مؤكدة على ضرورة تكثيف الجهود لوضع حد لهذه الظاهرة ومعالجتها.

دعت رئيسة جمعية زهور بني ملال لدعم النساء في وضعية صعبة إشراق مسطاسي إلى ضرورة إلغاء إذن السماح بالزواج الذي يمنحه القاضي للقاصر "ظاهرة زواج القاصرات باتت معضلة أثارت نقاشاً حقوقياً وقانونياً واسعاً في المغرب، وهناك مطالب حقوقية بضرورة إيجاد حلول للحد من تفشيها لما لها من تبعيات بالدرجة الأولى على الفتيات اللواتي تحرمن من طفولتهن وتهدد حياتهن وتسلبهن حقوقهن وبالتالي تؤثر على الأسرة والمجتمع برمته، واستمرار تفشي هذه الظاهرة وعدم وضع حد لها أو عدم تطبيق القوانين المعنية بها هو بحد ذاته اغتصاب للطفولة".

وأكدت أن منع زواج القاصرات يحتل حيزاً هاماً في النقاشات التي تجريها المؤسسات النسوية "السن القانوني للزواج في المغرب هو 18 سنة، وهناك ضرورة ملحة لإلغاء مقتضيات القانون 20 و21 و22 من مدونة الأسرة والتي أعطت الحق لقاضي شؤون الأسرة في الموافقة على زواج القاصر أو القاصرة إذا ما كانت هناك مصلحة في ذلك وبعد استشارة ذوي القاصر والاستعانة بخبرة طبية أو إجراء بحث اجتماعي، لذلك يجب إلغائها لسد الثغرات القانونية التي تسمح بزواج القاصرات، والفتيات يجب أن تحصلن على كافة حقوقهن وعلى رأسها التعليم والتمتع بطفولتهن".

وأوضحت أن جمعية زهور تعمل بالشراكة مع الشبكة الوطنية للفضاءات المتعددة الوظائف للنساء "الشبكة تعد آلية للتنسيق الوطني بين مراكز وفضاءات مهمتها استقبال النساء الناجيات من العنف وأطفالهن، كما تقدم سلسلة من الخدمات المتلائمة والمتناسقة لتمكينهن اقتصادياً واجتماعياً، مع رصد الخلل الناجم عن ضعف تطبيق القوانين التي تمنحهن حقوقهن"، مشيرةً إلى أن هذا التكتل الجمعوي النسائي ينخرط أيضاً في ورش لإصلاح مدونة الأسرة المغربية من خلال تحليل ومعالجة مكامن الخلل بالاستناد إلى ما تم رصده من معطيات مرتبطة بالحالات الواردة إلى الفضاءات المكونة للشبكة.

وبينت أن مقترحات الشبكة الوطنية للفضاءات المتعددة الوظائف للنساء نابعة من العمل الدائم للجمعيات المنضوية تحت رايتها "نعمل على تعديل فصول عديدة من مدونة الأسرة على رأسها وضع حد لزواج القاصرات ومسألة العودة لبيت الزوجية، كما قدمنا عدة مقترحات من بينها مسألة الولاية القانونية فهي تحتاج إلى إعادة النظر فيها بأسرع وقت، حيث لابد أن تكون الولاية مشتركة بين الأم والأب سواء خلال الزواج أو بعد وقوع الطلاق"، لافتةً إلى أنه بعد الطلاق تتعرض الأمهات لإشكاليات كثيرة خاصة تلك التي تتعلق بالحصول على الوثائق الإدارية أو نقل أطفالها من مدرسة لأخرى.

 وقدمت جمعية زهور بني ملال لدعم النساء في وضعية صعبة مؤخراً مذكرة ترافعية من أجل مراجعة شاملة لمدونة الأسرة بحسب قولها "المدونة الجديدة التي تنتظرها كافة مكونات المجتمع المغربي، يجب أن تراعي مبدأ من غير المقبول أن نعطي للزوجة الحضانة ونقيدها بإذن الزوج وتوقيعه، كما تتجلى أهداف الجمعية في التمكين الاقتصادي للنساء في وضعية صعبة، ونحاول دمجهن في المجتمع باعتماد المؤهلات العلمية ودور الفضاءات المتعددة الوظائف للمرأة في التكفل بالنساء ضحايا العنف من الحماية إلى التمكين الاقتصادي".

وفي ختام حديثها طالبت إشراق مسطاسي بمراجعة عميقة للمدونة على ضوء ما خضع له المغرب من تحولات على مستويات منها الوضع السوسيو - ديموغرافي والبنية الأسرية والمنظومة التشريعية، مشددةً على أهمية التمكين الاقتصادي باعتباره أحد الآليات المساهمة في القضاء على العنف ضد النساء، بحيث أن القضاء على الفقر وتمكينهن اقتصادياً من شأنه الحد من ظاهرة العنف المسلط ضدهن.