عاملات المنازل بحاجة لمظلة قانونية تحميهن من الاستغلال والاتجار

تعاني النساء في أماكن عملهن بشكل عام لكونهن إناث لا تشعرن بالعدالة الجندرية، وفئة عاملات المنازل هن الأكثر عرضة للاستغلال والاتجار ومختلف أشكال الانتهاكات.

أسماء فتحي

القاهرة ـ فئة عاملات المنازل عادة ما تعانين في صمت وتقعن في قبضة الاستغلال المستمر، بل وصل الحد للاتجار بهن في شبكات دعارة مستترة والأمر يزداد سوءاً يوماً تلو الآخر لعدم شمولهن بالقانون الذي يمثل لهن الحماية داخل بيئة عملهن التي تتعرضن فيها لمخاطر كبيرة وانتهاكات تنال من حقوقهن الإنسانية.

آية سالم المسؤولة في الجمعية المصرية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بحلوان، والتي جعلت من المطالبة بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية لعاملات المنازل أولوية في أنشطتها وتعتبرهن فئتها المستهدفة التي توجه لها الكثير من البرامج التوعوية والخدمية، أوضحت لوكالتنا في حوار معها عن حجم المعاناة وأدوات التعامل مع أزمات عاملات المنازل.

 

الجمعية المصرية في حلوان مختلفة نسبياً عن غيرها ما هي أهم مجالات عملكم هناك؟

الجمعية تهتم بالأساس بقضايا النساء وحقوقهن ونحن نعمل على عدد من المشاريع أهمها حقوق عاملات المنازل لكونهن الفئة التي نستهدفها بأنشطتنا وبرامجنا، ونقدم لهن الدعم النفسي والاجتماعي والاقتصادي، فضلاً عن البرامج التوعوية والتدريبية التي تهمهن كالاتجار بالبشر وسبل الدفاع عن حقوقهن.  

وهذه الفئة لها خصوصيتها لأن مظلة القانون لا تشملهن، وبالتالي فهن معرضات طوال الوقت للاستغلال والابتزاز بصوره المختلفة وهو الأمر الذي جعلنا نضع العمل معهن على رأس برامجنا في الجزء الميداني.

 

لمدينة حلوان خصوصية شديدة فما هي أبرز الأزمات التي تعاني منها النساء هناك؟

أهم الأزمات التي تعاني منها المرأة في حلوان تتمثل في عدم القدرة على التعبير عن الرأي بشكل عام لأن المجتمع إلى حد كبير منغلق، وبالتالي لا تدرك الكثيرات إلى أين تتوجهن إن تعرضن لأي انتهاك.  

وثقافة طلب الدعم تكاد لا تكون موجودة لأن الخبر سينتشر فالأهالي أغلبهم يعرفون بعضهم والمدينة بها الكثير من المناطق العشوائية التي يمكن أن توصم بها النساء لمجرد طلبهن الدعم.

وأزمة المناطق الشعبية تتمثل في الوصم المجتمعي لكون الأخبار والتفاصيل الخاصة يمكن بسهولة تناقلها دون أي حدود أو محاذير وهو الأمر الذي يكبل النساء ويمنعهن من طلب الدعم أو حتى اللجوء للقضاء في بعض الانتهاكات التي يتعرضن لها من حين لآخر.

 

التعامل مع عاملات المنازل أمر شائك لعدم شمولهن بالمظلة القانونية فكيف تقدمون ذلك على أرض الواقع؟

بالفعل القانون لا يشمل عاملات المنازل والمزارعات بحمايته وبالتالي نعمل قدر الممكن على حقوقهن الاقتصادية والاجتماعية نظراً لكونها مهدورة بدرجة كبيرة والكثيرات منهن تتعرضن لانتهاكات تصل لحد الاغتصاب أو العنف الجسدي وأحياناً الحبس بتهم ملفقة.

فعاملات المنازل لديهن الكثير من المشاكل منها عدم وجود تعاقد للعمل مع مسؤول الأسرة التي تعملن لديها، فضلاً عن غياب ثقافة احترامهن وتقديرهن وحتى اليوم يلقبن بـ "الشغالات والخادمات"، وهو الأمر الذي جعلنا نهتم بتصحيح المفاهيم ليتم التعامل معها ومناداتها بـ "عاملة المنزل أو المرأة التي تساعدني" بدلاً من التعبيرات المهينة التي تستخدم في أغلب الأوقات.

ويمكن بسهولة اتهامها بالسرقة أو أي شيء للتهرب من دفع الأجر ولأنها خارج المظلة القانونية ولا يربطها مع الأسرة عقد عمل فيسهل افتعال أية مشكلة في لحظة ويضيع مستقبلها.

 

تتعرض عاملات المنازل لانتهاكات بالجملة فما هي الآليات التي تمكنهن من ضمان حقوقهن الإنسانية؟

آخر مشروع نفذناه عن بناء قدرات عاملات المنازل حول مفهوم الاتجار بالبشر والسبل التي تمكنهن من معرفة ذلك ومواجهته حتى لا تصبحن سلع يتم استغلالهن.

وواحدة من القصص التي وردت إلينا كانت لفتاة تتعامل مع مكتب التخديم الذي يوزع العاملات على المنازل وتم إلقاء القبض عليها كجزء من شبكة منافية للآداب وهنا وقعت الفتاة في قبضة القانون.

وتلك القصة ليست الوحيدة من نوعها ولكنها متكررة والأزمة أنه بعد القبض على عاملة المنازل وإخبار السلطات بمكان مكتب التخديم فجأة يصبح لا وجود له، وهو الأمر الذي جعلها تسجن فعلياً على جرم لم ترتكبه لمجرد أن هناك من يتاجر بحاجتها وغيرها من النساء اللائي تقررن لأسباب مختلفة امتهان هذا العمل.

ولابد من وجود قانون ونصوص تضمن حقوق تلك الفئة لكون هذا النوع من العمل موجود بالفعل والنساء فيه تتعرضن لانتهاكات وتعديات تنال من كرامتهن وحقوقهن الإنسانية، ولابد من وجود تعاقد بين عاملة المنزل والأسرة يضمن حقوق الطرفين كأي نوع عمل آخر حتى يحتكم إليه كلاً منهما حال حدوث خلاف ولا يجعل عاملة المنزل في قبضة الأسرة طوال الوقت.

ولابد من وجود تأمينات تحميهن سواء الاجتماعي منها أو الصحي وجميعها أمور تحمي الطرف الأضعف وهو عاملة المنزل من الاستغلال الذي يصل لحد الاتجار بها.

 

ما الدور الذي يجب أن تقوم به المؤسسات النسوية تجاه عاملات المنازل، وماذا عن خططكم المستقبلية؟

الجانب التوعوي هام للغاية سواء لعاملات المنازل أنفسهن لكون الكثيرات منهن بحاجة للتعرف أكثر على حقوقهن، وأيضاً للمجتمع الذي يجب أن يدرك أن لهن حقوق لا يجب النيل منها كالعمل الآمن الذي يحفظ كرامتهن.

والجزء الآخر يتمثل في الدعم النفسي والاقتصادي من خلال المشاريع لكونهن دائماً تتعرضن للمخاطر لأنهن لا تستطعن في أوقات كثيرة العمل لأسباب مختلفة منها المرض أو عدم وجود فرصة ومكان يمكنهن تقديم تلك الخدمة له.

ومن أهم الإنجازات التي حققناها في ملف عاملات المنازل معرفة الكثيرات أنه يتم استخدامهن في الاتجار وأنهن سلع يتم تبادلها دون إدراكهن، وأصبح لدى الكثيرات الوعي بحقوقهن وترفضن أي ممارسات تنال منهن.

وعن عمل المؤسسة في هذا العام فسيتم تكثيف العمل على حملات توعية داخل الجامعة مع الطلبة وهم بدورهم ينقلوها للأهل بشأن حقوق عاملات المنازل، وقمنا بإنشاء وحدة جديدة داخل المؤسسة لمناهضة العنف ضد المرأة ونستقبل خلالها الحالات التي تحتاج لدعم ونحدد احتياجها ونقدم لها الخدمة.