تلوث الهواء وتأثيراته الخطيرة على صحة الإنسان
تلوث الهواء أحد المسببات الرئيسية للأمراض مثل السكتة الدماغية والسرطان وأمراض القلب، التي تزداد كل يوم في كافة أنحاء العالم، وللحد من هذه الأمراض يجب العمل على عدة قضايا كالانبعاثات الصناعية والتخلص غير السليم من النفايات.
روجين قادري
أرومية ـ يعد تلوث الهواء من أكثر الأسباب المؤدية إلى تدهور التنوع البيولوجي، ويعود العامل المباشر لظهور التلوث إلى التأثير السلبي للإنسان، وللتخلص من أثار التلوث السلبية يجب الحد من مسبباته.
يعتبر تلوث الهواء الناجم عن الجسيمات العالقة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أحد العوامل الرئيسية الثلاثة التي تؤثر على زيادة الأمراض المرتبطة بالسكتة الدماغية، والتي شكلت قرابة 27.1 % من إجمالي عبء هذه الأمراض في عام 2019 كما يُعرف هذا النوع من تلوث الهواء بأنه عامل الخطر السادس في تقليل سنوات الحياة الصحية بسبب الإعاقة (DALYs) في هذه المناطق.
وفي إيران عدة ملوثات رئيسية للهواء، وهي أول أكسيد الكربون، والجسيمات الدقيقة والأوزون، وثاني أكسيد الكبريت، وثاني أكسيد النيتروجين. إن التأثير المدمر لهذه التلوثات على صحة الإنسان كبيرة جداً؛ وفقًا لمركز أبحاث تلوث الهواء في جامعة طهران للعلوم الطبية، فإن تلوث الهواء هو السبب في حوالي 40 ألف حالة وفاة في إيران كل عام، منها 4000 ـ 5000 حالة وفاة تحدث فقط في مدينة طهران.
يواجه وضع مؤشر نظافة الهواء في إيران تحديات خطيرة في مجال تلوث الهواء. في عام 2022، كان متوسط مؤشر جودة الهواء (AQI) في إيران عند المستوى "المعتدل" بمتوسط 94 وهذه الكمية (2.5م)، يشير إلى تركيز الجزيئات العالقة أقل من 2.5 ميكرومتر، كانت أعلى بمقدار 6.5 مرات من الحد الذي أوصت به منظمة الصحة العالمية.
وفي عام 2019، كانت إيران من ضمن فئة "التلوث المعتدل" حيث بلغت قراءة (2.5 م) 24.27 ميكروغرام لكل متر مكعب، وهذا الرقم وضعها في المرتبة 27 بين دول العالم. في بعض المدن الكبرى في إيران، مثل هنديجان، يكون مستوى التلوث مرتفعاً بشكل ملحوظ وهو على مستوى "غير صحي للمجموعات الحساسة". على سبيل المثال، في عام 2019، بلغ متوسط تلوث الهواء في مدينة هانديجان السنوي (2.5 م) 38.2 ميكروجرام لكل متر مكعب، مما يشير إلى وجود خطر كبير على الأشخاص الحساسين مثل الأطفال والحوامل وكبار السن والأشخاص الذين يعانون من ضعف المناعة.
وفي طهران ينجم حوالي 80 % من تلوث الهواء عن السيارات، مما يوضح أهمية التركيز على تقليل انبعاثات السيارات فيها، وتشمل مصادر التلوث الأخرى الانبعاثات الصناعية والتخلص غير السليم من النفايات. وبناءً على هذه المعلومات، فإن اتخاذ تدابير وقائية مثل تجنب الأنشطة الخارجية خلال فترات ذروة التلوث واستخدام أقنعة ترشيح الجسيمات عالية الجودة يمكن أن يساعد في تقليل الآثار السلبية الناجمة عن ارتفاع مستويات التلوث.
تقول الدكتورة م. ق من أورمية عن تأثير الجسيمات الدقيقة في ساعات المساء على نظام القلب والأوعية الدموية مما يزيد من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية "يمكن أن يؤثر تلوث الهواء، وخاصةً وجود الجزيئات الدقيقة خلال ساعات المساء على وظائف القلب والأوعية الدموية ويزيد من احتمالية الإصابة بالسكتة الدماغية هذه الجزيئات الصغيرة قادرة على التدفق بسهولة في مجرى الدم والتسبب بالالتهاب والإجهاد التأكسدي في جدران الأوعية الدموية والتي يمكن أن تؤدي إلى تصلب وتضييق الأوعية الدموية، مما يزيد من خطر الإصابة بجلطات الدم والسكتة الدماغية في نهاية المطاف، كما أن هذه الجزيئات يمكن أن تهيج الأوعية الدموية وتقلل من مرونتها، مما يؤدي بدوره إلى ارتفاع ضغط الدم وزيادة الضغط على نظام القلب والأوعية الدموية".
وأكدت أن "العديد من الدراسات التي أجريت في السنوات الأخيرة بحثت في العلاقة بين تلوث الهواء وزيادة خطر الإصابة بالسكتة الدماغية، حيث تظهر هذه الدراسات، معدل الإصابة بالسكتة الدماغية بشكل ملحوظ في المناطق التي ترتفع فيها مستويات تلوث الهواء، وخاصة التلوث الناجم عن الجسيمات الدقيقة خلال الساعة 10 مساءً و2.5 مساءً".
وأوضحت أن هذه الدراسات الميدانية "تشمل تحليل البيانات واسعة النطاق، وتشدد على أهمية مراقبة جودة الهواء ورفع مستوى المعايير البيئية للحد من هذه المخاطر، وتؤكد هذه النتائج أيضاً على أن تحسين جودة الهواء يمكن أن يكون أحد أكثر الطرق فعالية للوقاية من السكتة الدماغية".
كذلك تؤكد الخبيرة البيئية س. م على أن المصادر الرئيسية لتلوث الهواء في إيران ومنطقة الشرق الأوسط هي في الغالب غازات ناتجة عن السيارات والأنشطة الصناعية، واحتراق الوقود الأحفوري في محطات الطاقة، والعوامل الطبيعية مثل الغبار والجسيمات الدقيقة.
وأشارت إلى أنه "للتعامل مع هذه الملوثات، يجب وضع استراتيجيات مثل تعزيز استخدام الطاقة المتجددة والنظيفة، وتحسين المعايير البيئية للسيارات والوحدات الصناعية، وتحسين وتوسيع شبكات النقل العام من أجل الحد من استخدام السيارات الخاصة، وتطبيق قوانين أكثر صرامة للتحكم في الهواء. إضافة إلى الوعي العام والتعليم حول أهمية جودة الهواء وتأثيراتها على الصحة كجزء أساسي من استراتيجيات الحد من تلوث الهواء".
وشددت على أن "التدابير الوقائية مثل بناء السدود التي يمكن أن تؤدي إلى إزالة الغابات وزيادة الملوثات وتشجيع زراعة الأنواع النباتية والأشجار والحفاظ عليها لتنقية الهواء الطبيعي هي أيضاً تدابير مفيدة في هذا المجال".
وتعتبر أن السيارات القديمة في إيران واحتكار استيراد وإنتاج سيارات منخفضة الجودة أحد العوامل الرئيسية التي تؤثر على جودة الهواء "تنتج المركبات القديمة والمتهالكة المزيد من الغازات الدفيئة والجسيمات الخطيرة بسبب انخفاض معايير التحكم في الانبعاثات والتكنولوجيا التي عفا عليها الزمن، كما أن احتكار استيراد وإنتاج السيارات ذات الجودة المنخفضة، تسبب في تقليل الحافز لتحسين المعايير البيئية والابتكار في تقنيات السيارات".
وأكدت أن هذه الظروف "تؤدي إلى زيادة تلوث الهواء في المناطق الحضرية، الأمر الذي لا يضر بالبيئة فحسب، بل له تأثير سلبي أيضاً على الصحة العامة، ويتطلب الحد من هذا التلوث سياسات إدارية قوية، وتشجيع صناعة سيارات ذات الانبعاثات المنخفضة وتحسين المعايير البيئية للسيارات".