ريهام حلمي: العدالة المناخية تتطلب إدماج وإشراك حقيقي للمجتمعات

العدالة المناخية واحدة من أهم الإشكاليات العالقة على ساحة النقاشات المحلية والدولية لكونها تحتاج للكثير من المسارات الإجرائية الداعمة للشعوب، فضلاً عن معدلات التكيف التي تتطلب دراسة كل نطاقات التأثر وغيرها من الأمور التي تحتاج لمزيد من البحث والتفنيد.

أسماء فتحي

القاهرة ـ مجموعة من المعوقات تحول دون تحقيق العدالة المناخية وعدد كبير من الإشكاليات تحتاج لدراسة حقيقية ومنها حق الدول النامية بدعمها في التكيف في ظل ما حدث من تغيرات مناخية متأثرة بالانبعاثات الخاصة بالدول الأكثر تطوراً خلال العقود الماضية وهو الأمر الذي يحتاج لتحمل المسؤولية والإشراك الحقيقي للشعوب حتى تحدث النجاة الجماعية.

النساء من أكثر الفئات المتضررة بتلك التغيرات لما تكابدنه من أعباء إضافية ومنها الأدوار الاجتماعية والاقتصادية داخل الأسرة وخارجها، مما يجعلهن أكثر حاجة للدمج عند الحديث عن السياسات الدولية المتجهة نحو تحقيق العدالة المناخية خاصة كونهن عرضة للعديد من أشكال العنف المستندة للنوع الاجتماعي بجانب ما يتحملنه من أعباء ناجمة عن التحولات البيئية المفاجئة.

 

المسار الدولي لتحقيق العدالة المناخية

قالت ريهام حلمي مديرة مركز"Enviro x" للتنمية والحلول، وعضوة مجلس السياسات الدولية عن التغيرات المناخية في منتدى الغذاء العالمي، إن العدالة المناخية هي أساس الاتفاقية الإطارية للتغيرات المناخية.

وأوضحت أن هناك دول ذات أنشطة صناعية استهلكت كميات كبيرة من الوقود الأحفوري، بالإضافة للحديد وهو ما يتسبب في إنتاج كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون الذي بالتبعية تنتج عنه التغيرات المناخية، ومن خلال ذلك توضع الاتفاقيات الضامنة لحقوق الدول التي لم تسهم في تلك الأزمة ولكنها تأثرت بها ومنها الدول النامية والأقل نمو.

وأكدت أن الحديث عن العدالة المناخية يعني عدالة توزيع الثروات والمسؤوليات، مضيفةً أن المسؤولية تقع على الدول المتطورة اقتصادياً وتكنولوجياً في دعم الدول الأقل نمواً وتطوراً والأخرى التي في طور النمو لما لاقته من آثار التغيرات المناخية ومنها ارتفاع مستوى سطح البحر، وتدهور التربة وانخفاض جودة المحاصيل، وتشتت السكان وتفرقهم بسبب العواصف والفيضانات وغيرها من الأمور.

 

تحقيق العدالة المناخية

وبينت ريهام حلمي، أن العدالة المناخية للدول التي لم تسهم في أزمة المناخ تشمل الكثير من الأشياء ومنها الدعم المالي حتى يتمكنوا من التكيف مع التغيرات المناخية وتجاوز ما يحدث من خسائر اجتماعية واقتصادية نتيجة لها.

وترى أن هناك أهمية كبيرة للنظر في آثار التغيرات المناخية الاجتماعية والاقتصادية وأثرها على الشعوب، بالإضافة إلى العمل على دمج هذه المجتمعات في عملية اتخاذ القرار باعتبارهم صوت أساسي وداعم للسياسات المستجيبة للتغيرات التي تحدث لهم.

وشددت على ضرورة تنقيح السياسات الدولية ودمجها في الأطر المحلية سواء عن طريق القانون أو المجالس التشريعية وكذلك المحلية لسلك خطوات في طريق العدالة المناخية.

وباعتبارها جزء من منظمة الغذاء الدولي تمثل مجموعة من الشباب المحلي والإقليمي فيما يخص تطورات الاتفاقية الإطارية للتغيرات المناخية في الأنظمة الغذائية التي تضمن الزراعة والحصاد والتصنيع وصولاً للبيئة كأحد أشكال الدمج الذي تتحدث عنه. لافتةً إلى أن العلاقة بين المجتمع والتغيرات المناخية والسياسات والتأثير الاقتصادي عليه من أساسيات تحقق فكرة العدالة بعيداً عن النظرة القاصرة على حصرها في القضايا البيئية فقط.

 

واقع النساء من التغيرات المناخية

وأكدت ريهام حلمي أن النساء من فئات المجتمع الهشة والتي يتم تحييدها عن الرؤية نوعاً ما لذلك فهن أكثر الفئات تأثراً وتضرراً من التغيرات المناخية، وأنهن يتحملن عبء الأدوار الاجتماعية المنوطة بهن وبالتالي يتأثرن على العديد من الأصعدة منها الصحي على سبيل المثال فالمرأة تقوم برعاية الأسرة والمساهمة في الأنشطة الاقتصادية وعادة ما تحصل على أجر منخفض دون غطاء من الحماية الاجتماعية وأية ضمانات للحقوق بالإضافة إلى العنف القائم على النوع الاجتماعي الذي تتعرض له والتسرب من التعليم والزواج مبكراً والمحاباة الصحية للذكور على حساب الإناث.

وأشارت إلى أن المرأة تتحمل كذلك أدوار تساهم بشكل مباشر في دعم النسيج المجتمعي والاقتصاد نفسه المتأثر بالتغيرات المناخية والانشطة التي يتم غض البصر عن عوائدها كرعاية الأسرة والعناية بالمرضى وكبار السن داخل أسرتها فضلاً عما تقوم به من أعمال خلال فترة الحصاد في ممتلكات الأسرة الزراعية ونقل المواد من مياه لغيرها وتصنيع الشباك كجزء من روتينها اليومي دون أية عوائد لكل ذلك.

وبينت أن الكثيرات تقمن بتلك الأدوار أياً كان ما يمرون به من إجهاد وعناء ومرض في بعض الأحيان دون أية اعتبارات مادية لها أو حتى معنوية، لافتةً إلى أن هناك غياب للسياسات المستجيبة لاحتياجات المرأة وكذلك النظم الاجتماعية القادرة على حمايتها فضلاً عن غيابها عن معادلة الميراث خاصة في المناطق الريفية وغيرها من الأمور التي تتطلب البحث المتعمق في ذلك الملف.

 

معوقات تحقيق العدالة المناخية

وأوضحت ريهام حلمي، أن هناك الكثير من المعوقات التي تحول دون تحقيق العدالة المناخية ومنها غياب التمويل اللازم لدعمها في المجتمعات، فضلاً عن غياب الوعي بأبرز مستجداتها وكذلك التغيرات التي قد تؤثر على الشعوب المحلية، وعدم توفير التكنولوجيات التي يمكن بها مساعدة المجتمعات للتصدي لعواقب التغيرات المناخية.

واعتبرت أن المعوقات كذلك تشمل غياب الدور الأصلي للمجتمع في تكوين سياسات داعمة لاحتياجاته لأن كل مجتمع محلي له احتياجات مختلفة من نطاق للآخر وهو ما يتطلب الإشراك الحقيقي لمعرفة مثل تلك التفاصيل حتى تكون النتائج واقعية ويمكن التعامل مع الخلل البيئي المؤثر على الأفراد.

ولفتت إلى أهمية وجود آلية غير مركزية لدعم المجتمعات بناء على ما يتعرض له ويواجهه من تحديات مناخية لذلك فالمركزية أحد أبرز المعوقات التي تحول دون وضع حلول مستجيبة للمجتمعات بشكل واقعي وقابل للتنفيذ ومقبول لديهم.

 

توصيات تساعد في تحقيق العدالة المناخية

وأكدت ريهام حلمي، أنه في المستوى المحلي يجب أن تكون هناك خطط تكيف وأهداف قابلة للتحقيق حتى يتم إشراك المجتمع المدني في دعم التوعية وجلب التمويل وغيرها وجميع ذلك يتطلب خطط واضحة وشفافة يمكن المساهمة فيها بشكل فعال.

وبينت أنه على المجتمع الدولي مراعاة مبدأ المسؤولية المشتركة وتباين الأعباء، فلابد من فتح المجال للدول كي تنمو وهو ما ينتج عنه انبعاثات تؤثر في التغيرات المناخية فالجميع بلا استثناء بات لديه مسؤولية مشتركة ولكنها متباينة الأعباء فلا يمكن مساواة دولة كالصين وأمريكا ذات انبعاثات كبرى بدول أقل في ذلك في شكل الأعباء التي تتخذ تجاه الدول والسياسات من حيث التكلفة فلابد من وجود توافق يدعم الدول النامية من حقها في النمو وكذلك في التمويل الكافي لتعويض الضرر الحادث لها من أجل التكيف إجرائياً وعملياً وتقنياً من خلال نظم الإنذار المبكر والدعم التكنولوجي وغيرهما.

وأوضحت أنه لابد من زيادة التمويل بشكل عام وللفئات الأكثر تضرراً بشكل خاص ومنها النساء لزيادة التكيف لما تعانيه من تحديات شديدة التعقيد، وكذلك الأمر بالنسبة للمناطق الزراعية والصحراوية وأيضاً المناطق الهشة للتغيرات المناخية ومنها الجذر والمناطق الحدودية.

وفي ختام حديثها شددت ريهام حلمي مديرة مركز"Enviro x" للتنمية والحلول، على فكرة دمج وخلق مساحات حقيقية لإشراك الفئات الهشة ومنها النساء فضلاً عن ضرورة رصد أشكال العنف الممارس عليهن وزيادة الوعي بالحقوق الاقتصادية والقانونية والمدنية والاجتماعية وكذلك البيئية وتقديم مختلف أشكال الدعم الممكن حتى يتمكن من التكيف والتعامل مع الواقع المتأثر بالتغيرات المناخية.