الجنولوجيا... المرأة تلعب دوراً بارزاً في تحقيق استدامة البيئة

هناك علاقة وثيقة بين المرأة والطبيعة على مر العصور، فقد تصدرت المرأة المشهد للعديد من الثقافات كونها رمزاً معنوياً من رموز الطبيعة ومنحت الطبيعة الهوية والصفات الأنثوية كالرعاية والإنتاج والحياة.

دلال رمضان

الحسكة ـ أكدت العضوة في مركز الجنولوجيا عليا عثمان أن المرأة والطبيعة لا يتحرران إلا بالقضاء على الذهنية السلطوية المشرعة لاستغلالهما، وهناك ضرورة ملحة لدعم المرأة من أجل إعادة إحياء البيئة.

المرأة تقدس الطبيعة وهذا ينبثق من ثقافة وميراث الآلهات وجذورها التاريخية في مهد حضارات الشرق الأوسط، وتعتبر العلاقة بين الطبيعة والمرأة علاقة انسجام وترابط وثيق فقد شكلت الطبيعة مصدر تأمل ومعرفة لها، لكن مع تطور العلم والصناعة وانتشار الرأسمالية كل ذلك قاد الإنسان للتدخل في الطبيعة ومكوناتها بهدف السيطرة عليها مما أدى لاختلال توازنها، لذا كان من الضروري إيجاد حلول لذلك حسب نظريات علم الجنولوجيا.

ولحماية المرأة والطبيعة من الاستغلال قالت عضوة أكاديمية الجنولوجيا في مدينة الحسكة بإقليم شمال وشرق سوريا عليا عثمان "يقوم علم الجنولوجيا على نموذج الديمقراطية والبيئة وتحرير المرأة، وبالعودة إلى الأرضية التاريخية فإننا نؤكد أن الذهنية المهيمنة قامت باستغلال الطبيعة والمرأة، وعندما نتحدث عن القوة نرى أنها مورست عليهما بشكل وحشي، فبالقوة تمت السيطرة على الأرض وتم استغلالها وهذا ما تعرضت له المرأة أيضاً، وحدث ذلك على امتداد تاريخ طويل يجب أن نتذكره حتى نتمكن من وضع حد لهذا لاضطهاد والاستغلال".

وأضافت "إذا تناولنا قضية المرأة والطبيعة لا نستطيع أن نأخذها بعيدة عن التغيرات التي شهدتها عبر التاريخ والانكسارات التي مرت بها، لذا عندما نتحدث عن  تحرر المرأة والطبيعة يجب علينا في البداية فهم الظروف التي خلقت الوضع الراهن من تدهور لحق بالنظام البيئي والغلاف النباتي والحيواني نتيجة السياسات والتعدد السكاني والاستمرار الخاطئ في استغلال الأرض، هي ذاتها طريقة التعامل مع المرأة وعدم مراعاة طبيعتها وقدراتها ومعاملتها على أنها مجرد آلة إنجاب".

وعن سُبل تحرر المرأة والطبيعة قالت "التحرر ليس فقط برفع اللافتات والشعارات المنددة باستغلال المرأة والبيئة، فإذا لم نحاول تغيير الذهنية المهيمنة التي شرعت في استغلال المرأة والطبيعة، لن نتمكن من إحراز أي تقدم في هذا المجال، والمشروع الأول كأحد الحلول والسبل هو خلق ذهنية إيكولوجية قائمة على تعايش وتكيف الإنسان مع البيئة، ففي الوضع الراهن تتعرض مناطقنا للتغيير الديموغرافي، لذلك يجب على الإنسان التعايش مع طبيعة البيئة الجديدة حتى يتمكن من تطبيق توجهاته الإيكولوجية وكيف له التعامل معها، وهذا يتطلب التوعية الكافية بالمخاطر الناجمة عن التدهور البيئي بالإضافة لإطلاق مشاريع جديدة لزيادة الوعي تجاه البيئة والتقرب أكثر من الطبيعة المحيطة بنا، كما ينطبق على كيفية التعامل مع المرأة وذلك من خلال إجراء الدراسات عن طبيعة المجتمع وكيف تأسست الذهنية الراهنة وكيف يمكن أن تتحرر المرأة ؟ فعند زيارتنا لمكان ما نرى روح وإرادة المرأة فيه من خلال عنايتها بالطبيعة المحيطة بها، وهناك ضرورة ملحة لدعم وتعزيز دور المرأة في المجتمع حتى نستطيع بناء بيئة سليمة".

وبينت أن "الربط بين حرية المرأة والإيكولوجية خطوة مهمة للوصول إلى مجتمع ديمقراطي حر، فعندما تكون المرأة حرة فإننا نحصل على مجتمع بيئي بكافة مكوناته، فالمرأة في المجتمع النيولوتي هي من اكتشفت الزراعة وتعلمت من البيئة المحيطة واستعانت بها وبذلك تمكنت من تدبير شؤونها، وأصبحت على صلة وثيقة بالطبيعة دون أن تكون عبء عليها وتدمرها"، مضيفةً "فهم البيئة ومراجعة المصادر التاريخية لها وأساليب العيش التي اتبعتها المرأة في تلك البيئة، كلها مواضيع علينا نحن النساء أن نكون ملمين بها فكلما زاد وعي المرأة كلما كانت البيئة والطبيعة أكثر حيوية، وأي مشروع بيئي واجتماعي يحتاج إلى قواعد علمية يقوم عليها ويمكن تحقيق ذلك من خلال التدريب والتوعوية والبرامج وكذلك توعية المؤسسات المدنية".

وفي ختام حديثها أكدت عليا عثمان أنه "يجب أن ننال حريتنا حتى نكون جزء من الطبيعة ونتعايش معها، فهي ليست تهديداً يعرّض حياتنا للخطر ولا موقف يحتاج إلى تحقيقه، الطبيعة هي مكان معيشتنا، والإنسان المنسجم مع بيئته هو إنسان مسالم سواء مع من يعيش معهم أو البيئة المحيطة به".