الحشرات والآفات الزراعية تتسبب بخسائر للمزارعات

أكدت المهندسة الزراعية فاطمة علي، على أهمية توعية المزارعات بتأثير التغييرات المناخية على المحاصيل حيث تنتشر الآفات والحشرات، كما أن زيادة جرعة المبيد تؤدي إلى تطوير حشرات مقاومة تجاه المبيدات.

رانيا عبد الله

اليمن ـ تسببت التغيرات المناخية في حدوث ظواهر تؤثر على النباتات وتضعفها، مما يجعل الآفات والحشرات الضارة أكثر قوة، فارتفاع درجات الحرارة وظهور الحشرات والآفات الزراعية يمثلان تهديداً للمزارعين ويؤديان إلى عزوفهم عن الاستمرار في الزراعة.

 

حشرات غريبة التهمت محاصيلها

نبيهة هارون، مزارعة في ريف غرب مدينة تعز في اليمن، توقفت عن زراعة أرضها في الموسمين السابقين، بسبب انتشار الآفات والحشرات التي اجتاحت مزرعتها ومزارع الفلاحين المجاورين.

فقدت نبيهة هارون مصدر دخلها من المحاصيل التي كانت تحصدها مرتين في العام، واضطرت إلى التوقف عن الزراعة، فقد ظهرت حشرات غريبة التهمت محاصيل المزارعين قبل جنيها، متسائلة "هل ظهور هذه الحشرات ناتج عن التغيرات المناخية؟".

وتقول "أعمل في الزراعة منذ طفولتي، ولم أشهد أبداً وجود حشرات وآفات غريبة كما في هذه الفترة. حشرات لا نستطيع مكافحتها، تبدو غريبة، تأكل المحاصيل والأشجار، وتخرب الزراعة، ولا نجني شيئاً، مما سبب لنا خسائر كبيرة".

وتضيف بحسرة "كنا سابقاً نزرع ونجني المحاصيل ونبيعها ونغطي كافة احتياجاتنا ونوفر رأس مال للموسم التالي، أما الآن فنخسر ونخرج بديون لا نستطيع سدادها".

ولفتت نبيهة هارون إلى أنه "فجأة تصيب المحاصيل حروق وتفسد، زرعت في المواسم السابقة الكوسا والطماطم وبعض الخضروات، وعندما بدأت الأشجار تزهر، أتلفتها الحشرات الجديدة. فشلت كل محاولاتي في المكافحة، حتى بعد استخدام أنواع متعددة من المبيدات".

 

دودة الفاكهة تنتقل إلى البن!

تشكو المزارعة سعيدة علي أحمد من انتقال دودة الفاكهة إلى أشجار البن "لم أشهد ظهور حشرات غريبة في زراعة البن إلا مؤخراً، فمنذ نحو أربع سنوات، بدأت دودة الفاكهة التي كانت تصيب الجوافة والمانجو، في مهاجمة أشجار البن، مما سبب لنا خسائر كبيرة".

وأضافت "عجزت عن مكافحة هذه الدودة وتواصلت مع جهات مختصة مثل مكتب الزراعة بالمدينة، لكن للأسف لم يفيدوني بشيء، وخسرت هذه المواسم بسبب فساد بعض من محصول البن بسبب هذه الآفة التي حيرتني ووقفت عاجزة عن مكافحتها".

 

انتقال الحشرات

بدورها قالت المهندسة الزراعية المتخصصة بوقاية النبات، فاطمة علي، إن العوامل المؤثرة في انتشار الحشرات قد تعود إلى الرياح، والكائنات الحية، والأمطار، وانجراف السيول، والتي تعتبر عوامل مساعدة في انتقالها.

بحسب منصة "كابي" للمكافحة الحيوية (CABI)، فإن تغير المناخ يسرّع حركة الآفات النباتية حول العالم، كما تساعد البيئة الدافئة والرطوبة العالية على انتشارها. ووفقاً للمنصة، فإن زيادة درجات الحرارة بمقدار درجتين مئويتين قد ترفع عدد الآفات الحشرية، حيث يمكن أن يكون للحشرات من دورة إلى خمس دورات حياة إضافية في الموسم الواحد.

وغالباً ما يستخدم المزارعون مبيدات صناعية لمحاربة الآفات، لكن هذه المبيدات قد تقتل الحشرات النافعة كالنحل، وتضر بالنظم البيئية، بما في ذلك التربة والأنهار، مما يضعف مناعة النباتات ضد تغير المناخ.

كما أن المبيدات الكيميائية مسؤولة عن نحو 1 ـ 4% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، مما يزيد من حدة التغير المناخي، كما أوضحت "كابي".

 

معلومات مغلوطة

وأكدت فاطمة علي أن المكافحة العميقة لا تحقق نتائج فعالة بسبب عدة أسباب، منها عدم الانتظام في رش المبيد، وعدم الالتزام بالجرعة المحددة "هناك اعتقاد خاطئ لدى بعض المزارعين أن زيادة جرعة المبيد ستقضي على الحشرة، لكن العكس صحيح؛ فالزيادة تؤدي إلى تطوير حشرات مقاومة تجاه المبيدات، فتقل فعاليتها".

وتنصح بضرورة استشارة مهندسين زراعيين متخصصين، والالتزام بتعليماتهم، خاصة فيما يتعلق بالجرعات وطريقة الاستخدام، وتغيير المبيدات من فترة لأخرى، مثلما يغير الطبيب الدواء بحسب الحالة.

وتشبّه فاطمة علي الزراعة بحالة الإنسان أثناء مرضه "كما يجب على المريض أن يشرح للطبيب كل الأعراض، يجب على المزارع أن يقدم معلومات دقيقة وصوراً للحالة النباتية، حتى يتمكن المهندس الزراعي من تشخيص الحالة بشكل دقيق وتقديم العلاج المناسب".

 

غياب دور الجهات المعنية

في ظل التغيرات المناخية المتسارعة، لم تولِ الجهات المعنية في اليمن اهتماماً كافياً، ولم تضع خططاً لمواجهتها، ما انعكس سلباً على المزارعين، وتقول فاطمة علي إن أقل ما يمكن أن تقوم به الحكومة هو متابعة التغيرات المناخية، وتوسيع مهام المهندسين الزراعيين لإعداد تقارير محدثة، ووضع خطط استجابة، وإجراء بحوث ودراسات حول تأثير المناخ على زيادة الآفات وصحة النبات.

كما توصي بفحص البذور المستوردة بشكل دوري، والتأكد من خلوها من الأمراض، إلى جانب توعية المزارعين حول تغير المناخ وكيفية التعامل مع آثاره ومواجهته.