البيئة والحفاظ عليها أبرز مساعي الحاصلة على خمس أرقام بموسوعة غينيس
المرأة قادرة على مواجهة الصعوبات وكسر الصورة النمطية في المجتمعات المحكومة بالثقافة الشرقية المحافظة، لكن عدد لا يستهان به حطمن أرقاماً عالمية في مختلف المجالات.
فاديا جمعة
بيروت ـ دخلت كارولين شبطيني موسوعة غينيس خمس مرات على التوالي من خلال مجسماتها الهادفة لتعزيز الوعي البيئي والاهتمام بقضايا الصحة والبيئة.
قبل أعوام عدة كانت تعرف بـ "المرأة المطلقة" واليوم يطلق عليها "امرأة غينيس" في لبنان والعالم العربي، هذا اللقب يجسد سنوات من التعب والمثابرة، ويختصر مسيرة الناشطة البيئية اللبنانية كارولين شبطيني، التي أكدت من خلالها أن المرأة قادرة على مواجهة الصعوبات وكسر الصورة النمطية في المجتمعات المحكومة بالثقافة الشرقية المحافظة، لتنطلق إلى فضاء أحلامها، ما مكنها من الدخول إلى كتاب "غينيس" للأرقام القياسية خمس مرّات على التوالي كما بدأت التحضير لتسجيل رقم قياسي جديد ليكون السادس في إنجازاتها.
بدأت كارولين شبطيني رحلتها إلى العالمية عام 2019 مع مشروعها الأول الذي جسدت فيه قيماً بيئية وفنية، وكان عبارة عن أكبر شجرة ميلاد في العالم، صنعتها من 140 ألف عبوة بلاستيك في بلدة شكا شمال لبنان، وكانت بطول 28.5 أمتار، لتبدأ مسيرتها في ميدان الإبداع فناً ودعماً للبيئة، وكانت المرة الأولى التي تدخل فيها كتاب "غينيس" للأرقام القياسية.
وعن هذه التجربة قالت "من خلال صناعة هذه الشجرة تمكنت من كسر الرقم المسجل للمكسيك، وفي شهر أيار من عام 2020 تزامناً مع شهر رمضان صنعت أكبر هلال من 500 ألف قطعة بلاستيكية وبذلك كسرت رقم اليابان في الموسوعة، ثم صنعت أكبر علم دولة وكان للبنان في كانون الأول من العام نفسه من مخلفات بلاستيكية مختلفة".
ولكن قبل ذلك وتحديداً في عام 2018 تم تبني نشاطها المستند إلى الحفاظ على البيئة من جهة والإستفادة من مخلفات البلاستيك في أعمال ومجسمات فنية من جهة ثانية، فقد اتّخذت قراراً بشرب عشر عبوات من المياه في اليوم لتخسر بعضاً من وزنها، بتوصية من اخصائيّة تغذية، وتقول "اتّفقت مع شركة إعادة تدوير البلاستيك لتُرسل أسبوعيّاً مندوباً يأخذ عبوات المياه التي كنت أكدسها قرب المنزل، لكن الشركة تخلفت بعد فترة عن أخذها فتكدست أعداد كبيرة منها في المكان، لذلك قررت أن أصنع منها شجرة ميلاد لابنتي تزامناً مع مناسبة عيد ميلادها، هذه الفكرة ألهمتني لصنع الشجرة لاحقاً ودخلت من خلالها "غينيس" للمرة الأولى".
وأضافت "لم أتوقف عن تحقيق طموحاتي ففي آذار 2020 أيضاً، حصلت على الجائزة الرابعة من "غينيس" بالتعاون مع شركة "سوني" في دبي التي أرادت الدخول في الموسوعة، والترويج للعبة البلايستايشن الجديدة horizon forbidden west فاستعانت بي وصنعت أكبر موزاييك للعبة بـ 260 متراً مربعاً مصنوعة أيضاً من قطع بلاستيكية، وقد تمكنت من إنجازها خلال 7 أيام فقط، قمت أيضاً ببناء مجسّم للكرة الأرضية يتضمن 36 علماً وأيضاً كان سبباً لدخولي الموسوعة"، مؤكدة أنها تتبرّع لــ "جمعيّة Kids First الّتي تُعنى بالأطفال المصابين بمرض السرطان.
وعن الصعوبات والتحديات التي واجهتها "لعل أبرزها عدم إيجاد رعاة للمشروع، خصوصاً في لبنان الذي يواجه ظروفاً صعبة، ولا سيما على الصعيد الاقتصادي، وأحياناً كثيرة لا أملك المال الكافي لشراء بعض المستلزمات، فكان بعض الأهالي يشترونها ليّ، لكن الصعوبات الأقسى كانت متمثلة بعامل الطقس الذي يعترض طريقي في كلّ مشروع سواء في الصيف أو الشّتاء. فمثلاً مشروع الهلال الّذي كنتُ أعمل عليه في بلدة مزيارة شمالي لبنان اضطررتُ لإعادته ثلاث مرّات بسبب الطقس".
وعن لقبها "امرأة غينيس" قالت إن "هذا اللّقب يعني لي الكثير كامرأة قبل كلّ شيء، لأنّني عانيت كثيراً في مجتمع شرقي وأحياناً كنت أواجه التنمر حيث تم نعتي بالكثير من الألقاب كوني مطلقة، إلا أن هذا اللقب منحني ثقة بالنّفس، وبفضله تذوّقتُ طعم الانتصار والنّجاح، بالرغم من أنني لم أتلقّ الدّعم الكافي من شخص معيّن إنّما من الناس بشكل عام، ولا بد من الإشارة هنا إلى أنني في بداية رحلتي في هذا المجال تعرّضتُ للانتقاد، حتى من أقرب النّاس إلي، إذ كانوا يعتبرون ما أقوم به هو أمر لا يستحق الاهتمام ومضيعة للوقت والبعض نعتني بـ "امرأة القمامة" لأنني كنت اجمع عبوات البلاستيك من مناطق متعددة في لبنان لأصنع منها مجسمات، إلا أنني تمكنت من تحويل الانتقاد إلى طاقة إيجابيّة وتابعت مسيرتي، وهناك الكثير من الأشخاص الذين قدموا لي كمّاً هائلاً من الدّعم على مواقع وسائل التواصل الاجتماعي"، لافتةً إلى أنه بعد حصولها على خمسة أرقام قياسية في موسوعة "غينيس" صنعت العام الماضي أكبر مجسم لسلحفاة بحرية باستخدام عبوات المياه البلاستيكية، في سياق مبادرة تهدف إلى تعزيز الوعي البيئي والاهتمام بقضايا الصحة والبيئة.
وفي ختام حديثها وجهت رسالة إلى النساء "أقول إلى كلّ امرأة، لا تفقدي الأمل وثقي بأنكِ قادرة على مواجهة التحديات، وبإمكانك أن تحققي النّجاح، والأهم من كل ذلك إيّاك أن تكترثي لكلام النّاس، بعيداً عن معايير المجتمع الذي لم يكترث لتعنيف النساء وهدر حقوقهن، بحكم تجربتي لم يكسرني لقب "المرأة المطلقة"، بل صنعت اللقب الذي يناسبني".