موسم الزيتون... فرصة عمل موسمية للنازحات المعيلات في إدلب
يشكل موسم قطاف الزيتون الذي تشتهر فيه إدلب فرصة عمل للكثير من النازحات الباحثات عن عمل لإعالة أسرهن في ظل الأوضاع الإنسانية الصعبة التي يعيشونها في مخيمات النزوح المنسية
سهير الإدلبي
إدلب ـ .
قالت خديجة عمران (٣٨) عاماً، أنها تنتظر الموسم بفارغ الصبر كل عام لتنعم بفرصة عمل موسمية تعود عليها ببعض المال الذي تأمن من خلاله جزء من متطلبات أبنائها الأربعة، "قلما يجد زوجي عملاً بعد نزوحنا، والمساعدات الإغاثية باتت قليلة وشبه معدومة، أوضاعنا الصعبة تجبرنا على البحث عن فرصة عمل توفر لنا دخلاً ما".
خبرتها في العمل ضمن الأراضي الزراعية التي كانوا يملكونها قبل أن يغادروها في نزوحهم الأخير باتجاه مخيمات كفر لوسين ساعدتها في العمل ضمن ورشات جماعية لقطاف الزيتون هذا العام.
تخرج خديجة عمران منذ ساعات الصباح الأولى برفقة عشرات العاملات اللواتي يتم جمعهن من المخيم والمخيمات المجاورة وينطلقن باتجاه الأراضي المليئة بأشجار الزيتون لتبدأ عملية القطاف.
وتتألف الورشات من نساء ورجال وأطفال يتساعدون جميعاً في عملية القطاف فيعمل الرجال على السلالم والنساء على أطراف الأشجار السفلية والأطفال يتسلقون الأشجار ليساعدوا في عملية القطاف أعلى الشجرة حيث الأغصان الرفيعة التي تتناسب مع أحجامهم الصغيرة فلا تتكسر أو تتأذى، ومن الأدوات المستخدمة خلال القطاف "مشاطات، سلالم خشبية وحديدية، غربال وأكياس كبيرة ومدادات".
من جهتها ترى صفاء الزعرور (٣٠) عاماً، وهي معيلة لأطفالها الثلاثة بعد وفاة زوجها، أن قطاف الزيتون لا يخلو من المتعة والتسلية رغم مشقته، فالأحاديث التي يتبادلونها خلال العمل لا تشعرهم بالوقت الذي سرعان ما يمضي بسرعة.
في موسم الزيتون، يقرأ الفرح بأجمل معانيه في عيون الجميع، الكل يسهم في هذا العمل الذي يحرص الكبار تحديداً على إعطائه شكلاً خاصاً يذكّرهم بسنين خلت أو لربما يعيدهم إلى طفولتهم مجدداً، "للطعام تحت أشجار الزيتون طعم آخر، يذكرنا بأراضينا وحياتنا الماضية حين كنا نعمل في أرزاقنا التي حرمنا منها".
وتضيف "للزيت والزعتر، وحبات البندورة والزيتون الأخضر وأبريق الشاي الذي نصنعه على الحطب، طعم مفعم بالحنين والذكريات الجميلة ليتها تعود يوماً ما".
صفاء الزعرور نازحة من قرية البارة في جبل الزاوية ومقيمة في مخيمات سرمدا، تواجه ظروفاً غاية في السوء في ظل الفقر وانعدام المعيل وفرص العمل، لذا فهي لم تتردد في التوجه لأراضي الزيتون مع غيرها من النساء للاستفادة مما تجنيه بتأمين تدفئة الشتاء هذا العام وقضاء ما عليها من ديون متراكمة.
وتشكل النساء النازحات النسبة الأكبر من عمال قطاف الزيتون مع ازدياد حاجة تلك النساء للعمل وقدرتهن على إنجازه بكثير من الخبرة والنشاط.
المهندسة الزراعية أسماء العلو (٤٢) عاماً، تقول إن إدلب تشتهر بأشجار الزيتون التي منحتها صفتها الخضراء وتشكل مواسم القطاف فرصة عمل موسمية للكثير من العمال العاطلين عن العمل من الرجال والنساء الذين يستفيدون من عائدات موسمه الذي يستمر لأكثر من شهرين متتاليين وهما تشرين الأول/أكتوبر وتشرين الثاني/نوفمبر من كل عام.
وتشير إلى أن تضرر مواسم الزيتون في السنوات الأخيرة بفعل القصف وغلاء الأجور وارتفاع تكاليف السقاية والتقليم والفلاحة أثر وبشكل ملحوظ على الإنتاج الذي انخفض إلى النصف عن السنوات السابقة.
لم يعد يتميز موسم الزيتون ببهجته الاحتفالية المعتادة، حيث شحّت الأمطار، وجاء الموسم متواضعاً جداً. في إدلب لا تعتبر شجرة الزيتون مجرد مصدر اقتصادي مهم لشريحة سكانية واسعة، بل تتعدى ذلك لتشكّل رمزاً للتجذر والإصرار على البقاء.