مشروع صناعة خبز التنور يحقق الاكتفاء الذاتي للنساء
في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة تحاول كل من سجود ورغدة قديح إعالة أسرهما وتوفير القوت اليومي من خلال مشروعهما اليدوي.
نغم كراجة
غزة ـ تجلس سجود قديح تحت ظل شجرة داخل منزلها المتواضع في مدينة عبسان جنوب قطاع غزة برفقة قريبتها رغدة قديح؛ لعجن الخبز ومن ثم خبزه وبيعه عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لتوفير قوت يومهما.
قالت سجود قديح (40) عاماً إن "فكرة مشروعها البسيط لم يكن حديث النشأة، لكنه توسع مؤخراً بعد إقبال عدد كبير من الناس على شراء خبز التنور لأن العديد من النساء تفضلن الخبز المنزلي عن المخابز الأوتوماتيكية؛ لاختلاف مذاقه، وغالبية النساء ليس لديهن الوقت لخبزه أو لا تتحملن صعوبات صنعه".
وأشارت إلى أنه بالرغم من صعوبة العمل في هذا المشروع إلا أنه يساهم في توفير المصاريف اليومية لأن معيل الأسرة في قائمة البطالة نتيجة ظروف صحية "هو ليس بالعمل المربح، لكنه في كل الأحوال يخفف عبء الوضع الاقتصادي المتردي في قطاع غزة، ويوفر قوت أبنائي، أي أنه فقط يلبي الاحتياجات اليومية المهمة".
وأوضحت سجود قديح أن خبز التنور هو جزء من التراث الفلسطيني الذي توارثته من أجدادها، ويزداد الطلب عليه قبل مواسم الأعياد بأيام قليلة، وأيضاً في الأفراح، غير أنها تراعي الوضع الاقتصادي للناس ولا تنتهز غلاء الأسعار المفاجئ، وتقوم بترويج ما تصنعه عبر صفحتها على مواقع التواصل الاجتماعي التي أنشأتها منذ عام تقريباً تحت اسم "خبز تنور وبلدي".
ولفتت إلى أنها تمكنت من الاستفادة من تخصصها في إدارة وتسويق المنتجات للترويج لمنتجاتها وتسويقها عبر مواقع التواصل الاجتماعي بأسلوب جذاب ولافت. وبالرغم من أنها خريجة جامعية، إلا أنه لم يحالفها الحظ بالاستفادة من دراستها ومجهودها للحصول على فرصة عمل تأمن لها حياة كريمة كما كانت تحلم، على حد قولها.
وحول إعداد خبز التنور أو المعجنات، تقول سجود قديح "نستيقظ مع طلوع الفجر لتحضير مكونات المنتج المطلوب حسب الكمية التي يرغبها الزبون، ومن ثم نقوم بتقطيعها لدوائر صغيرة وفردها بشكل دائري، أو تشكيل المادة الخام حسب رغبة الزبون إن كانت غير الخبز التنور والبلدي".
وأشارت إلى أنها تبدأ عملها بشكل يومي مع طلوع الفجر مباشرةً حتى تنتهي من إنجاز الطلبيات قبل اشتداد أشعة الشمس الحارقة وتتأذى منها كون المكان مكشوف وليس مبنياً ومحمياً بالكامل.
وأكدت سجود قديح على أنها تستطيع إنتاج كميات كبيرة من خبز التنور أو البلدي نحو أكثر من 200 رغيف خبز بمشاركة قريبتها رغدة قديح بأدوات بسيطة وبدائية، وتسعى لشراء عجانة ميكانيكية نظراً لتزايد الطلبيات خاصةً أثناء مواسم الأعياد والمناسبات.
من جانبها قالت رغدة قديح (31) عاماً، إن مهنة خبز التنور متعبة وشاقة خاصةً خلال فترة الصيف حيث لا يمكن تحمل حرارة النار المشتعلة لصناعة المنتجات ودرجة حرارة الجو المرتفعة، بالإضافة إلى دخان النار الذي يتصاعد ويتسبب بأذى لعينيها عندما تحاول أن تشعله، فهي تتولى مهمة جمع الكرتون المقوى وإشعاله حتى الانتهاء من الخَبز.
وتسعى رغدة قديح إلى تحقيق حلمها وهو إنشاء مخبز تراثي على أرض الواقع بقالب مميز، وتشغيل عدد من العاملات اللواتي ترغبن في العمل، لتحسين مصدر دخلهن وتأمين حياة كريمة ومستقرة لهن.