في ظل الحرب الدائرة في سوريا... نساء تسعين لتحقيق اكتفائهن الذاتي

فرضت ظروف الحرب في سوريا على كثير من النساء شكل حياة لم يكن مألوفاً أو مقبولاً في بيئاتهنّ، حتى اللواتي لم يكن مسموحاً لهنّ بالخروج من المنزل، بتن اليوم معيلات لأسرهنّ.

روشيل جونيور

السويداء ـ عمل المرأة في بعض الأوساط السورية التقليدية، عمره بضع سنوات ازدهر مع اندلاع الاحتجاجات، حيث لم يعد العمل ثقافة وتطوراً وحقاً، بل بات واجباً تفرضه الأوضاع المعيشية الصعبة في الداخل السوري، وقد تعرضت المرأة السورية لانتكاسات صعبة أثقلت حملها على مدار السنوات الاثني عشر الماضية مع فقدان المنزل والمعيل من أب أو زوج أو أبناء، مروراً بالتشرد والنزوح ووصولاً إلى العمل في ظروف قاسية.

زاد انخراط المرأة السورية في سوق العمل أخيراً جراء تدهور الوضع المعيشي والانهيار الاقتصادي المستمر الذي تشهده البلاد منذ سنوات، وتضطر النساء أحيانًا لمزاولة أعمال غير مألوفة أو مجهدة وقاسية تنعكس سلباً على صحتهن البدنية والنفسية في سبيل لقمة العيش.

تكافح العديد من النساء في مدينة السويداء لتربية وتنشئة أطفالهم وتأمين مستلزماتهم الحياتية بعد فقدانهن للمعيل في ظل الحرب السورية الدائرة منذ ما يقارب الـ 12 عاماً، وواحدة منهم نجاة علوي وهي أم لثلاثة أطفال أكبرهم يبلغ من العمر سبع سنوات تقول "بعد وفاة زوجي وجدت نفسي مسؤولة عن ثلاثة أطفال صغار ولا يوجد أي دخل يمكنني الاعتماد عليه لتأمين احتياجاتهم الأساسية، فقمت بافتتاح محل سمانة صغير، لأؤمن بعض القوت الذي يسد رمقنا أنا وأطفالي ولأعتمد على ذاتي، رويداً رويداً بدء العمل يتحسن وبات دخلي جيد يكفيني لجميع احتياجاتي، لكن ما نهضت قليلاً إلا عدت للانتكاس مرة أخرى حيث تعرض محلي للسرقة، عشت فترة عصيبة جداً، لكني تمكنت من النهوض مرة أخرى فبالإصرار والعزيمة تتمكن النساء من مواصلة حياتهن دون الاعتماد على أحد".

وأوضحت أن هناك مسؤوليات كثيرة تقع على عاتقها فبالإضافة إلى العمل في محلها الصغير، تتولى رعاية وتدريس أطفالها، وتدبير الأمور المنزلية جميعها.

 

 

 

إخلاص جغامي أم لطفلتين، الظروف الاقتصادية الصعبة في البلاد دفعتها للعمل هي الأخرى لمساعدة زوجها على تحمل مصاريف العيش.

في البداية كانت تعمل في فرن للخبز، لكنها في أحد الأيام وقعت وكسرت، فأخرجها صاحب الفرن من العمل لعدم قدرتها على العمل بسبب وضعها الصحي، كما أن صاحب الفرن لم يدفع لها أي تعويضات لأن الفرن خاص ولا يوجد لديه أي تأمين، فتأزم وضعها المادي كثيراً، فاندفعت للتفكير في العمل بمهنة أخرى تحاول من خلالها سد رمق العيش لديهم.

اتجهت إخلاص جغامي للعمل في الصناعات والأشغال اليدوية عبر السنارة التي تحتاج إلى جهد ووقت كبير، كما أنها لا تحقق ربح كبير، لكنها مجبرة للعمل فيها، وأوضحت أن "المدارس الحكومية فقط بالاسم هي مجانية، فأسلوب التدريس فيها غير جيد، ومستقبلهم غير معلوم، كما أنها لا تستطيع أن تخصص لهم أساتذة مختصين لأنها مكلفة جداً".