مجال الحرف يستقطب التونسيات رغم الصعوبات

تبلغ نسبة تواجد المرأة التونسية في مجال الحرف 85 بالمائة وتصل إلى 95 بالمائة في البعض منها وتتزايد سنة عن أخرى رغم العراقيل والصعوبات.

نزيهة بوسعيدي

تونس ـ علاقة المرأة التونسية بالحرف تتجاوز حدود علاقة العمل التي تضبطها قاعدة الدخل المتحصل عليه فالحرفة لها بعد اجتماعي إنساني أخلاقي وتحافظ على الموروث الثقافي لأجيال متعاقبة وتمر عبر الجدة والأم ليقوى الرابط أكثر فأكثر حتى دفع بالكثيرات إلى الاستفادة من التراث الثقافي بشتى أنواعه وإنشاء مؤسسات حرفية صغرى للتثمين والتحويل.

يعدّ قطاع الخزف والفخار والنسيج والزربية من القطاعات التي تستقطب المرأة التونسية باعتبار أنها اخذتها عن والدتها وجدتها وقامت بتطويرها أحياناً عن طريق التدريب، لذلك تنوعت المنسوجات التقليدية والمفروشات والأواني لتساهم في خلق مورد رزق لها ولعائلتها من جهة وتحافظ على ترسيخ رصيد ثقافي في زمن العولمة وحمايته من التلاشي والاندثار.

لم يقف استقطاب مجال الحرف عند الفتيات والنساء اللواتي تحافظن على الموروث الثقافي وتوفرن مورد رزق إضافي للعائلة أو هرباً من البطالة بالنسبة لصاحبات الشهادات العليا، بل هو أيضاً اختيار واع وترك وظيفة لأجل الحرف. 

فتحية عبد الحق حرفية اختارت الاستقالة من وظيفتها في وزارة التربية لتتحول إلى صاحبة مؤسسة حرفية صغيرة رغم الصعوبات والعراقيل، وتقول "تركت الوظيفة لأصبح صاحبة مؤسسة حرفية في تثمين وتحويل التمور إلى مواد غذائية وهي (رب التمر، سكر التمر، وقهوة نواة التمر وخل التمر) بجهتي بمحافظة تطاوين".

وأوضحت أنه بعد التجربة وضعت بعض الإضافات لتطوير رب التمر إلى منتجات أخرى تسمى بدائل صحية على غرار رب التمر بالجلجلان الذي حصل على ميدالية ذهبية وبديل الشكولاتة للتمر دون إضافات ومواد حافظة ورب التمر بالكاراميل.

 

 

الحرف مجال شاسع

وذكرت أسماء مرواني حرفية في صناعة التحف والأقفاف، أن منتجاتها ليست بيولوجية ولكنها طبيعية مائة بالمائة، كما تعتمد أدوات التعليب الصحية والصديقة للبيئة، لافتةً إلى أنه "في الفترة التي تخرجت فيها ونلت شهادتي العلمية كانت تمنح الأولوية في فرص العمل للذكور لذلك لجأت إلى العمل في المجال الإعلامي الموجهة للطفل لسنوات، ثم فتحت روضة للأطفال ولكن بعد جائحة كورونا توقف كل شيء. لذلك انطلقت بالتفكير في شيء آخر وكانت البداية بالتسويق الإلكتروني لبعض الحرفاء ثم قررت أن أشارك في المعارض وإنشاء ورشة لصناعة وبيع المنتج".

وأكدت أنها تحب مجال الحرف وتعتبر أن المرأة بطبيعتها قادرة على الخلق والابتكار ولكن إمكانيات الترويج من أهم الاشكاليات التي تواجهها المرأة الحرفية في تونس وتعتبر أن نوعية منتجاتها تحتاج إلى السوق الخارجية حيث تبين أن الأجنبي الذي يأتي لزيارة تونس يقبل على شرائها وأن أرتفع ثمنها.

وحول الرسالة التي يمكن توجيهها لصاحبات الشهادات اللواتي تعانين البطالة، أكدت فتحية عبد الحق أنه "على المرأة البحث في ذاتها عن شيء تحبه وتحاول بالعمل والإرادة تحقيق النجاح"، مشيرة إلى أن الحرف مجال شاسع في الخلق والابتكار ويمكن لكل امرأة أن تبحث عن المجال الذي يتماشى مع خصوصيات جهتها.

وعن الصعوبات والعراقيل التي اعترضتها، أوضحت فتحية عبد الحق أن الطريق لم تكن سالكة أمام مؤسستها الحرفية بل تعرضت إلى العديد من الصعوبات خاصة في التسويق لأن الفرصة الوحيدة للترويج هي المعارض وهي غير متوفرة بصفة متواترة، مبينة أنه رغم كل العراقيل المرأة التونسية مبدعة في مجال الحرف ومحافظة جيدة للموروث الثقافي في جميع الجهات وتعمل بمحبة وتفان كبيرين.

 

 

الترويج من أهم الصعوبات

سيرين السمين حرفية في تقطير الزيوت والأعشاب وتقول "انا خريجة جامعة ولدي ماجستير بحث في مجال التحليل والبحث عن فوائد الزيوت النباتية الطبيعية وشاركت بالعديد من الدورات التدريبية في هذا المجال وأيضاً في التجميل بالطرق الطبيعية".

حاولت بعد الماجستير أن تبحث عن عمل في بعض المخابر أو الشركات المعنية فنصحتها أستاذة جامعية بعد أن أنهت الاختبار بأن تنشأ مشروعها الخاص، مبينة أنها "حصلت على قرض صغير وهي مجازفة بالنسبة لي لأنه التزام شهري لدفع الأقساط، إضافة إلى تخصيص وقت كافٍ للعناية به والبعد عن العائلة، فضلاً عن التفكير في توفير المواد المعتمدة وكيفية التعليب".

وأوضحت أن هناك دورات تدريبية تساعد على تقديم المعلومة والإجابة عن التساؤلات وكذلك المساعدة على التسويق الإلكتروني لأن صاحب المشروع يجب أن يكون على دراية بكل شيء، مبينةً أنها منذ عام 2023 وهي تتقدم خطوة خطوة وفقاً لظروفها العائلية.

وحول الصعوبات التي تمر بها في هذا المجال، تقول "الترويج من أهم الصعوبات لذلك أحاول أن أتميز بجودة المنتج والمحافظة على خصوصيته المحلية والحفاظ على البصمة التونسية".

ولفتت سيرين السمين إلى أنها تعتمد نبتة الخزامى والعطرشاء وحبة البركة التونسية نظراً لما لها من خصوصيات طبية عالية حيث تعتمد في علاج نقص المناعة والشقيقة وآلام الرأس وكذلك علاج الفطريات.