التضخم والفقر وارتفاع الأسعار... الأزمة الاقتصادية تفاقم معاناة نساء إيران

أثر الوضع الاقتصادي المتدهور في إيران على القوة الشرائية للنساء، حيث تراجعت في الآونة الأخيرة في ظل استمرار الانتفاضة الشعبية في البلاد.

سایدا شیرزاد

سنه ـ مع اشتداد التضخم والفقر والبطالة، انخفضت القوة الشرائية للأسر في إيران وشرق كردستان، إثر الأزمة الاقتصادية والسياسية في البلاد، وفشل الحكومة في التحكم بأسعار جميع السلع.

واجهت إيران خلال الثلاثة أشهر الأخيرة ارتفاعاً حاداً في أسعار السلع والمواد الغذائية، فبحسب معطيات مراكز الإحصاء، بلغ معدل التضخم في البلاد 47.7% خلال شباط/فبراير الماضي، وهو ما يهدد الأمن الغذائي، حيث أجبرت العديد من الأسر على الاستغناء عن بعض المواد الأساسية.

 

"تختلف أسعار السلع من متجر لآخر"

تقول سارة أحمدي (اسم مستعار) وهي أم لطفلين، بدأت بتحمل إعالة أسرتها بعد فقدان زوجها في حادث، وتمكنت من فتح متجر صغير في إحدى أزقة مدينة سنه، بمبلغ التأمين الذي حصلت عليه وبمساعدة من أقاربها "مع هذا الوضع الاقتصادي لا أعرف كيف أعتني بأولادي، يجب أن أذهب إلى عدة أماكن لشراء كيلو طماطم، فأسعار السلع والمواد الغذائية تختلف من متجر لآخر".

ويقول أحد الباعة المتجولين في سوق الفاكهة أن الحكومة فقدت السيطرة في التحكم بالأسعار، لذا فكل بائع يضع سعراً لمنتجاته كما يريد.

من جانبها تقول مرضية رفسنجاني (اسم مستعار)، التي استأجرت متجر صغير وسط المدينة لبيع مستلزمات النظافة والملابس النسائية "ارتفعت الأسعار وأصبحت البضائع باهظة الثمن، حتى أن إيجار المحال التجارية قد ارتفعت، لقد أدى التضخم الشديد في تراجع القوة الشرائية، فقد أصبح إقبال النساء على شراء الملابس قليلاً جداً، لم تعد تفكر الأسر سوى في تأمين المواد الغذائية الأساسية".

ولا تختلف معاناة (أ. ن) وهي في العقد الخامس من عمرها وأم ثلاثة أطفال، عن سابقاتها، حيث تقول "نقيم في منزل صغير استأجرناه في أحد ضواحي مدينة سنه، يعمل زوجي حارس أمن، ندفع نصف المبلغ الذي يتقاضاه عن عمله لإيجار المنزل، لم نشتري أي نوع من اللحوم منذ خمسة أشهر، لا أعرف ما الذي تريده الحكومة من الأهالي، لا أحد يستطيع التعايش مع هذا الوضع بعد الآن".

 

"تتخلى الأسر عن الكثير من الضروريات"

وأوضحت الكاتبة والروائية روجين بابائي أنها تكسب قوت يومها من خلال بيع الكتب على متجرها الإلكتروني "في السابق، عندما كانت ترتفع الأسعار كان يرتفع معها أجور العمل، لكن الآن فقط الأسعار هي التي ترتفع، فيما انخفض أجر العمل في العديد من الوظائف".

وأشارت إلى أن أسعار المواد الغذائية تضاعفت "هذا الارتفاع في الأسعار يؤثر على الأسر وعلى الباعة كذلك فهم يشترون البضائع بأسعار باهظة وليستفيدوا هم أيضاً يرفعون في السعر بعض الشيء، إلا أن معيلي الأسر لا يستطيعون التعامل بسهولة مع هذه الأسعار".

وأضافت "بغض النظر عن الأسعار الباهظة، فإن عدم وجود سعر موحد في السوق يتسبب في حدوث ارتباك ويثير غضب الأهالي. لا تتخذ السلطات المعنية أي إجراء لمعادلة السعر في السوق لذا يضع كل تاجر أو بائع السعر اعتماداً على المكان الذي يوجد فيه متجره. بمعنى إذا كنت تتسوق داخل مركز تجاري، فعليك أن تدفع المزيد من المال لأن أصحاب المتاجر يدفعون المال إيجار المتجر وكذلك الكهرباء. لا يتعلق الأمر فقط بالأدوات المنزلية أو الملابس، كما تختلف أسعار المواد الغذائية من بائع متجول أو صاحب متجر إلى بائع متجول أو صاحب متجر آخر".

 

"الحكومة هي السبب في التضخم الحاد"

وتقول (أ. ب) المختصة في علم الاجتماع أن "الحكومة تواجه مشكلة في ضبط الأسعار وقد خرج التضخم عن السيطرة، لطالما كان لدى السلطات استراتيجيات لا أساس لها لجعل الأزمات تبدو طبيعية، ولكن المهم هو عدم اكتراث الناس بهذه الاستراتيجيات غير الفعالة. في السابق، ربما كان الناس ينظرون إلى التضخم على أنه أمر طبيعي وعادي، لكنهم الآن يرون حتى أصغر حادثة يوجهون فيها أصابع الاتهام إلى السلطات، وهذه هي الحقيقة الأكثر واقعية، الحكومة هي السبب في هذا التضخم الحاد".