"سيداو"... أول اتفاقية دولية شاملة لحقوق المرأة
صاغت الجمعية العامة للأمم المتحدة اتفاقية شاملة لضمان حقوق المرأة تزامناً مع تصاعد وتيرة المطالبات بتحسين وضع المرأة في المجتمع وتحقيق المساواة بين الجنسين
مركز الأخبار ـ .
تعد اتفاقية سيداو "CEDAW" مصدر من مصادر القانون الدولي التي أبدت اهتمامها بالمرأة وحماية كيانها من العنف والتمييز ومساواتها مع الرجل بالحقوق والواجبات، وانبثقت من الإيمان بأن القانون الدولي هو أداة فعالة لتحقيق العدالة والمساواة أمام القانون، حيث كرست حماية دولية للمرأة في النزاعات الأسرية، وضمان حقوقها ووقف التمييز ضدها كونه يشكل خطراً عليها في مجتمع يعطي الأفضلية للرجال على حساب النساء.
وبموجب الاتفاقية هناك حماية دولية تلزم جميع الدول الموقعة عليها بتطبيق أحكامها وتعديل قوانينها الوطنية بما يتناسب مع بنود الاتفاقية، وتكرس اتفاقية سيداو مفهوم المساواة بين الجنسين في التشريعات المحلية وإلغاء النصوص القانونية التمييزية.
التحركات الدولية لإقرار الاتفاقية
لقد كان على النساء وعلى الحركة النسوية أن تكافح لوقت طويل من أجل الاعتراف بالمرأة كإنسانة كاملة وبحقوقها الإنسانية الأساسية وكمواطنة كاملة الأهلية، وبالرغم من تحسن أوضاع النساء من نواح كثيرة إلا أن البنى المجتمعية والثقافية والقانونية والاجتماعية السائدة والأحكام المسبقة التي غالباً تأخذ شكل القداسة ما زالت تُميز ضدهن.
طلبت جمعية الأمم المتحدة في عام (1946) من مجموعة خبراء من عدة حكومات أن توصي بطرق لتحسين حياة المرأة، عرفت هذه المجموعة بلجنة "حالة النساء" والتي تعمل من أجل الوصول إلى كافة حقوق النساء، حيث برزت فكرة ظهور اتفاقية سيداو من اتفاقية "حقوق المرأة السياسية" الدولية، والتي أعدتها مفوضية الأمم المتحدة في وقت سابق، وهي أول وثيقة في القانون الدولي تهدف لتقنين المعايير الدولية والاعتراف بالحقوق السياسية للمرأة.
وقد طورت لجنة حالة النساء عدداً من الاتفاقيات لحماية حقوق النساء في الحفاظ على جنسيتهن وخاصة في السياسة والزواج، وتم التمهيد لظهور اتفاقية سيداو بإعلان عرف باسم "إعلان القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة" الذي حارب التمييز لكن بشكل غير كامل، وتحقيق المساواة بين المرأة والرجل في القوانين والأعراف، وخلال تلك الفترة زاد النشاط النسوي في الأمم المتحدة.
تبعها بروتوكول اختياري جاء لتغطية الثغرات التي وقعت داخل الإعلان، فتبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة فكرة الاتفاقية وأجازتها في عام (1967)، واستطلعت لجنة مركز المرأة في الأمم المتحدة في (1972) رأي الدول الأعضاء حول شكل ومضمون اتفاقية دولية بشأن حقوق المرأة، فباشرت اللجنة المعنية بإعداد بنود معاهدة القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة في عام (1973)، وأعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام (1975) "العشر سنوات التالية عقد الأمم المتحدة الدولي للمرأة" وبذلك أصبح النشاط النسوي أكثر عالمية، وعقد أول مؤتمر دولي له في العام ذاته، ووافقت خلاله الجمعية العامة على ضرورة كتابة اتفاقية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
يهدف البروتوكول الذي يلحق عادةً باتفاقيات حقوق الإنسان إلى وضع إجراءات تتعلق بالاتفاقية ذاتها أو تتعلق بجانب هام من الاتفاقية، وتعد هذه البروتوكولات اتفاقيات منفردة خاضعة للتوقيع والانضمام والمصادقة من قبل الدول الأطراف في الاتفاقية الأصلية.
وتختلف الاتفاقية عن الإعلان لأنها تحدد المسؤولية القانونية للحكومة، حيث يعتبر الإعلان مجموعة من الأفكار ومبادئ عامة لا تتمتع بصفة إلزامية، لها قيمة أدبية ومعنوية، وغالباً ما يصدر في ظروف نادرة حينما ينص على مبادئ ذات أهمية كبرى.
وفي الثامن من كانون الثاني/يناير 1979 وافقت الهيئة العامة للأمم المتحدة على الاتفاقية واعتمدتها وتم التوقيع عليها في احتفال عقد في تموز/يوليو 1980 بالعاصمة الدنماركية كوبنهاغن من جانب 64 بلداً، ودخلت حيز التنفيذ في 3 أيلول/سبتمبر 1981، وما زالت الدول توقع عليها بعد ذلك تباعاً.
وبموجب المادة (18) من الاتفاقية تم تشكيل "لجنة سيداو" مهمتها مراقبة التزام الدول المصادقة على سيداو، وتتلقى هذه اللجنة تقارير دورية من الدول الأطراف على المستوى الرسمي الحكومي وكذلك تتلقى تقارير على المستوي غير الحكومي من منظمات المجتمع المدني يطلق عليها "تقارير الظل" تحتوي على معلومات عن البلد الموقع على الاتفاقية، ومدى التزامه بالاتفاقية، وتوصي اللجنة باتخاذ التدابير وسن التشريعات بما يتماشى مع ما ورد بالاتفاقية من مواد.
أهمية اتفاقية "سيداو"
صنفت اللجنة العامة للأمم المتحدة الاتفاقية على أنها وثيقة الحقوق الدولية للمرأة، وهي من أول الإعلانات والاتفاقيات الصادرة عن الأمم المتحدة التي تتعلق بإلغاء التمييز ضد المرأة، وتعتبر اتفاقية سيداو من أهم معاهدات جمعية الأمم المتحدة الدولية التي تركز على حقوق وقضايا المرأة في جميع أنحاء العالم، وهو برنامج عمل يضع أسساً للقضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة وتمتع المرأة بكافة حقوقها، واعتبار أن التمييز ضدها يعد إجحافاً أساسياً وإهانة للكرامة الإنسانية.
وتنص الاتفاقية على إلزام الأطراف الموقعة بتحسين ظروف حياة النساء وإشراكهن في الحياة السياسية والاجتماعية دون تمييز وتعديل القوانين التي تميز بين الجنسين، وتعتبر من أهم الصكوك الدولية التي تضم مبادئ أساسية تدعو لتمتع المرأة بكافة حقوقها، وتلتزم بتطبيق بنود الاتفاقية وإدخالها في قوانينها وإجراءاتها الحكومية، بغض النظر عن موافقتها المبنية على أسس دينية أو أخلاقية أو اجتماعية لتلك الدول أو عاداتها وتقاليدها وموروثها الثقافي.
وتكمن أهميتها أيضاً بوضع قضايا التمييز ضد المرأة ضمن أهداف الأمم المتحدة وأولوياتها في محاولة لإحداث تغييرات حقيقية في أوضاع المرأة حول العالم، وقدمت هذه الاتفاقية حلولا لمعالجة قضايا التمييز ضد المرأة في شتى مناحي الحياة، ومنها المساواة أمام القانون، من خلال اتخاذ التدابير الإيجابية المؤقتة أو ما سمي بـ "الكوتا النسائية" للتعجيل بتحقيق المساواة فعلياً ولا سيما في الحياة السياسية، وضرورة اتخاذ الدول التدابير المناسبة للقضاء على الأدوار النمطية للجنسين.
وأشار صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة إلى العديد من الأمور التي نجحت فيها الاتفاقية، حيث نفذت النمسا توصيات اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة بشأن حماية المرأة من العنف الزوجي، وحظرت المحكمة العليا في بنغلادش التحرش الجنسي، استناداً إلى بيانات المساواة في العمالة التي وضعتها اللجنة، كما قامت قيرغيزستان وطاجيكستان بتنقيح عمليات ملكية الأراضي، لضمان المساواة في الحقوق والوفاء بالمعايير الواردة في الاتفاقية.
مبادئ اتفاقية سيداو
وقعت على اتفاقية سيداو أكثر من 189 دولة، (بموجب القانون رقم 572/96 تاريخ 1996)، من بينها أكثر من خمسين دولة وافقت مع بعض التحفظات والاعتراضات، ومن ضمنها (38) دولة قد رفضت تطبيق البند (رقم 38) من الاتفاقية والذي يتعلق بسبل تسوية الخلافات المتعلقة بفهم الاتفاقية.
على كل دولة عضو في الاتفاقية أن تقدم كل أربع سنوات تقرير عن التزامها بتحقيق الاتفاقية، إلى اللجنة المعنية في الأمم المتحدة، وبدوره يستعرض فريق من 23 من أعضاء مجلس إدارة سيداو هذه التقارير، ويقدم ملاحظاته وتوصياته بما يحتاج إلى المزيد من الإجراءات في سبيل تحقيق بنود الاتفاقية التي تتألف من 30 مادة تدعو إلى إلغاء أي تمييز ضد المرأة، في الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية وغيرها، إضافة إلى وقف العنف الممارس ضد المرأة من قبل الرجل والمجتمع.
وترتكز الاتفاقية على مبدأ المساواة المطلقة بين الجنسين، وأنه يجب أن تلغى جميع أشكال التمييز بين الرجل والمرأة، ويتم تجاهل جميع التعاليم الدينية والاجتماعية والأعراف والعادات والتقاليد التي تخالف هذه المبادئ التي نشأت إبان الثورة الفرنسية.
وتنص الاتفاقية على مبدأ استقلال المرأة، سواء كانت "عزباء، متزوجة، مطلقة أو أرملة"، وتعزيز دورها "سياسياً، اقتصادياً، اجتماعياً وصحياً"، كما تتخذ جميع التدابير المناسبة لمكافحة جميع أشكال الاتجار بالمرأة واستغلالها في البغاء، وضمان مشاركتها في التصويت وصياغة سياسة الحكومة وتنفيذها، ومشاركتها في منظمات وجمعيات غير حكومية تهتم بالحياة العامة والسياسية، بالإضافة إلى أنها تكفل كافة حقوق المرأة في ميدان التربية من خلال التحاقها بالدراسات العليا، وضمان وصولها للتعليم العام والتقني "المهني والعالي".
وبحسب بنود الاتفاقية للمرأة الحق في اختيار المهنة ونوع العمل، والحصول على الاستحقاقات ضمن العمل، وضمانها اجتماعياً في حالات التقاعد والمرض والعجز، وتضمن الدول الأطراف للمرأة القضاء على التمييز ضدها في ميدان الرعاية الصحية وتأمين خدمات مناسبة لها فيما يتعلق بالحمل والولادة وفترة ما بعد الولادة، كما يحق لها الحصول على استحقاقاتها العائلية، وكافة أشكال الائتمان المصرفي، والمشاركة في الأنشطة الترويجية والألعاب الرياضية.
وتؤمن الاتفاقية للمرأة الريفية فرصة مشاركتها في وضع وتنفيذ الخطط الإنمائية على جميع المستويات، والاستفادة بصورة مباشرة من برامج الضمان الاجتماعي والمساعدة الذاتية، وتسهيل فرصة حصولها على القروض الزراعية، وتتخذ جميع التدابير للقضاء على التمييز ضد المرأة في الأمور المتعلقة بالزواج والعلاقات العائلية كالحق في اختيار الزوج وعدم عقد الزواج إلا برضاها، والحصول على حقها كأم بغض النظر عن الحالة الزوجية.
الدول التي صادقت وتحفظت على بعض البنود
ثمة جدل في بعض الدول العربية بشأن مكانة الاتفاقيات الدولية داخل التشريع الوطني، ومدى التزام القضاء بالاعتراف بهذه الاتفاقيات، وخاصة في الحالات التي لا يوجد فيها نصوص واضحة تقضي بسمو المعاهدات أو الاتفاقيات الدولية المصادق عليها والمنشورة على صفحتها الرسمية، حيث يعتبر البعض أن الحقوق التي تنص عليها اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة "تمس بالقيم الإسلامية ومبادئ الشريعة"، أو أنها مخالفة لـ "الخصوصية الثقافية".
صادقت على الاتفاقية 20 دولة عربية حتى الآن، مع التحفظ على بعض بنودها، وقدم بعضهم تبرير بشكل مفصل لكل مادة متحفظ عليها، كما كانت الولايات المتحدة من الدول الموقعة الأصلية، إلا أنها لم تصادق على الاتفاقية حتى كتابة هذا الملف، وعلاوة على ذلك أدرجت مزيداً من التحفظات على اتفاقية سيداو على خلاف أي اتفاقية أخرى متعلقة بحقوق الإنسان.
لم توقع على الاتفاقية كلاً من السودان وإيران والصومال وتونغا والكرسي الرسولي، ويعتبر الأخير كيان سياسي قانوني معترف به دولياً، يرأسه "أسقف روما" أو رأس الكنيسة الكاثوليكية، المعروف عموماً باسم بابا روما أو الحبر الرومي، ويمثل مجموعة من الإدارات والهيئات الكنسية التي يرأسها البابا، ويخضع لكافة القوانين والاتفاقيات الدولية المعمول بها.
يختلف التوقيع على اتفاقية أو معاهدة والتصديق عليها من قبل الدول، فالتوقيع لا يلزم الدولة بأي شيء وتعتبر موافقة مبدئية على بنود أي اتفاقية، والتصديق عليها يلزم الدولة بتغيير أنظمتها التشريعية والقضائية والإدارية لتلائم الاتفاقية، وتعتبر موافقة نهائية على كافة البنود.
بين تحفظ واسع وإزالة التحفظ
يعتبر القانون الدولي بموجب اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام (1969)، تحفظات الدول الأطراف أثناء التصديق على المعاهدات إجراءات مؤقتة ومرحلية، يجرى قبولها على أمل سحبها بعد فترة، وبذلك تأخذ الدول الأطراف بعض من الوقت لاتخاذ التدابير اللازمة لسحب تحفظاتها، أو لإجراء استعراض على أساس حسن النية، تتخذ بعده قراراً إما بالإبقاء على تحفظاتها أو سحبها، أو استبدال التحفظات الغير مسموح بها بتحفظات مسموح بها، أو التخلي عن كونها دولة طرف في الاتفاقية.
انفردت الكويت والتي وقعت على الاتفاقية في عام 1994 في التحفظ على المادة 7 من سيداو التي تنص على المساواة بين الجنسين في التصويت الانتخابي والترشح والمشاركة في صياغة سياسية الحكومة وتنفيذها، وشغلها في الوظائف العامة.
وتحفظت السعودية التي وقعت في عام 2000 بشكل عام على "جميع البنود التي تتعارض مع الشريعة الإسلامية"، أما موريتانيا فتحفظت على "جميع البنود التي تتعارض مع الشريعة الإسلامية والقوانين الداخلية".
وقعت الأردن على الاتفاقية عام 1992 مع تحفظها على ثلاث بنود تتعلق بالمساواة بين الجنسين، فيما صادقت تونس على الاتفاقية مع إبقاء تحفظها على الإعلان العام.
وفي المقابل ألغت بعض الدول العربية تحفظاتها على الاتفاقية، فالجزائر التي وقعت عام 1996 كانت قد تحفظت على المادة التاسعة التي تنص على منح المرأة جنسيتها لأطفالها، ومنحت المرأة حق اعطاء الجنسية للأبناء في عام 2005، بعد تعديل قانون الجنسية.
وألغت الكويت تحفظها على المادة التاسعة أيضاً في عام 2008، بعد تعديل قانون الجنسية، حيث سمحت للمرأة بنقل جنسيتها لأطفالها، وسحبت رسمياً تحفظها على المادة السابعة حول حقوق المرأة السياسية، عندما عدلت قانون الانتخابات في عام 2005، وأعطت المرأة الكويتية حق المشاركة في الانتخابات البرلمانية، كما سحبت الأردن تحفظها على المادة (15) التي تتعلق بحرية تنقل المرأة واختيار مكان السكن والإقامة في عام 2009.
ومن جانب آخر، رفعت تونس والمغرب تحفظاتهما السابقة على الاتفاقية، ولكن لم ينتج عن ذلك شيء ولا تزال مطالبات المنظمات النسوية تراوح مكانها.
قوانين وأعراف بعض الدول تخالف نص الاتفاقية
تطالب المادة الثانية من اتفاقية سيداو بإلغاء جميع الأحكام الجزائية الوطنية التي تشكل تمييزاً ضد المرأة، والتي ترفضها بعض الدول العربية التي لا تزال تجد مبررات تخفيفية للرجل الذي يرتكب "جريمة شرف"، دون أن تعطي نفس الأسباب التخفيفية للمرأة إذا ارتكبت جريمة مماثلة.
هذه النصوص الجزائية لها دلالات في تغليب دور الرجل على المرأة، من خلال إعطاء الحق للزوج بممارسة العنف والضرب في حالة إساءة الزوجة لحق من حقوقه في الوسط الاجتماعي المقررة قانوناً، كثيراً من الحالات الزوج يتعسف في استعمال هذا الحق، كأن يتمادى في ضرب زوجته ضرباً مبرحاً مما يشكل خطراً على حياتها ووضعها الاجتماعي، ويقلل من قيمتها أمام أبنائها ضمن الأسرة.
كما تنص المادة (9) على منح المرأة حقاً مساوياً لحق الرجل فيما يتعلق بجنسية أطفالها، إلا أن العديد من الدول العربية لا تسمح للمرأة بإعطاء جنسيتها لأطفالها، ودعت المادة (15) الدول الأطراف إلى منح المرأة "نفس الحقوق فيما يتعلق بالتشريع المتصل بحركة الأشخاص وحرية اختيار مكان سكنهم وإقامتهم"، أي منح المرأة الأهلية اللازمة للتنقل وإبرام العقود وإعطائها الحرية اللازمة لاختيار مكان السكن الملائم لها بحسب ظروفها المعيشية، إلا أن بعض الدول العربية تقيد حرية حركة المرأة وتربطها بـ "ولي الأمر".
تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة بحسب المادة (16)، لإعطاء المرأة نفس الحقوق فيما يخص عقد الزواج وحضانة الأطفال، ومنحها حرية اختيار الزوج، إلا أن قوانين الأحوال الشخصية في الدول العربية التي تراعي الشريعة الإسلامية في هذا المقام تفرق بين الرجل والمرأة على مستوى الحضانة، وتبيح للرجل المسلم الزواج من امرأة غير مسلمة دون السماح للمرأة بالزواج من رجل غير مسلم.
دور المنظمات غير الحكومية في سحب التحفظات على السيداو
تعمل المنظمات غير الحكومية المعنية بالدفاع عن حقوق المرأة وحقوق الإنسان كمجموعات ضاغطة تحث حكومات الدول على المصادقة على الاتفاقية وسحب تحفظاتها عليها والمصادقة على البروتوكول الاختياري الملحق بها.
وتدعو الحكومات إلى مراجعة وتعديل القوانين والتشريعات واعتماد قوانين جديدة تقضي على التمييز ضد المرأة خاصة في قوانين الأسرة والأحوال الشخصية والجنسية، وأيضاً في خطوة لسد الفجوة بين النصوص والتطبيق.
تشارك المنظمات غير الحكومية أيضاً في إعداد التقارير الحكومية وتقديمها إلى اللجنة المعنية بالقضاء ومنظمات نسائية وحقوقية عربية، وتنشأ شبكات وتحالفات إقليمية، كما هو الحال بالنسبة لتحالف "المساواة بدون تحفظ" الذي تأسس على هامش المؤتمر الإقليمي الذي عقد في الرباط في حزيران/يونيو 2006، بمبادرة من الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، وضم منظمات نسائية ومنظمات حقوق الإنسان في غالبية الدول العربية.
علاقة سيداو بقرار مجلس الأمن رقم 1325
خلال الذكرى السنوية لقرار مجلس الأمن رقم (1325 لعام 2000) والذي صادف العاشر من تشرين الأول/أكتوبر 2010، برز الاهتمام الواضح تجاه أخذ الخطوات الفعلية في تطبيق قرار مجلس الأمن رقم (1325) بكل ما يتعلق بالمرأة والسلام والأمن.
ما زالت المرأة ممثلة تمثيلاً ضئيلاً، إن لم تكن غير ممثلة أصلاً في معظم المناقشات الرسمية للسلام، وبما أن العنف الجنسي يتزايد بمعدل ملحوظ في السلم والحرب على حد سواء، فقد أعرب الكثيرون عن قلقهم من أن فقط 22 دولة عربية من أصل 192 دولة قد بدأت فعلياً في تنفيذ بعض الإجراءات الحقيقية.
يشجع القرار رقم (1325) كافة الدول على إعداد خطة عمل وطنية، لتفعيل القرار على المستوى الوطني، وناقش القرار موضوع تأثير النزاعات المسلحة على النساء والاعتراف بغيابها وتجاهل مساهماتها في حل النزاعات وبناء السلام، وشدد القرار على أهمية مشاركة المرأة على قدم المساواة وبشكل كامل كعنصر فاعل في إحلال السلام والأمن.
أوضحت بعض الحقائق الضرورة الفعلية لاستخدام آليات تشريع خارجية لتعزيز تفعيل قرار مجلس الأمن رقم 1325، والذي يدعو إلى أن المرأة عنصر فاعل في السلام والأمن، خصوصاً فيما يتعلق بتنفيذ اتفاقية القضاء على جميع أشكال العنف ضد المرأة "سيداو"، حيث تضمن مسائلة حقيقية وفعّالة للدول المشاركة عن طريق التقارير المرسلة من تلك الدول وتقارير أخرى غير رسمية من قبل منظمات المجتمع المدني.
تمت مناقشة هذه المسائل المعقدة في العديد من المؤتمرات المحلية والعالمية، والتي كان من ضمنها المؤتمر الذي نظمه المركز الأفريقي لحل النزاعات بطريقة بناءة تحت عنوان "1325 في 2020: تطلع للأمام... نظرة للخلف"، وأيضاً تم مناقشته في مؤتمر ستوكهولم الدولي الذي انعقد لاستخدام اتفاقية العنف ضد المرأة في تحسين تطبيق القرار 1325، تحت عنوان "10 أعوام مع القرار 1325ـ ماذا الآن؟".
اتفاقية سيداو وقراري مجلس الأمن رقم 1325 و1820
تعتبر كلاً من "اتفاقية القضاء على جميع أشكال العنف ضد المرأة" وقراري مجلس الأمن للأمم المتحدة رقم (1325و1820)، أدوات دولية في غاية الأهمية، إلا أن هناك تداخل بين أهدافهم ومعايير تطبيقهم، مما ساعد على زيادة التأثير على آلية تنفيذهم.
نجد أن قراري مجلس الأمن رقم 1325 و1820، يعملان على توسيع حيز تطبيق الاتفاقية عن طريق موائمتها لكل الأطراف المتنازعة، بينما توفر سيداو العقود الاستراتيجية اللازمة لاتخاذ الإجراءات التطبيقية لتنفيذ القرارات ضمن إطار التزام الدول الأطراف على الاتفاقية.
وتعد اتفاقية سيداو معاهدة دولية لحقوق الإنسان، توجب إدراجها ضمن التشريعات المحلية على أنها أكثر المعايير تحديداً بالنسبة لحقوق المرأة، وتلزم كل الدول الأعضاء في مجلس الأمم المتحدة باتخاذ الإجراءات اللازمة للاعتراف بحقوق المرأة وتنفيذها بشكل كامل.
أما قرار مجلس الأمن رقم 1325 يعد قراراً دولياً اتخذ بالإجماع وأوصى بدوره الدول الأعضاء بمجلس الأمن بإشراك المرأة في كافة مجالات العمل خاصة قضايا السلام، ويؤكد على مشاركة المرأة في كافة الخطوات وعلى جميع مستويات النقاش أو اتخاذ القرارات فيما يتعلق بقضايا السلم والأمن.
بينما قرار مجلس الأمن رقم 1820 اعتبر أن العنف الجنسي أحد الأساليب المتبعة في أوقات الحروب مع الحفاظ على السلم والأمن، ويطالب القرار الأمين العام للأمم المتحدة بإجراء تقرير مفصل عن الأساليب والخطط المتبعة لتحسين تدفق المعلومات إلى مجلس الأمن، والطرق المتبعة فعلياً للحماية من العنف الجنسي ووضع نهاية حازمة له.
النقاط المشتركة بين سيداو وقراري مجلس الأمن
طالب كل من القرارين والاتفاقية بمشاركة المرأة في صنع القرار في كافة مراحله، ورفض العنف ضدها بجميع أشكاله باعتباره يعيق تقدمها، ويعمل على إبقائها في حالة من الخضوع، كما يدعون إلى المساواة بين الجنسين تحت إطار القانون، ويجب أن تدار حماية النساء والفتيات تحت سلطة القانون.
كما طالبوا بحماية الفتيات والنساء من العنف الموجه جنسيًا من قبل القوات والأنظمة الأمنية، والاعتراف بأن الخبرات التمييزية والأعباء التي تتحملها الفتيات والنساء تأتي نتيجة لعنصرية ممنهجة ضدهن، فيما أكدوا أيضاً على أن الخبرات والاحتياجات ووجهات نظر النساء بشكل عام يجب أن يتم اعتبارها في القرارات السياسية، والقانونية والاجتماعية مما يضمن تحقيق سلام عادل ودائم.