قفزة 15 آب انتفاضة على استعباد النساء (1)

شددت عضو مجلس حزب حرية المرأة الكردستانية روتيندا آمد على أن قفزة 15 آب/أغسطس هي ثورة ضد عبودية المرأة "لقد تحول الصمت إلى صراخ، والظلام إلى نور، واليأس إلى أمل".

'لقد تحول الصمت إلى صراخ، والظلام إلى نور، واليأس إلى أمل'

مركز الأخبار ـ يصادف هذا العام الذكرى السنوية الـ 38 لقفزة 15 آب/أغسطس التي بدأت عام 1984، والتي تحمل أهمية خاصة في تاريخ الشعب الكردي، أصبحت بقيادة ثورة 19 تموز/يوليو، نموذجاً جديداً يحتذى به في الشرق الأوسط، من خلال النجاحات التي حققتها على كافة الأصعدة.

قالت عضو مجلس حزب حرية المرأة الكردستانية روتيندا آمد، في حوار مع وكالتنا، أن قفزة 15 آب/أغسطس، حققت مقاومة ونجاحاً كبيراً في مواجهة جميع الصعوبات، وهي انتفاضة ضد عبودية المرأة.

 

حدثينا عن الانتفاضات التي أشعلها الكرد قبل 15 آب؟ وما هو موقف المرأة الكردية منها؟

نوه القائد عبد الله أوجلان في تحليلاته الاجتماعية إلى أن مشكلة المرأة هي أصل المشاكل الاجتماعية التي تسببها الطبقة والحكومة والدول. وجذر المشكلة هو أنه ما لم يتم معالجة واقع المرأة، فإن نظام الاستغلال لن يتغير. ومن هذه الناحية فإن المرأة؛ لديها العديد من الأسباب للنضال ضد هذا الواقع الذي امتد لخمسة آلاف عام، سواء كعرق أو طبقة أو كأمة، وظهر هذا الوضع في النضالات الاجتماعية ضد النظام. في بلاد ميزوبوتاميا، حيث تم إحياء ثورة العصر الحجري والحديث، لا يمكن لأحد أن ينكر قيادة النساء، كانت هناك دائماً مقاومة ضد العقلية الرجعية وتطبيقاتها. 

في هذه الجغرافية، وعلى مدى تاريخ كردستان، فإن الثورات التي اندلعت في القرن التاسع عشر ضد الإمبراطورية العثمانية وإيران وفي القرن العشرين ضد الدول المهيمنة في الشمال والجنوب والشرق، لها قيمة وجودية ومصيرية للشعب الكردي. لكن لسوء الحظ؛ وبسبب عدم التنظيم الجيد والخيانات الداخلية لم تتحقق النتيجة المرجوة ولم يتحقق التحرر الوطني والحرية. كما ظهرت في هذه الفترة مشاركة النساء الفعالة في هذه الانتفاضات.

 

"احتلت المرأة مكانتها في التاريخ"

عديلة خاتون، حفصة خان نقيب، قدم خير، هاتو شاناز، مينا قاضي، روشن بدرخان، ليلى قاسم؛ ظريفة من كوجكيري، الأم جولناز في آغري، بسي في ديرسم. جميعهن كانت لهن مكانة ولعبن دوراً في تنظيم الشعب، وعلى مستوى الجمعيات والاتحادات، كما عملن على توعية النساء، وبعضهن شاركن في الكفاح المسلح. كما أن هناك حقيقة أخرى جلية في تاريخ الثورات وهي أن النساء بشكل خاص اتخذن مواقف تاريخية حين القين بأنفسهن من الصخور حتى لا يقعن في أيدي العدو بعد الهزائم وفضلن المقاومة على الاستسلام. كل هذه المواقف المشرفة التي ظهرت، والتي تنطوي على معان كبيرة من منظور الوجود الوطني والحرية، لم تكن كافية لتحقيق المكاسب. بالمعنى العام يمكن القول إن الطابع المجزأ والضيق للانتفاضات، والبعد عن القيادة والوعي الوطني، وعدم تحديد المشكلة الأساسية وطرق التغلب عليها، مثل عدم فهم التنظيم والنشاط، والافتقار إلى القضايا الأساسية هي التي أسفرت عن هكذه نتيجة. والوصول إلى حالة من إنكار الذات وقبول واقع الاحتلال. وكما أوضحنا فإن مشكلة المرأة هي أساس كل المشاكل. في مجال الديناميكيات الثورية، يتم تعريفها وفق منظور النظام، وهي نقطة تحتاج إلى حل. أكثر الجوانب الأساسية التي تجعل ظهور حزب العمال الكردستاني حيوياً وذا مغزى هي المرأة.

 

هل لكم أن تخبرونا عن ظروف القرن العشرين عندما انطلقت قفزة 15 آب؟ كيف شاركت المرأة في النضال؟ وكيف كان وضع النساء والشعب الكردي قبل 15 آب؟

محاولات إطالة عمر القوى الرأسمالية في النظام العالمي، فضلاً عن ممارسات النظام الفاشي التي ظهرت في الدول المهيمنة الإقليمية، أدت إلى ظهور تجربة الاشتراكية الواقعية في البحث عن تنظيم على مستويات مختلفة. كانت السبعينيات سنوات التحرر الوطني والحرية والديمقراطية والقيم الإنسانية مثل حق الأمم في تقرير مصيرها. الوضع بالنسبة للشعب الكردي كان يتمثل بالتعذيب والقسوة والمجازر. في الربع الأخير من القرن العشرين، بعد قمع التمردات التي تطورت ضد هجمات الإنكار والدمار، نرى حقيقة أن الكرد كانوا يتجهون نحو الفناء.

 

"جرت محاولة لقمع الانتفاضة"

في جميع أنحاء العالم، كانت النساء والشباب والمجتمعات الدينية والأمم في حالة انتفاضة، ولكن في ظل الظروف في تركيا، كان هناك ممارسات لقمع وإسكات هذه التطلعات. مع انقلاب عام 1971، تعرضت التنظيمات الثورية لضربات كبيرة من خلال استهداف قادة اليسار والاشتراكيين. في هذه الفترة بالتحديد يدخل نضالنا من أجل الحرية بقيادة القائد عبد الله أوجلان صفحات التاريخ. ومع انقلاب عام 1980، كان الهدف هو وضع حد لحركة الحرية التي ظهرت حديثاً وجميع الديناميكيات الثورية من خلال ممارسة إرهاب الدولة المفتوحة ضد المجتمع بأسره. كما تم القبض على العديد من القياديين في الحركة، حتى الآن لا تزال الدولة التركية الفاشية وعقلية الهيمنة تسعى وراء ذلك؛ نظراً لأنها تعتقد أنها تخلصت من الخطر، فهي تسعى للتأكد من عدم القيام بأي محاولة أخرى.

مقاومة سجن آمد، حيث تم الاحتفاظ بمعظم القياديين في حركة الحرية الذين قالوا "لن ندع نيران التمرد هذه تنطفئ"، تعبر عن حقيقة إنهم سوف يتابعون هذا النهج مهما كان الثمن باهظاً. في مقاومة السجون، عدا عن مقاومة مظلوم دوغان وخيري دورموش وكمال بير، فإن مقاومة سارا هي على كل لسان. في مواجهة النظام الفاشي القمعي، كانت صفعة من النساء لن تُنسى. إن الإيمان بتحرير الحياة الذي تجسد في حزب العمال الكردستاني، أظهر للعدو أن هذا التمرد لن يتوقف. وسطرت في سجن آمد مقاومة تم تدوينها في التاريخ وتم تحديد مسار النضال الذي يجب اتباعه. لقد حددت هذه المقاومة طريق نضالنا من أجل الحرية.

 

ماذا يعني 15 آب للشعب الكردي والمرأة الكردية؟

قفزة 15 آب هي خطوة كبيرة ضد الإنكار والإبادة الجماعية للكرد، والإبادة الجماعية الثقافية، وإجبارهم على حياة بلا هوية وبلا شخصية. الآن هناك قيادة وقوة رائدة في الكفاح من أجل الوجود والحرية. من منظور التطور التاريخي، كان وضع حد للانهيار يتطلب دائماً الشجاعة والتضحية والقوة. في هذه المواقف التي لا يوجد فيها خيار آخر سوى المقاومة باسم حياة الإنسان، ومع قفزة 15 آب، بدأت حرب الكريلا التي هي أهم جزء في النضال من أجل الحرية. إن حرب الكريلا في فكر القائد عبد الله أوجلان عن الحياة والحرب ليست تشكيلاً عسكريا فحسب، بل هي أساساً أسلوب حياة.

 

"الثوريات توجهن إلى الجبال"

في المرحلة الأولى للمجموعة، كانت ساكينة جانسيز موجودة، ومع مرور الزمن ازدادت مشاركة وانضمام النساء إلى الحركة. حياة سارة في الحرب والمقاومة، أتاحت للمرأة الثورية التي تريد الحرية أن تتوجه إلى الجبال وهذا أصبح مصدر قوة بالنسبة لها. نشأ تاريخ المرأة على المقاومة وبذلك توجهت آلاف النساء إلى الجبال.

وبهذه الطريقة، تعتبر مشاركة المرأة الكردية في حرب الكريلا علامة فارقة. إذا تم الكفاح من أجل تحرير الحياة، فإن استبعاد النساء من هذا سيكون تكرار للخطأ التاريخي. تعتبر المخاطر التي تنطوي عليها هذه الخطوة والسماح بها أحد الاختلافات الرئيسية في قيادة القائد أوجلان. إن إصرار الرفيق عكيد وشغفه بتطوير حرب الكريلا، مع وجود القيادة وحب النضال والروح الثورية، جعل من الممكن تحقيق مثل هذه القفزة.

 

"فرصة الحياة برزت للمرأة"

إن قفزة 15 آب تعبر عن انتقال التنظيم والنشاط إلى مرحلة مختلفة. ومع ذلك، فقد تحول هذا الصراع الآن إلى حرب تشغل غلاديو الناتو المشارك في سياسات الإبادة الجماعية للفاشية التركية. عندما يؤخذ بعين الاعتبار مستوى سياسات وممارسات الإنكار والدمار التي طورتها الدول المهيمنة في كردستان، أصبح الانضمام إلى حركة الحرية عنواناً لوقف هذا الوضع وفتح الطريق إلى الحرية. الآن بالنسبة للنساء اللواتي يعشن أعمق مستوى من العبودية، ظهرت فرصة لإثبات أنفسهن وإعطاء معنى للحياة.

 

"نحن النساء لائقات بالجبال والجبال تليق بنا"

عندما قال القائد عبد الله أوجلان "حتى لو نزل الجميع من الجبل، فإن النساء لن ينزلن من الجبال"، كان يتحدث في الواقع عن السر الخفي للتاريخ وجماله، والإرادة التي خلقتها، وتحقيق قوتها المنظمة. مع انتشار التنظيم، عادت النساء الكرديات اللواتي استفدن من هذه الفرصة إلى الحياة بنار الحرية التي تم إيقادها في الجبال، ووصلت إلى قوة المعنى وتعلمت ما خلقه الرجال والنساء. أي أننا كنساء كنا لائقات بالجبال، والجبال تليق بنا. الجبال بجبروتها وتمردها احتضنتنا مثل حضن الأم. مع إطلاق الطلقة الأولى على العبودية، استمدت النساء القوة من الشائعات التي انتشرت، وتأكدن أن الجبال هي المكان الذي يمكنهن اللجوء إليه.

منذ المرحلة الأولى، أصبح وجود النساء في حرب الكريلا ومواقفهن تجاه الصعوبات الكبيرة التي يواجهها الناس موضوعاً للملاحم. الملاحم التي بدأت من بوتان وانتقلت بحماس على لسان كل الناس في كردستان، وصلت من القرى إلى السهول والمدن، وخاصة النساء كان لهن تأثير كبير على المجتمع بأسره. مع زيادة المشاركة في حرب الكريلا، نواجه حقيقة أن النساء أصبحن قياديات في الجيش، وذلك تجسد في شخص الشهيدة بيريتان، فهي تقاتل ضد نهج خيانة العملاء بفكر واضح. مع الشهيد زيلان، يتم تنظيم روح التضحية بالنفس، إن المقاتلات اللواتي أثبتن إيمانهن وتصميمهن ومثابرتهن وجهدهن في الحياة دون تردد، وضعن بصمات الانتصارات التي تحققت في عصرنا.

 

ما هو التوازن والفرق الموجود بين النضال الوطني والنضال من أجل حرية المرأة؟

ليس من الخطأ القول إنه بدون أحدهما سيظل الآخر غير مكتمل. لأن تعريف "كردستان مستعمرة"، والذي يعبر عن فرصة ظهور حزب العمال الكردستاني، قد أجاب بإيجاز "لماذا النضال القومي ولماذا النضال الجنسوي". الاستعمار في وطن ما يعني إنكار اللغة والثقافة والهوية والوجود. وشرعنة جميع أنواع الاضطهاد والظلم. لذلك، فإن إنكار اللغة والثقافة والهوية يعني أنه لا يوجد شيء يخص النساء هناك. بعبارة أخرى، كشفت حركتنا في بيانها التأسيسي أن النضال الوطني وحده لن يكون قادراً على هزيمة هذه الإبادة الجماعية. مما لا شك فيه أن هذه الرؤية العظيمة للقائد أوجلان هي أبرز اختلاف له عن القادة الآخرين. أشار القائد إلى الصراع بين الجنسين على النحو التالي "إذا منحوني كردستاناً لا تكون المرأة فيها حرة، فإنا لن أقبلها بأي شكل من الأشكال". بمعنى أن العامل الرئيسي الملموس لحرية أي مجتمع يتجسد في حضور هوية المرأة. لهذا السبب، كان النضال الوطني والنضال الجنسوي دائماً متلازمين في واقع نضالنا.

 

"الحرية تتجسد في الوعي والنضال الجنسوي"

مع تطور نهج حرية المرأة وتحوله إلى نهج اجتماعي، نما الوعي الوطني وتطور وغيّر مفهوم حياة الأسرة في المجتمع. لذلك، لا يمكن للمجتمع أن يصبح مجتمعاً حراً إلا بالتغلب على العقلية والممارسات الجنسية في العلاقات بين الرجل والمرأة. لهذا السبب، فإن تطوير المجتمع نحو الحرية يتجسد في الوعي والنضال الجندري. أنه يتجسد في وضع يسمح للنساء بالنضال بجد أكبر من أجل كردستان حرة، ومجتمع حر. يتم الحديث عن الذهنية القومية على مستوى العالم. ولكن فيما يتعلق بحرية المرأة، يظهر الخداع الذي يعمق من العبودية. لذلك، إن نيل الحرية الحقيقية والاستقلالية الحقيقية والذاتية الحقيقية يتطلب دائماً الوعي والنضال والحرب.

وفي النهاية لا يمكن للمجتمع أن يكون حراً إلى بتحرر المرأة. من أجل خلق هذا الوعي، يجب أن تعمل المرأة بجدية أكبر، وألا تستسلم، وأن تستفيد من إنجازات تاريخنا. بعبارة أخرى، لم تكن قفزة 15 آب مجرد إطلاق نار، بل كانت أيضاً رمزاً للتمرد على استعباد النساء وبداية المقاومة. يمكننا التعبير عن اختلاف حزب العمال الكردستاني بهذه الطريقة لأن حركة حزب العمال الكردستاني قد تجاوزت التصور اليساري الكلاسيكي وأثبتت في كل خطوة أن لديها منظوراً للنضال الذي يشمل جميع الحريات وجميع الشعوب الأصيلة، وأن كل توق إلى الحرية يمكن أن يرى نفسه فيه. لأن حركة حزب العمال الكردستاني أثبتت في كل خطوة أن لديها فهماً لنضال تجاوز مفهوم اليسار الكلاسيكي ويحتضن كافة الفعاليات والخصوصيات، ويمكن للجميع الانضمام إليه بقرارهم الخاص من أجل الحرية.

 

غداً: كل امرأة تبقى بدون حماية ستتعرض لعنف الرجل