مُنظمة سارا تُحارب كافة أشكال العنف والتّمييز ضد المرأة

تُقدم منظمة سارا لمناهضة العنف الدّعم للمرأة وتنصفها في حال تعرضها للظلم والتّعدي، وتستمر بملاحقة قضاياها في المحاكم لتنال حقوقها حتى بعد موتها وإغلاق ملفات القضايا، وتؤكد عضواتها على أن العنف موجود في كافة أنحاء العالم لكن لا يجب أن تخضع المرأة له

رهف يوسف 
قامشلو ـ .
انطلقت منظمة سارا لمناهضة العنف ضد المرأة في شمال وشرق سوريا، لتكون خير مُساند للمرأة في ظل أزماتها وقضاياها، فتارةً اعتمدت لحل مشكلاتها على السّلم واللين واستئصال جذور الخلافات، وتارة أخرى انتهجت مبدأ الحزم لتطبيق العدالة الاجتماعيَّة.
 
سلسلة من المحاضرات التّوعويّة والمُبادرات والحملات والمشاريع الداعمة للمرأة
 
 
العضو في لجنة الإعلام والأرشيف وتنسيق منظمة سارا لمُناهضة العُنف ضد المرأة رجاء عيسى، قالت أنَّ المُنظمة نسوية بحتة، تُناهض كافة أشكال العنف والتَّمييز ضد المرأة، وانطلق عملها في عام 2013.
وفي عام 2014، افتتحت المنظمة ورشات للأعمال اليّدويَّة، وسعت لتوفير فرص عمل للنساء، ليفتتح محل عشار بالتّنسيق مع هيئة المرأة، ونظمت عشر وقفات احتجاجية حول (الاتجار بالنَّساء، وزواج القاصرات، والانتحار، وجرائم القتل التي ارتكبها داعش، وخطف راهبات معلولا)، واعتصام لقتل اللاجئات في المخيمات تحت ذريعة الشّرف.
وتبين رجاء عيسى أن المنظمة بدأت من ثلاث عضوات وعدد من المُتطوعات عملنَّ على مُناهضة العنف بكافة أشكاله بين كافة المكونات، "ارتكز عملنا في البداية على إعطاء المُحاضرات في الكومينات، والقرى، والبلدات، والمجالس؛ بغية توعية المرأة، لتنال حقوقها وتُدرك واجباتها". واضافت "نُنصف ونوجه النساء، ولدينا لجنة متابعة المُعنفات وفيها حقوقية وعضوة أخرى، لنتابع قضاياهنَّ في المحاكم، ولدينا أرشيف كامل بالقضايا التي نسهم في حلها، ونسعى للارتقاء بالمرأة نحو الأفضل، ونتعاون مع العديد من المُنظمات المحلية والدّولية لتحقيق ذلك". 
وتكون خطوات العمل حسب القضايا التي تُعرض على المنظمة، "لاحظنا أنَّ نسبة العنف في القرى أكثر من أي مكان آخر، ولا سيما بين المكون العربي، إذ ترتفع نسبة تعدد الزّوجات، وزواج القاصرات، لذا ركزنا على هذه المواضيع عبر محاضراتنا التّوعويّة التّثقيفية، عبر عرض جوانب الموضوع كافة وسلبياته وأسبابه، إضافة للبروشورات والملصقات التي نشرناها".
كما وزعت عضوات المُنظمة الملصقات في شوارع قامشلو بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة عام 2016.
وتابعت "قمنا بحملة لمدة تسع أشهر في كافة النواحي والبلدات، لنقلل من هذه الظّواهر، وهناك قضايا نستطيع التّدخل وحلها بشكل سلمي وأهلي، وأخرى نحيلها إلى المراكز المعنية كدار المرأة أو المحكمة". 
وحول آلية عملهم تبين "إذا لجأت لنا معنفة، وعلامات الضّرب ظاهرة على جسدها، نُصور الكدمات ونثبت القضية، ونستدعي عائلة الزّوج والزّوجة، محاولين حلها بالتّراضي بدون دعاوى". 
ومع تصاعد الضَّغوطات النَّفسية في الفترة الأخيرة جراء الحرب السَّائدة في المنطقة، تزايدت حالات الانتحار والقتل بحق النّساء، "نعاني من هذه المشكلة، لأن النّساء بدأنّ ينظرنَّ لإزهاق أرواحهنّ على أنه الحل الأخير لهنّ، وفي الواقع فإن الجاني المُرتكب جريمة بحق المرأة لا ينال جزاءه العادل في المحاكم، على الرّغم من أنه تم وضع قوانين لذلك في عام 2014، إلا أنها لا تطبق بشكل كامل حتى الآن".
وأكملت "أصبح هناك ترويج للقتل، إذ بدأنا نرى أشخاص يقتلون النَّساء ويدعون أنهنَّ انتحرنّ، لذا نطلب بأن تكون العقوبات صارمة".
وتشير إلى أهم المشاريع التي عملوا عليها كـ (الوعي الذاتي) في عام 2017، بالتنسيق مع الهلال الأحمر الكردي واستهدفوا 500 يافع/ة في مُخيمات "مبروكة، الهول، العريشة، روج، نوروز، عين عيسى"، و (نساء من أجل التغيير) في عام 2019 التي أعطي عبرها 21 محاضرة، "حالياً نأخذ مبادرات مع المنظمات المحلية التي تعمل على أرض الواقع، والأخيرة كانت فترة كورونا وبدأت بهاشتاغ على صفحتنا بعنوان ( من سارا سنبدأ.. فمن سيبدأ معنا)، ووزعنا سلال غذائية صغيرة لنساء بلا معيل، وكمامات وبروشورات توعية بكوفيد ـ 19".
وكذلك كانت مبادرة (أنت العطاء) في عام 2018، زارت خلالها عضوات المُنظمة عائلة من عفرين ودار الشهيدة فيان للمسنات، وفي عام 2019 حملة (إضاءات) حول واقع المرأة المثقفة في السَّينما، الموسيقا، الكتابة، الشّعر... وغيرها. 
وتدعو جميع المُنظمات في شمال وشرق سوريا إلى التّعاون معهنَّ، لتخليص المرأة من القيود "سنركز عملنا على قضايا قتل النّساء، لأن الجهات المعنية لم تقم بمحاولات لوقف ذلك، فالقتل أصبح لدينا ظاهرة".
ولم يرتكز عمل المُنظمة على هذه القضايا فحسب، بل انها عملت في عام 2015 على افتتاح دور خياطة للنساء، وعقد جلسة عن علم الطَّاقة والبرمجة في مركز المُنظمة وتقديم الدّعم النّفسي للنساء عبر المحاضرات والدّروس.
 
ملاحقة قضايا المرأة في المحاكم وكشف اللثام عن الحقائق
 
 
الإدارية في المكتب القانوني لمنظمة سارا أرسو تمو، قالت "أريد إفادة النّساء والحصول على حقوقهنّ، حتى أصلح الخلل في مجتمعي، لذا بدأت بإعطاء المُحاضرات".
وتبين أنهنَّ قمنّ بحملة (المرأة حياة لا تقتلوا الحياة) لمدة تسع أشهر وبدأت من 16 آذار/مارس حتى 25 تشرين الثّاني/نوفمبر 2019، وغطت 24 قرية، وبلغ عدد المحاضرات المُعطاة 100 محاضرة، والنّساء الحاضرات 2753، "أردنا عبرها طرح مواضيع عدة أبرزها العنف، وتمكين العلاقات الأسريَّة، وزواج القاصرات وتعدد الزّوجات، واستهدفنا الجّنسين، لأننا نهدف بالدرجة الأولى لتحقيق المساواة، ووصلنا إلى منطقة المناجير التّابعة لرأس العين/ سري كانيه".
وبعد عام ونصف دخلت المجال القانوني "أتابع قضايا قتل النساء في محاكم الإدارة الذَّاتيّة وجميع الدّعاوى الجَّزائية كالاغتصاب وغيرها، لأدافع عن حقوق المرأة، لدي جلسة في 12 أيلول/ سبتمبر من أجل قضية شابرين لأحقق العدالة لها واستخلص حقها من قاتلها، ويحق لي رد القرار أو وقفه في حال كان غير عادل".
وشابرين امرأة قتلت في كركي لكي منذ عامين على يد زوجها عن عمر يناهز الـ 24 سنة وهي أم لابنة، ادعى الجاني أنَّها انتحرت، وبعد دفنها بحثت المنظمة في القضية وسألت عنها، وبعد 15 يوماً أخرجت الجّثة، وعُرضت على الطّبيب الشّرعي حتى يظهر في النّهاية وجود جريمة قتل، ليُعاد فتح الملف وتبدأ التّحقيقات من جديد. 
وذكرت أرسو تمو قضية أخرى وهي لـ (هيلين) التي قتلت في الكورنيش بمدينة قامشلو على يد شقيق زوجها بـ 21 طعنة في عام 2019، "في ذلك الوقت نظمنا مسيرة شعبية، انضم لها عائلة المغدورة، وزوجها أنكر معرفته بالأمر وحُكم لمدة عامين، وصدر الحُكم بحق الجاني بالسجن لثماني سنوات، إنني أرى هذا الحُكم غير عادل، بل كان يجب أنَّ تكون العقوبة أشد".
وفي حال كانت القضية تتعلق بالشَّرف أو الخيانة الزّوجيّة دعت إلى التّفريق "في حال كان هناك خيانة تحتاج لأربع شهود عليها، ولكن في مجتمعاتنا أصبح ادعاء جريمة الشّرف منتشراً لتبرير فعل القتل بدون أدلة".
وأعطت مثال على ذلك المغدورة (خديجة) من الهلالية والأم لأربع أطفال، قتلها زوجها بعد أن طلقها بـ 21 يوم، مستدرجاً إياها بإعادتها لمنزله بحجة رؤية أطفالها "السّؤال الذي يطرح نفسه في هذه القضية هو أنَّ مبرر الرّجال لجرائم الشَّرف هو فورة الدّم أو الغضب في حال رأى المرأة في وضع غير سوي، ولكن في هذه الحالة انتهت فورة الدّم"، وتساءلت "إن كان هناك حقاً خيانة فَلِم لم يقتل الرّجل أيضاً، فالخطأ نفسه يقع على الطّرفين، وهنا نجد الخلل في رؤيا الرَّجال لذلك". 
وقالت أرسو تمو "العنف موجود في كافة أنحاء العالم وليس فقط في سوريا، ولكن على المرأة ألا تخضع لذلك، وتعتبره أمراً واقعاً مفروضاً عليها".
وبلغت دعاوى المرأة الواردة إلى لجان التّحقيق والادعاء بإقليم الجّزيرة (2019) حوالي 23 قتل، 11 تحرش، 5 فعل منافي للحشمة، 46 زواج قاصر، 27 دعارة، 27 قضية خطف ومحاولة ذلك، 5 انتحار، 5 شروع بالقتل، 288 ضرب وإيذاء، 124 تعدد زوجات، و3 اغتصاب، و4 خيانة زوجية.
 
2020 و2021 عمل مُستمر ونشاطات فعالة بنتائج مَلموسة
بدأت حملة منظمة سارا لمناهضة العنف في اليوم العالمي لحقوق الإنسان بعنوان (الاحتلال عنف بمقاومة هفرين سنحطم الاحتلال والفاشية) عبر بيان، وإطلاق هاشتاغ تحت شعار (العدالة لهفرين خلف)، وبلغ عدد المتفاعلين بعد الحصر 11573، وفي المرة الثانية لتفعيله على مواقع التّواصل وصل العدد لـ 30320، وما يزال مستمراً. 
واستنكاراً لجريمة القتل التي حدثت في كوباني بحق أم وابنها، من قبل زوجها الذي رجمهما بالحجارة، أطلقت حملة هاشتاغ لتحقيق العدالة لها، وبلغ عدد الدّاعمين 1306، وحتى الآن يتابع القضية المكتب القانوني في كوباني. 
أما وفي ظل تفشي وباء كورونا أطلقت المنظمة مبادرة إنسانية تحت شعار "من سارا سنبدأ"، تضمنت توزيع المساعدات المادية والمعنوية للنساء بلا معيل وذوات الاحتياجات الخاصة، وتكفلت بإجراء عملية ولادة لامرأة مُهجرة من رأس العين/سري كانيه بالتعاون مع إحدى الطّبيبات النسائيات، وبالتنسيق مع المُنظمات والمُؤسسات الدّاعمة بكوباني قُدم مبلغ قدره 150 دولار لأربع عوائل لديهم حالات إعاقة.
وشاركت سارا في التّوقيع مع 48 منظمة سورية على إدانة قطع الدّولة التّركية المتعمد للمياه في شمال وشرق سوريا، وتكرار قطع مياه محطة علوك، والتّوقيع على نداء منصة مؤسسات المجتمع المدني في شمال وشرق سوريا مع 121 منظمة محلية لمواجهة تفشي وباء كورونا، والتّوقع مع 41 منظمة على مناشدات لوقف المحاكمات التّعسفية بحق أكثر من 90 معتقل سوري في السّجون التّركية والمطالبة بالإفراج عنهم.
وبالتعاون مع منظمة حقوق الإنسان أُعطيت ورشة تدريبيّة لمدة يومين في مركز المّنظمة عن آلية توثيق الانتهاكات بحق النَّساء في الحروب، وبلغ عدد المُستفيدات 18 امرأة، إضافة للعديد من المُحاضرات الأخرى، وعقد ندوة حوارية في مدينة عامودا بعنوان "دقيقة فقط.... تغير حياتك" حضرها 17 امرأة، ونشاط ترفيهي في مخيم سري كانيه بالحسكة بمناسبة اليوم العالمي للطفل بالتنسيق مع عدة منظمات، وتم توزيع هدايا عينية لــ 1016 طفل/ة.
وبالتنسيق مع منظمة ديموس أطلقت مبادرة (أنت الأمل) نتيجة تزايد حالات الانتحار، وبالأخص بين فئة المراهقات حيث تم استهداف المدارس التالية (عبد الوهاب، مقصود، الزَّهراء).
 
"حالات العنف تكثر بين الفئة الشَّابة لذا ركزنا عليها"
 
 
وقالت إداريَّة منظمة سارا لمناهضة العنف ضد المرأة كليستان عفدكي، أنَّ تركيزهنَّ انصب على توعية الشَّبان والشَّابات "الجميع يعلم بأنهم أساس قيام المجتمع، والمشاكل التي تتعرض لها النَّساء من عنف وغيرها نراها بكثرة في الطَّبقة الشَّابة، وسعينا لتغيير فكرهم عبر المُحاضرات وورشات العمل، عبر طرح مواد وأفكار سهلة وسلسة، وكان التَّجاوب جيداً".
وأضافت "حاولنا الخروج من قالب الاجتماعات والمُحاضرات، عبر اللقاء بالفئة الشابة وأخذ طلبات العضوية منهم، ليكونوا فاعلين ضمن المنظمة، ويبحثوا عن المشكلات وأسبابها ويوجدوا الحل للمشكلة بحد ذاتها".
وبينت "عن طريق التَّجربة يعرف المرء السَّلبيات والايجابيات، وبالتالي نتجاوز السَّلبيات ونعزز الايجابيات، لذا كان لا بد من استهداف الجانب النفسي للمرأة عبر الورشات التَّوعويَّة وتقديم الدَّعم النَّفسي وحلقات البحث بهذا الجانب، ولا سيما مع تزايد حالات الاكتئاب والضّغط النَّفسي الشَّديد، بالتنسيق مع منظمات مختصة بهذه المجالات".
وقالت "كمنظمة نسويَّة وقفنا إلى جانب كل امرأة تعرضت للعنف بعيداً عن القومية والجَّنسية، والدَّولة التي هي فيها، ومنهنَّ ليلى كوفن، التي دعمناها عبر التَّصريحات والبيانات، إضافة للأمينة العام لحزب سوريا المستقبل هفرين خلف، وزهرة بركل، وسعدة وهند وغيرهنَّ العديد، ونعترف بتقصيرنا بحقهنَّ مهما فعلنا".
ولأن ثقافة العنف اليوم تنتشر على مواقع التَّواصل الاجتماعي، بعد أن كان قتل النَّسوة يتم في السَّابق بتكتم، تقول كليستان عفدكي "هذه أعمال مُدبرة ومدروسة، تُحاول عرقلة تطور النَّساء الملحوظ، والرَّسالة مفادها (نحن ما زلنا قادرين على قتلكنَّ، وإهانتكنَّ، وتشويهكنًّ)".
وفي فترة الحظر يكون التَّواصل المُباشر معدوماً، قالت كليستان عفدكي "سنعتمد على مواقع التَّواصل الاجتماعي، لذا وضعنا خطوط خاصة للإبلاغات، وننسق مع الكومينات".
وقامت المُنظمة بالعديد من الأعمال والنّشاطات الأخرى، وتستمر بعملها في مناطق شمال وشرق سوريا على وجه الخصوص، وممارسة دورها كمنظمة نسوية نشطة وهادفة.