حركة سوفراجيت... 'أصوات من أجل النساء' (3)

امرأة دفعت حياتها ثمناً في سبيل حصول المرأة على حقها في التصويت، تعرضت للاعتقال والتعذيب والمعاملة القاسية عدة مرات، إيميلي دافيسون أول شهيدة لحركة سوفراجيت

إيميلي دافيسون... شهيدة حركة سوفراجيت

مركز الأخبارـ .
ولدت إيميلي ويلدينج دافيسون في 11تشرين الأول/أكتوبر 1872 في روكسبيرغ هاوس، غرينويتش جنوب شرق لندن، حصلت على درجة البكالوريوس مع مرتبة الشرف من كلية رويال هولواي، درست بعدها اللغة الإنجليزية وآدابها في كلية سانت هيو أكسفورد ونالت مرتبة الشرف الأولى، لكنها لم تتمكن من الحصول على الشهادة لأن النساء في تلك الفترة كن ممنوعات من ذلك، عملت كمربية ومدرسة لعائلة في بيركشاير.
 
الأكثر تهوراً وجرأةً بين أعضاء الاتحاد
بدأ نضالها من أجل حق المرأة في التصويت عبر حركة سوفراجيت بانضمامها في عام 1906 إلى الاتحاد الاجتماعي والسياسي للمرأة (WSPU)، الذي تأسس على مبدأ أن المواجهة القتالية ضرورية لتحقيق هدفهم في منح المرأة حق التصويت.
في عام 1909 تخلت إيميلي دافيسون عن التدريس، لتكرس نفسها بدوام كامل للترويج لقضية حق المرأة في التصويت.
بدأت في حضور اجتماعات الاتحاد وأصبحت الضابطة في الاتحاد والقائدة الرئيسية خلال المسيرات، واتخذت إجراءات هجومية على نحو متزايد، حيث وصفتها عضو الاتحاد الاجتماعي والسياسي للمرأة سيلفيا بانكهورست بأنها واحدة من أكثر المسلحين تهوراً وجرأة.
 
الاعتقال 
لم تكن إيميلي دافيسون خائفة من عواقب أفعالها السياسية، وكانت على استعداد للتعرض للاعتقال والتعذيب في سبيل النضال من أجل حق المرأة في التصويت، فقد سجنت تسع مرات وتعرضت للإطعام القسري 49 مرة، ففي آذار/مارس 1909 ألقي القبض عليها أثناء محاولتها تقديم التماس إلى رئيس الوزراء هربرت هنري أسكويث، حكم عليها بالسجن لمدة شهر؛ لإدانتها بالتسبب في إحداث الاضطرابات. بعد أربعة أشهر اعتقلت مرة أخرى لمحاولتها الدخول إلى قاعة الاجتماع في لندن أثناء ألقاء وزير الخزانة ديفيد لويد جورج خطاب، فحكم عليها بالسجن شهرين إلا أنها أضربت عن الطعام وبعد خمسة أيام أطلق سراحها.
 
"مأساة واحدة كبيرة قد تنقذ العديد من الآخرين"
اتبعت إيميلي دافيسون الأساليب المتشددة التي تبناها الاتحاد الاجتماعي والسياسي للمرأة، فبدأت بإلقاء الحجارة لتكسير النوافذ أثناء اجتماع المجلس الذي عقد للاحتجاج على ميزانية عام 1909، ألقي القبض عليها وحكمت لمدة شهرين، لكنها خرجت بعد يومين ونصف لإضرابها عن الطعام.
عندما قبض عليها بتهمة الاعتداء على وزير الحكومة السير والتر رونسيمان بإلقاء الحجارة عليه معتقدةً أنه لويد جورج، استغلت ظهورها في المحكمة لإلقاء الخطب ونشرت مقتطفات من أقوالها في صحيفة الاتحاد أصوات من أجل النساء "Votes for Women".
 بعد عدة أيام القت إيميلي دافيسون مع بعض الناشطات الحجارة على سيارة لويد ديفيد جورج، اعتقلت هي ورفيقاتها وحُكم عليهن بالأشغال الشاقة لمدة شهر في سجن سترينجوايز، أضربن عن الطعام احتجاجاً على رفض الحكومة تصنيفهن كسجناء سياسيين، لكن الحكومة اتبعت سياسة الإطعام القسري للسجناء، حيث قالت "إن التجربة ستطاردني برعبها طوال حياتي، ولا يمكن وصفها تقريباً... كان التعذيب همجياً"، ولمنع تكرار التجربة مرة أخرى تحصنت إيميلي دافيسون في زنزانتها باستخدام سريرها ومقعدها ورفضت السماح للسلطات بالدخول، غضبت السلطات من أفعالها المتشددة، وقاموا بكسر أحد النوافذ وإدخال خرطوم إلى الغرفة، وغمروها بالماء المثلج.
دفعت المعاملة القاسية التي تلقتها إلى قلق زعيم حزب العمال كير هاردي، ورفعت دعوة قضائية ضد الرجال المسؤولين عن الحادثة في سجن سترينجوايز، وتم منحها تعويض.
استمرت عضوات حركة سوفراجيت باتباع أساليب أكثر تشدداً، فعندما بدأت أحداث 18 تشرين الثاني/نوفمبر عام 1910 والتي يشار إليها بالجمعة السوداء، اقتحمت النساء البرلمان لمقابلة رئيس الوزراء هربرت اسكويث، تعرضن خلالها لاعتداء جسدي وجنسي، فكانت الجمعة السوداء نقطة تحول بالنسبة للنساء لتغيير أساليبهن في الحركة لتعزيز القضية بشكل كبير فتحولت أساليبهن إلى إلقاء الحجارة وتحطيم النوافذ، وفي عام 1911 تصاعدت أعمال إيميلي دافيسون واتبعت أساليب أخرى من خلال الحرق المتعمد لصناديق البريد والأعمدة في لندن، ألقت الشرطة القبض عليها وحكمت لمدة ستة أشهر بتهمة إشعال النار، تعرضت خلالها للمعاملة القاسية والإطعام القسري، حاولت أن تضع حد لهذه المأساة التي تتعرض لها هي وزميلاتها بالقفز من شرفة السجن، حيث قالت "كانت الفكرة في ذهني أن مأساة واحدة كبيرة قد تنقذ العديد من الأخرين".
 
دفعت حياتها ثمناً لحصول المرأة على حق التصويت
اقتنعت إيميلي دافيسون بأن المرأة لن تحصل على حقها في التصويت إلا بالتضحية، ففي 4 حزيران/يونيو 1913 حضرت ديربي أبسوم لسباقات الخيل، كان هدفها دفع قضية المرأة إلى الواجهة، حاولت تعليق علم حركة سوفراجيت على رقبة حصان الملك جورج الخامس، فعندما بدأ السباق انحنت من تحت الدرابزين وسارت إلى المسار، رفعت يدها لتعلق العلم لكن الحصان اصطدم بها وضربها في رأسها، توفيت بعد أربعة أيام من رقودها في المستشفى، لتصبح أول شهيدة لحركة سوفراجيت في 8 حزيران/يونيو 1913.
حلم إيميلي دافيسون الذي ناضلت من أجله ودفعت حياتها ثمناً له تحقق بعد وفاتها بـ 15 عاماً، حيث منحت بريطانيا المرأة حق التصويت في عام 1928.
 
غداً... ميليسنت فوسيت امرأة الحركة السلمية
 
(غدير العباس)