الثورة والمرأة التي غيرت العالم (2)

بعد ثورة أكتوبر 1917، تم إجراء تغييرات مهمة من قبل النساء، وبُذلت الجهود لإنهاء المعاملة غير المتكافئة للمرأة.

مركز الأخبار ـ في الأيام الأولى لثورة 25 أكتوبر 1917، صدرت مراسيم تضمن قوانين وحقوق متساوية. تضمنت هذه المراسيم قوانين للعمل المتساوي والأجر المتساوي، والعمل لمدة 8 ساعات، وحماية جهد الأمهات والأطفال. تم الاعتراف بالأمومة وعمل المرأة في المنزل وفقاً لإنتاج العمل الاجتماعي، كوظائف اجتماعية. كما تم توزيع الأراضي على القرويين، بمنح قطعة أرض لكل شخص. كما أصبحت المرأة الريفية مالكة لأراضيها.

 

أنشطة تعليمية خاصة بالنساء

لكي تطور المرأة نفسها في مجال الثقافة والتعليم والدورات المهنية، ولزيادة معارفها في مختلف المجالات، تم إنشاء شبكة من المؤسسات التعليمية ورعاية الأطفال لتعليم النساء وأطفالهن. وقد عملت العديد من النساء في الحكومة والمنظمات الحزبية وفي المجال الإداري أو في مؤسسات حماية الأمهات والأطفال.

وتم إطلاق حملات لمحو الأمية للنساء. وافتتاح دورات القراءة والكتابة للعاملات في كافة المجالات، ونوادي ثقافية، وقد تم تطوير مبادرة "قطارات التوعية" و"حافلات التوعية" و"سفن التوعية" خاصةً لتصل إلى النساء اللواتي تعشن في المناطق الريفية. كل هذه الجهود والأعمال كانت مثمرة. قبل الحرب العالمية الثانية، دخل التعليم الإلزامي لمدة سبعة أعوام حيز التنفيذ في جميع أنحاء روسيا.

مع تعليم المرأة ونتيجة للأهمية الممنوحة لعملها، حدثت العديد من التطورات. ففي عام 1937، خلال الخطة الخمسية الثانية عملت 39% من النساء في قطاع الصناعة والبناء، و20% في التعليم والصحة، وعملت 7% في محطات الآلات والجرارات، كما عملت حوالي 7% منهن في المؤسسات الحكومية والمنظمات الاجتماعية. بعد هذه المرحلة، بُذلت الجهود لجعل المرأة تعمل في الإدارات. في عام 1929، دخل قانون تحديد ساعات العمل بـ 7 ساعات في اليوم حيز التنفيذ.

 

تم تغيير القوانين المتعلقة بالمرأة بالكامل

في الأشهر الأولى بعد الثورة، تم تغيير القوانين المتعلقة بالمرأة بالكامل. تم إنهاء جميع الممارسات غير المتكافئة للنساء وإلغاء الزواج الكنسي بشكل كامل، وبدلاً من ذلك دخل الزواج المدني حيز التنفيذ، ومنح حق الطلاق للمرأة. كما تمتع الأطفال المولودين لأبوين متزوجين وأولئك المولودين خارج رباط الزوجية بحقوق متساوية بموجب القانون.

ونصت القوانين على حماية النساء والأطفال، ونُفذت أنشطة خاصة لتوعيتهن بحقوقهن. أصبح موضوع رعاية الرجال والنساء وأطفالهم المولودين داخل إطار الزواج وخارجه مدرجة ضمن المواضيع المطروحة. بالنسبة للنساء الحوامل اللواتي تقمن بتربية أطفالهن بمفردهن، تم اتخاذ قرار بتقديم مساعدة لهن من قبل الحكومة.

وبعد الثورة حدثت العديد من التغييرات في جميع المجالات الاجتماعية، في السياسة والمنزل ومكان العمل والتعليم وفي كل مجال آخر، والتي يمكن أن تكون عناوين عريضة لموضوعات يمكن الكتابة عنها مطولاً.

النساء اللواتي كن رواد في بناء ثورة أكتوبر من خلال كفاحهن الدؤوب، دخلن صفحات التاريخ وأصبحن شعاعاً من نور.

 

ألكساندرا كولونتاي

واحدة من هؤلاء النساء هي ألكساندرا كولونتاي. في عام 1909 نشرت ألكساندرا كولونتاي، التي تأثرت ببيبل وصديقتها كلارا زيتكين، كتاب "الأساس الاجتماعي لمشكلة المرأة" المتعلق بالمرأة العاملة. توضح ألكساندرا كولونتاي أنه من أجل تحرير المرأة من الأعمال المنزلية، هناك حاجة إلى مؤسسات مجتمعية وبقدر أهمية فصل المطبخ عن الزواج في حياة المرأة، فإن فصل الكنيسة عن الحكومة مهم بنفس القدر.

كانت ألكساندرا كولونتاي أول مفوضة صحية في الاتحاد السوفيتي، وهي المرأة الأولى والوحيدة في اللجنة المركزية في عام 1917. ولعبت دوراً نشطاً في إعداد قوانين الأسرة في عام 1918. كما احتلت مكانها في التاريخ كأول سفيرة في العالم في عام 1922. بعد الثورة، تركت بصمتها في عملية بناء مجتمع جديد.

 

ناديا كروبسكايا

تعرف ناديا كروبسكايا كواحدة من مؤسسي نظام التعليم الاشتراكي بعد الثورة. قامت قبل الثورة بتدريس محو الأمية والحساب للعمال لمدة خمس سنوات بناءً على طلب رئيس المصنع. وفي نفس الوقت فإن ناديا كروبسكايا، تضيف شخصيتها الثورية مع هذه النشاطات فهي تنظم دروس الثورة. لذلك فإن هذه الفئة بدأت بالتخطيط لإضراب كبير في المصنع الذي يعمل فيه 30 ألف عامل. تتولى ناديا كروبسكايا زمام المبادرة في بناء المكتبات. بعد الثورة، أصبحت وزيرة للتربية والتعليم. وفي آب/أغسطس 1971 اكتشفت عالمة الفلك الشهيرة تامارا ميخائيلوفنا سميرنوفا كويكباً وأطلقت عليه اسم ناديا.

 

إينيسا آرماند

في عام 1913، بناءً على مبادرة لينين تم إعداد مجلة تسمى "المرأة العاملة" في بطرسبورغ. شاركت إينيسا آرماند بنشاط في عمل المجلة، وكتبت فيها بعد أن بدأت المجلة في الصدور. وفي شباط/فبراير عام 1917، وصلت أخبار الثورة إلى سويسرا، فعادت إينيسا آرماند، التي تعيش في المنفى، إلى بلدها مع المجموعة الأولى من البلاشفة وسخرت كل قوتها وطاقتها للعمل الحزبي. كانت إينيسا آرماند على تواصل دائم مع ميادين موسكو. تتحدث في اجتماعات الحزب وكذلك في المصانع والورش في موسكو إلى دراستها، كما أعطت الدروس في مدرسة الحزب المركزية، وكتبت مقالات للصحف، وأصبحت عضو في مجلس الدوما (البرلمان) عن مدينة موسكو، ونفذت نشاطات مهمة بين النساء. أصبحت إينيسا آرماند أول مديرة لفرع المرأة في اللجنة المركزية للحزب.

توفيت إينيسا آرماند بعد أن أصيبت بالكوليرا، وكتبت عنها صديقتها ناديا كروبسكايا "ستبقين خالدة في قلوب رفاقك في الحزب، في قلوب النساء العاملات والقرويين. ستنتصر قضية الشيوعية، التي كانت إينيسا تحارب من أجلها بشغف". وأصبحت إينيسا آرماند أول امرأة تُدفن في الساحة الحمراء.

 

ماريا ألكساندروفنا أوليانوفا

تعرف ماريا أليكساندروفنا أوليانوفا بأنها إحدى نساء عائلة أوليانوفا الذين قضوا حياتهم في سبيل الثورة. شارك العديد من أفراد عائلة أوليانوفا في الثورة، وأمضوا جميعاً حياتهم إما في السجن أو في المنفى. قامت ماريا ألكساندروفنا أوليانوفا، بتعليم أطفالها القراءة والكتابة واللغات الأجنبية في سن الخامسة. كانت تتمتع بمهارات تربوية. كرست وقتها لأبنائها، فكانت معهم طوال سنوات الثورة، ولكنها توفيت قبل الثورة في عام 1916، عن عمر يناهز 81 عاماً في مدينة بتروغراد (سانت بطرسبرغ).

 

ناتاشا بولشيفيكوفا

تم إطلاق صفة "منظمة النساء" على ناتاشا بولشيفيكوفا وهي ابنة كاهن من سيبيريا، ولدت عام 1876 في إيركوتسك. اسمها الحقيقي هو كونكورديا نيكولايفنا جرامافو. عندما انتقلت إلى بطرسبورغ انضمت إلى الطلاب الثوريين. في سياق تزايد الإضرابات، تم القبض عليها بسبب أنشطتها وطردت من المدرسة. في عام 1902، عندما ذهبت إلى باريس، انضمت إلى التدريبات الماركسية التي قدمها لينين وأصدقائه. عادت إلى روسيا لوضع ما تعلمته موضع التنفيذ وسرعان ما بدأت بتعليم ما تعلمته. وأصبحت من الأشخاص الذين يعملون في تنظيم المصانع والنوادي والاجتماعات ودروس الاشتراكية ومعامل المنسوجات والمناجم والمعادن والموانئ وعمال النفط والعاملات وربات البيوت. كانت من المنظمين والمروجين. مثل العديد من المنظمين السريين، استخدمت أيضاً اسماً مستعاراً وهو "ناتاشا بولشيفيكوفا". وانتهت حياتها التي قضتها في سبيل الثورة في 2 حزيران/يونيو 1921.