المرأة العراقية... بصمة وتأثير في مختلف الحضارات والأزمنة (5)

تُطرح الكثير من الاسئلة حول المرأة العراقية التي كانت مغيبة، قبل أن تستعيد حضورها في ثورة تشرين أواخر العام 2019

تاريخ الحراك النسوي في العراق 

سناء العلي

مركز الأخبار ـ ، في هذا الجزء من الملف إجابة على معظم الأسئلة المرتبطة بتاريخ الحراك النسوي العراقي وأبرز محطاته. 
في عام 1904 خرج الرجال من عدة مناطق عراقية في تظاهرة رافضة لمنح النساء بطاقات شخصية، وكانت الدولة العثمانية في وقتها عازمة على شمل النساء بالإحصاء السكاني وإعطائهن بطاقات شخصية. الرجال الذين تظاهروا اعتبروا أن القرار تعدي على شرفهم وكرامتهم، نتيجة لذلك الرفض تخلى الوالي عن القرار. مع العلم أنه وحتى ذلك الوقت لم تظهر أي حركة نسوية.
قال المؤرخ العراقي خيري العُمري عن العقود العشر الأولى من القرن الماضي أن النساء كن يعشن على هامش الحياة، في مجتمع تسيطر عليه أعراف بدوية لا تكاد تعطي المرأة أي قيمة إنسانية، ولا يُسمح لها أن تُطل على العالم إلا من خلال ثقب صغير في الباب وتُجبر على ارتداء النقاب، وبحسب ما يقول فإن المرأة اعتبرت عورة حيث أن الرجال يتحاشون الحديث عنها في مجالسهم خوفاً من الفضيحة والعار.
مع التطور الذي شهدته البلاد وافتتاح الحدائق ودور السينما استمر التضييق على النساء حيث تم تخصيص أيام محددة في الأسبوع لهن لارتياد النوادي أو لمشاهدة الأفلام، كان الفصل بين الجنسين في أوجه في ذلك الوقت حيث أن المنزل مقسم لكل فئة على حدة الرجال يجلسون في الديوان بينما يخصص للنساء مكان باسم الحرم.  
 
رجال الدين يتصدرون المشهد العراقي ويفتون بهدر دم دعاة التحرر
حاول المتعصبون وغلاة الداعين إبقاء المرأة على حالها دون منحها أياً من حقوقها الإنسانية. حاول هؤلاء إحباط الشباب المتنور والذي اعتبر أن أوضح ملامح التخلف في البلاد هي أوضاع النساء التي لم تتطور تحت ظل الاحتلال العثماني للبلاد. 
أتخذ رجال الدين المتشددين من التكفير مع من لا يتفق مع أفكارهم سلاح ترهيب، كما استخدموا سلاح ناجع وهو هدر الدم أي تحليل قتل الشخص باعتباره ملحد وخارج عن الملة، فمحاولة العديد من الناشطين تحسين أوضاع النساء باءت بالفشل نتيجة لذلك، نذكر هنا تجربتين كمثال الأولى لجميل صدقي الزهاوي الذي حاول اغتنام فرصة اصدار دستور عُثماني عام 1908 لطرح أفكاره التحررية، وخاصة تلك المتعلقة بالمرأة، من خلال نشر مقالة في جريدة المؤيد المصرية التي كانت تصدر حينها، فما كان إلا أن تعرض لهجوم عنيف بحيث اتهم بالإلحاد وهُدر دمه، كما أن الوالي العثماني أجبر على فصله من عمله بعد ضغط كبير من الجماعات المتشددة، وجميل الزهاوي ذاته أجبر على التراجع عن دعوته وأنكر كتابته لتلك المقالة.
جميل صدقي الزهاوي كان استاذً في مدرسة الحقوق وعمل محرراً في جريدة الزوراء عام 1890 وبحكم اطلاعه على مستوى الحقوق المتميز في بقية دول العالم نسبة لذلك الوقت، حاول تغيير أوضاع نساء بلده لكن التوقيت لم يكن في صالحه. 
التجربة الثانية وهي رفض اسهام الفتاة العراقية في مهرجان سوق عكاظ الشعري، وقاموا أيضاً كما فعلو مع جميل الزهاوي بهدر دم القائمين على المعهد العلمي ببغداد والذي اقترح فكرة مشاركة المرأة في المهرجان.
النجاحات التي حققتها النساء في الدول المجاورة مثل تركيا ومصر ولبنان ساهمت بنهوض الحركة النسائية في العراق، حيث أنها شجعتهن على المطالبة بحقوقهن وتنظيم أنفسهن من أجل تحصيل حقوق المرأة، وكانت العديد منهن قد حصلن على فرصة التعليم حيث افتتحت أول مدرسة للبنات في العاصمة بغداد عام 1898 والتحقت بها حوالي 90 طالبة. 
 
الصحافة النسوية في العراق... أولى خطوات تحرير المرأة  
زادت المُنَاشدات لتحرير المرأة، وقاد الحملات المطالبة بذلك عدد من المثقفات والمثقفين منهم الشاعر العراقي معروف الرصافي، والذي بدوره لم يسلم من فتاوى التكفير وهدر الدم والتهديد بسبب دعوته لتحرير النساء، وعلى ذلك نظم قصيدة هجاء للمفاهيم الرجعية، لكنه كان أوفر حظاً من غيره حيث أنه وفي ذلك الوقت ارتفعت الأصوات المطالبة بتحرير المرأة مما ساهم في ترجيح الكفة لصالح فكره حيث نَشرت العديد من الصحف مقالات مطالبة بتعليم المرأة ورفع الوصاية عنها.
من المثقفين الذين طالبوا بتحرير المرأة حسين الرحال ويعرف بأنه أول ماركسي عراقي، حيث شكل مع جماعته ثقلاً فكرياً ساهم في تغيير الرأي العام لصالح المرأة، رغم استمرار حملات التكفير التي طالته.
في عام 1923 عملت مجموعة من النساء المتعلمات في دول مجاورة للعراق من بينهن نعمة سلطان حمادة، وأسماء الزهاوي، وحسيبة جعفر، وبولينا حسون على تأسيس نادي النهضة النسائية. 
الصحافة النسائية شكلت نقلة نوعية في مسيرة الحراك النسوي، ويعود تاريخها في العراق إلى تأسيس مجلة "ليلى" في 15 تشرين الأول/أكتوبر 1923 تحت شعار "في سبيل نهضة المرأة العراقية" وذلك بجهود الصحفية بولينا حسون، لكن هذه الصحيفة ما لبث أن توقفت عن الاصدار بعد 20 عدداً، نتيجة لضغط المتشددين وعدم تقديم دعم مادي لاستمرارها.
بولينا حسون ولدت عام 1895 في العراق ثم تنقلت بين مصر وفلسطين والأردن، وهو ما ساهم في تَعرُفِها على الحركة النسوية في مصر، فبعد عودتها إلى بلادها عام 1922، ساهمت في تأسيس أول نادي نسوي عراقي باسم "نادي النهضة" بتاريخ 24 تشرين الثاني/نوفمبر 1923، وتسلمت رئاستهُ أسماء الزهاوي. 
غادرت بولينا حسون العراق صوب الأردن، مع ذلك لم تتوقف المحاولات الحثيثة لإيصال صوت المرأة فكان أن ظهرت حمدية الخفاجي التي حملت راية الحراك النسوي. هذه الصحفية أصدرت مجلة "المرأة الحديثة" في حزيران/يونيو 1936. قبل ذلك خَصصت بعض الصحف والمجلات العامة زاوية لشؤون المرأة.
كما شكل قرار السماح للنساء بارتياد التعليم العالي نقلة نوعية في الحراك النسوي، هذا التعليم زاد من وعي النساء تجاه حقوقهن. 
من بين أبرز المجلات التي ظهرت في ذلك الوقت مجلة "تحرير المرأة" التي صدرت عام 1946 ومن أبرز أهدافها تخفيف قيود المجتمع المتمثلة بالعادات والتقاليد التي تتحكم بحياة النساء.
وفي السادس من أيار/مايو 1937 أصدرت مريم نرمة وهي أول صحفية عراقية جريدة "فتاة العرب" وعرفت نفسها بأنها "جريدة أدبية نسائية اجتماعية غايتها تحرير الفتاة العربية والعرب وتقدم الفتاة العراقية". 
اتبعت مريم نرمة وهي من رائدات الحركة النسوية العراقية خطاً مختلفاً في حركة تحرير المرأة، فبالإضافة إلى توعية المجتمع والرجل بحقوق المرأة ركزت على تغيير ذهنية النساء.
 
تطور الحركة النسوية  
تعد الفترة الممتدة من ثلاثينات حتى أربعينيات القرن الماضي مفصلية في حركة تحرر المرأة، ويعد التعليم العالي من أهم الإنجازات التي فتحت باب الحرية أمام النساء، اعطاء النساء حقهن في التعليم العالي الذي ساهم في ازدياد وعيهن كان إحدى ثمرات النهضة الحديثة التي وصلت من بلاد الشام ومصر وتركيا إلى العراق.
التعليم الابتدائي كان متاحاً للمرأة العراقية حيث افتتحت أول مدرسة للفتيات تحت ظل الاحتلال العثماني في عام 1899 حملت اسم "إناث رشدية مكتبي ـ للدراستين الابتدائية والمتوسطة" وقد بلغ عدد طالباتها 95 طالبة تولت إدارتها أمينة شكورة.
وشاركت النساء في المؤتمرات النسائية داخل وخارج البلاد، ففي عام 1929 مثلت كل من أمينة الرحال وجميلة الجبوري نساء العراق في المؤتمر النسائي الثاني والذي عُقد في دمشق، قبل أن ينعقد المؤتمر الثالث في العراق عام 1932.
لم تكتفي النساء بذلك بل رفعن أصواتهن للمطالبة بحقهن في العمل بمجالات الحياة المختلفة، والاستقلال الاقتصادي، وإعطاء المرأة حرية ارتداء الحجاب من عدمه.
النساء انخرطن في العمل الحزبي السري والعلني فكان أن ضم الحزب الشيوعي الذي تأسس عام 1934 وكان يعمل بشكل سري مجموعة من النساء، كُن يحضرن الاجتماعات السرية ويقُمن بما يُكلفنَ به، ويشتركن في الاعتصامات والتظاهرات، ومن بين الاسماء المعروفة في الحزب "عدوية الفلكي" التي تعرضت وهي تتقدم المظاهرات للاعتقال والسجن بعد مشاركتها في التظاهرة الرافضة لمعاهدة بورتسموث عام 1948 التي منحت بريطانيا امتيازات كبيرة على حساب العراق. كما ضم الحزب الوطني الديمقراطي الذي تأسس عام 1946 عدد من النساء في صفوفه. 
كما أنهن انخرطن في العمل السياسي والثوري فكان أن أسسن جمعية المرأة العراقية المناهضة للفاشية والنازية والاستعمار والامبريالية، بقيادة عفيفة رؤوف عام 1942. وأسسن الجمعيات الخيرية والنسوية مثل جمعية الهلال الأحمر عام 1933، وجمعية الرفيقات التي هدفت لمكافحة الأمية بين النساء وغيرها.   
شاركت المرأة الكردية في حركة تحرير المرأة العراقية فللكاتبة والناشطة الكردية آسيا توفيق وهبي الفضل في تأسيس الاتحاد النسائي العراقي، وتأسيس مجلة باسم "الاتحاد النسائي" عام 1949. كما أنها نشرت العديد من الدراسات والبحوث حول حقوق المرأة. 
 
النساء يحصدن ثمار المشاركة في ثورة تموز 1958 
شاركت المرأة العراقية في جميع المظاهرات المؤيدة للقضايا العربية منها تظاهرة عام 1948 للضغط على الحكومة العراقية من أجل إرسال قوات للدفاع عن فلسطين، وسارت المظاهرات النسائية في شوارع المدن العراقية في عام 1956 للتنديد بالعدوان الثلاثي على مصر.
وأيدن الثورات والمسيرات المطالبة بإسقاط النظام الملكي وشاركن بها، كما شاركن في العملية السياسية التي بدأت بعد إسقاط الحكم الملكي. 
بعد ثورة 14 تموز/يوليو 1958 انخرطت النساء في معظم الأنشطة السياسية والرياضية والاقتصادية والفنية وغيرها، ونُظمت أول مباراة كرة قدم نسائية في 24 تشرين الثاني/نوفمبر من نفس العام بين فريقي كلية التربية الرياضية وكلية العلوم.  
شغلت العديد من النساء مناصب مرموقة في المؤسسات الحكومية والوزارات، كانت الدكتورة نزيهة الدليمي أول امرأة تشغل منصب وزاري على مستوى العراق والدول العربية، كما تم اختيار فيحاء إبراهيم كمال لتكون من بين أعضاء الوفد الممثل للعراق في الأمم المتحدة. 
وتم تعيين زكية اسماعيل كأول قاضية في البلاد عام 1959 كما أنها أصبحت أول رئيسة لاتحاد نساء إقليم كردستان العراق عام 1975. وعملت النساء في الفن كـ ازادوهي صاموئيل التي تعد من رواد المسرح العراقي، والشاعرة المعروفة نازك الملائكة، وعاتكة الخزرجي وغيرهن. 
وظهرت العديد من الجمعيات النسوية ذات الطابع السياسي منها رابطة المرأة العراقية والتي تأسست عام 1942 باسم "عصبة مكافحة النازية والفاشية"، بفضل نزيهة الدليمي وعملت هذه الجمعية على مكافحة الأمية ومختلف الأفكار النازية والفاشية، وأطلق عليها فيما بعد اسم "رابطة الدفاع عن حقوق المرأة العراقية"، تبلورت أهدافها فيما بعد واتخذت من الدفاع عن المرأة وحمايتها والمطالبة بحقوقها الاجتماعية والسياسية أساساً لعملها. 
"رابطة الدفاع عن حقوق المرأة العراقية" هي أول منظمة نسوية تطالب بحقوق المرأة السياسية وحقها في التصويت والمشاركة في صنع القرار والمشاركة في المظاهرات ومختلف المظاهر السياسية والثورية في البلاد، كما تقدمت عضوات الرابطة الاحتجاجات والمظاهرات عام 1956 وتم اعتقال عدد منهن، وذلك لم يمنعهن من المشاركة في ثورة تموز/يوليو 1958.
في عام 1959 تم تغيير اسم الرابطة إلى "رابطة المرأة العراقية"، وزاد عدد المنتسبات إليها حتى وصل إلى أربعة آلاف امرأة. الرابطة شاركت في الانتفاضة الفلاحية "انتفاضة ال زيرج"، وفي انتفاضة فلاحي "ره زهكي" في إقليم كردستان، وافتتحت العديد من مراكز محو الأمية. 
ساهمت رابطة المرأة العراقية بشكل كبير في صياغة قانون أحوال شخصية لعام 1959 عُد الأفضل في تاريخ العراق (له شرح وافٍ في جزء خاص عن التشريعات).
شاركت النساء في العديد من المؤتمرات العالمية حيث مثلت الدكتورة سميرة بابان العراق من خلال مشاركتها في مؤتمر الاتحاد النسائي العالمي لنزع السلاح في السويد والذي عقد في مدينة كوتنيرك في السويد عام 1960.
كما وشارك العراق في مؤتمر المرأة الأفريقي الآسيوي الذي أنعقد في مصر عام 1961 لمناقشة أوضاع النساء في قارتي إفريقيا وآسيا، وضم وفود من 36 دولة وقد مثلت زكية عبود فتوح العراق. 
تعد فترة الستينات والسبعينات من أفضل الفترات تاريخياً بالنسبة لنساء العراق اللواتي دخلن ميادين العمل المختلفة، حيث صدرت قوانين داعمة للنساء منها قانون العمل رقم 151 عام 1970 والذي ساوى في الأجور بين الجنسين، وأعطى المرأة إجازات للحمل والولادة وساعات الرضاعة ومنع النساء من العمل في ظروف غير مناسبة لهن، بعد عام من ذلك صدر قانون التقاعد والضمان الاجتماعي الداعم للنساء العاملات.
عام 1976 صدر قانون التعليم الإلزامي والذي الزم التعليم للفتية والفتيات حتى عمر 16 عاماً، وازداد دخول النساء في الدراسة الجامعية، وصدرت قوانين تمنع التزويج القسري للفتيات.
 
الحركة النسوية في عهد صدام حسين والتحالف مع الإسلاميين
امتدت فترة حكم صدام حسين ما بين (1979ـ2003) مرت فيها أوضاع النساء ما بين مد وجزر فخلال هذه الفترة صدرت مجموعة من القوانين الداعمة لحقوق المرأة منها منح النساء حق التصويت عام 1980، كما وقعت البلاد على اتفاقية القضاء على جميع أشكال العنف ضد المرأة "سيداو" عام 1986، من جهة أخرى تراجعت الحركة النسوية نتيجة لتوازنات سياسية قام بها صدام حسين على إثر هزيمته في حرب الكويت عام 1991، فكان أن تحالف مع العشائر والجماعات الدينية مما أدى إلى تراجع النشاطات الاجتماعية ومنها الحركة النسوية.  
أطلق على عملية تحالف صدام حسين مع العشائر والجماعات الدينية الإسلامية "الحملة الإيمانية" والتي اجتاحت العراق منذ منتصف الثمانينات، ووصلت ذروتها بعد هزيمة العراق في حرب الكويت، وتتلخص هذه الحملة بمنح السلطة العراقية متمثلة بنظام البعث الذي يقوده صدام حسين حريات أكثر للجماعات الإسلامية بعد أن كانت العلاقات متوترة بين الطرفين. 
في بداية السبعينات كانت قد ظهرت أنواع جديدة من الملابس التي غزت العراق منها التنانير القصيرة التي لاقت تقبلاً شعبياً، لكن ذلك لم يمنع أشخاص في السلطة من التدخل وفرض معتقداتهم على المجتمع ومنهم صالح مهدي عماش وكان وزيراً للداخلية حيث أنه أصدر قراراً بمنع ارتداء الملابس القصيرة "الميني جوب" وأمر بصبغ سيقان النساء اللواتي يرتدينها، كما ظهر ما عرف بشرطة الآداب.
لاقت أفعال صالح عماش رفضاً كبيراً ومورست ضغوط كبيرة لإلغاء القرار، كان من بين الشخصيات الرافضة للقرار الشاعر المعروف محمد مهدي الجواهري، وفي النهاية ألغي القرار. 
في التسعينات استبدلت القوانين الداعمة للنساء بأخرى مجحفة بحقهن، في عام 1990 أدخل مجلس قيادة الثورة المادة 111 التي نصت على إعفاء الرجل المرتكب لما يسمى بجريمة الشرف من العقوبة مما أدى إلى قتل آلاف النساء بحجة تلويث شرف العائلة. 
اختفت مكاسب التعليم فبحسب تقرير للأمم المتحدة وصلت نسبة الأمية في عام 2000 إلى نحو 45 بالمئة بين النساء.
مع تنامي الحركة الإسلامية في البلاد بدعم من الحكومة بدأت تفرض ضوابط معينة بشكل تدريجي على الاختلاط وملابس النساء، توجهت النساء لارتداء العباءة. كما مُنعت الأنشطة النسوية واقتصرت المؤسسات على "الاتحاد العام لنساء العراق"، القانون رقم 139 حدد دور الاتحاد بتعبئة النساء العراقيات للنضال ضد الإمبريالية والصهيونية والرجعية والتخلف، وفي عهد الثمانينات أجبرت الحكومة الرجال المتزوجين من إيرانيات على تطليقهن مقابل منحهم مبلغ مالي.
في ظل هذا الوضع هاجرت آلاف العوائل العراقية، ومن بلاد المهجر نظمت النساء أنفسهن، وأسسن تنظيمات نسوية وفروع متعددة في البلاد العربية والغربية على السواء، سلطت الضوء على معاناة المرأة العراقية، ففي عام 1980 استفاد وفد رابطة المرأة في المهجر من وجوده في ملتقى كوبنهاغن وقام بتوزيع كُراس بعنوان "المرأة العراقية تتحدى النظام الإرهابي"، واستطاع الوفد جمع أكثر من ألف توقيع لشخصيات نسائية تطالب بالإفراج عن المعتقلات في السجون، واستطعن جذب الانتباه للأوضاع الصعبة التي تعيشها المرأة العراقية فكان أن أصدرت ممثلات المنظمات النسوية العربية بياناً مشتركاً للتضامن مع نساء العراق. واستمرت الرابطة بالنشاطات الداعمة للمرأة العراقية وحضرت في معظم المؤتمرات والنشاطات العربية والعالمية كما تم قبولها في عضوية الاتحاد النسائي العربي وفي اللجنة العربية لمكافحة الأمية. 
 
الحركة النسوية ما بعد 2003
زاد عدد التنظيمات النسوية بشكل كبير بعد سقوط نظام صدام حسين ربيع العام 2003، وزاد عدد المنظمات والجمعيات النسوية في كل محافظة عن خمس منظمات مستقلة، كما انتشرت المكاتب التابعة لهذه الجمعيات في مناطق العراق المختلفة، لكن ومع ذلك عملت النخبة السياسية ذات الطابع المحافظ والمذهبي التي حكمت العراق على تقويض حقوق المرأة. 
تتبع المنظمات النسوية توجهات متعددة فمنها علمانية وأخرى ذات انتماء للسلطة ومجموعات إسلامية سنية وأخرى شيعية، إضافة لمنظمات أثنية. 
لا تبدي النساء اللواتي يعملن في مؤسسات الدولة أي نضال لتحسين ظروف حياة المرأة العراقية، فمعظم عضوات مجلس النواب حصلن على مناصبهن عبر الكوتا ولسن من الناشطات النسويات، كذلك تلتزم الوزيرات وعضوات اللجان النسائية الصمت حيال القوانين التي تميز بين الجنسين.
المنظمات ذات التوجه العلماني ليس لها أي توجه سياسي أو ديني ومن أهم المنظمات النسوية ذات التوجه العلماني شبكة النساء العراقيات التي تأسست عام 2004 وتضم 90 جمعية نسوية، تهدف إلى تنسيق العمل النسائي بعيداً عن أي توجهات سياسية للعمل على إلغاء كافة مظاهر العنف والتمييز ضد المرأة العراقية.
وكذلك منظمة حرية المرأة التي تأسست في حزيران/يونيو 2003 ودافعت عن مبدأ الفصل بين الدين والقانون وطالبت بالمساواة بين الجنسين، وحاربت المفاهيم الرجعية وجرائم الشرف، وتعد من أكثر المنظمات انتقاداً للنظام الجديد الذي يسيطر عليه الإسلاميين مما عرضها للاستهداف من قبل الميليشيات. 
جمعية النساء في بغداد تأسست في عام 2004 وكان الهدف منها توفير الدعم للناجيات من العنف بعد الغزو الأمريكي ودعت إلى تنفيذ القوانين الداعمة للمرأة في سبيل زيادة مشاركتها السياسية.
ويعد تحالف نساء الرافدين، معهد المرأة القيادية، منتدى الإعلاميات العراقيات، منظمة تمكين المرأة في أربيل، منظمة آسودة في السليمانية، مركز عراقيات للدراسات، والمجموعات الأثنية كالاتحاد النسائي الآشوري، جمعية نساء الإيزيديات، جمعية النساء الكلدانيات من المنظمات ذات التوجه العلماني.
التنظيمات النسائية في إقليم كردستان ذات توجه حزبي حيث أن اتحاد نساء كردستان مرتبط بالحزب الديمقراطي الكردستاني بينما يرتبط الاتحاد الوطني لنساء كردستان بالاتحاد الوطني الكردستاني. 
شكلت التنظيمات النسائية ذات التوجهات الإسلامية أغلب المجموعات، منقسمة إلى سنية وأخرى شيعية مرتبطة بشكل مباشر بالأحزاب حيث أن لكل حزب إسلامي فرع مختص بشؤون المرأة منها منظمة المرأة المسلمة في العراق "حواؤنا"، ورابطة المرأة المسلمة اللتين تنتميان للمجلس الأعلى الإسلامي وحزب الدعوة، كذلك في إقليم كردستان منظمات نسائية إسلامية كالرابطة الإسلامية لأخوات كوردستان.
ينظر الكثير من العراقيين لهذه المنظمات على أنها واجهة لا أكثر، وأنها ذات انتماء حزبي أو طائفي لا انتماء نسوي بالمعنى الحقيقي، فلا يمكن نمو الحركة النسوية في ظل صعود الأحزاب الدينية في أي بلد في العالم، حيث أنها محاربة بشكل كبير من قبل الأحزاب الدينية باعتبارها تنظيمات ماسونية تسعى لهدم المبادئ الدينية والأسرية وغيرها من الاتهامات الموجهة للحركة النسوية في العالمين العربي والإسلامي.
وزارة المرأة التي تأسست في عام 2004 واستمرت حتى عام 2015 لمساندة المرأة وقضاياها الملحة لم تسلم من التدخل الحزبي، فالوزارة (مع ملاحظة أن تلك الوزارة لم تملك الكثير من الصلاحيات وعوملت كمكتب ملحق ولم تمتلك ميزانية خاصة) لم تستطع الحؤول دون استبدال قانون الاحوال الشخصية بقانون يمنح الرجل حق الولاية "القوامة" على المرأة ويعطي للطوائف حرية التصرف بأحوال النساء بحسب مرجعياتها.