المرأة المصرية سيدة التاريخ ترزح تحت وطأة الذهنية الذكورية (4)

ـ تعد سنوات الاحتلال وهي كثيرة وما يرافقها من مقاومة من أكثر الفترات التي تعاني فيها المرأة على صعيد الحريات والمسؤوليات الملقاة على كاهلها

المرأة المصرية خلال الاحتلال في العصر الحديث

مركز الأخبار ـ تعد سنوات الاحتلال وهي كثيرة وما يرافقها من مقاومة من أكثر الفترات التي تعاني فيها المرأة على صعيد الحريات والمسؤوليات الملقاة على كاهلها، ولأنها أساس المجتمع اختارت المرأة المصرية الوقوف مع الرجل، وفي مقدمة صفوف الثورة لإنهاء الاحتلال والدفاع عن وطنها، لتسجل دور وحضور بارز يشهد له التاريخ.
بدأت تسوء أوضاع المصريين منذ احتلال البلاد من قبل العثمانيين، فما كان من المرأة إلا أن شاركت وبقوة في الثورات، ضاربة بعرض الحائط مفاهيم المجتمع حول المرأة والدور التقليدي الذي حدده لها على مر التاريخ.
 
الأمية سمة الدولة العثمانية  
استولى السلطان سليم على مصر في عام 1517م، وبذلك أصبحت البلاد جزءاً من أملاك الدولة العثمانية، استمر الحال حتى عام 1798م، وتخللها قيام نابليون بونابرت بالحملة الفرنسية على البلاد.
يمكن اعتبار الفترة التي حكم فيها العثمانيون مصر ومختلف الدول التي بسط فيها العثماني سيطرته فترة تشويه لفكر المرأة التي لجأت إلى المؤامرات، إذا برزت هنا المرأة اللعوب التي تحيك المؤامرات وتدبر المكائد لتحصل على ما تبتغيه.
اختزلت المرأة في زمن العثمانيين بفكرة أنها الماكرة ومدبرة المؤامرات، ففي المخيلة الجمعية أول ما يخطر في بالنا عند ذكر المرأة اثناء فترة الاحتلال العثماني هو المؤامرات التي تحيكها في قصور السلاطين، وننسى المرأة في الحياة العامة ويندرج ذلك على جميع النساء في الدول التي احتلها العثماني وحولها إلى أقاليم تابعة له. 
وعلى مدة أكثر من 300 عام من سيطرة العثمانيين على مصر سادت النظرة الدونية للمرأة خاصة بعد انتشار "الحرملك" المستقدم من تركيا، ما يوازي منع الاختلاط أو الفصل الصارم بين الجنسين في الوقت الحاضر، تختصر رحلة حياتها بفترتين زمنيتين هما في بيت عائلتها وفي بيت زوجها.
وانتشر تعدد الزوجات والجواري بشكل كبير في القصور وكثرَ الأبناء غير الأشقاء للسلاطين والولاة، فما كان من زوجاتهم ومحظياتهم إلا أن بدأن بتدبير المكائد والمؤامرات لكي ينال ابنائهن حظوة عند أبيهم وفي مستقبل الإرث من أموال ومناصب.  
نساء الأمراء المُعينين من قبل السلطان في مصر كن مغيبات عن العالم الخارجي ممنوعات من الخروج من القصر إلا بأمر من الأمير، حين يذهبن في نزهات إلى القصور الصيفية مثلاً يمنع عليهن الاختلاط بأحد، كانت الجدران المرتفعة تحيط بالقصر فتعزلهن عن المحيط الخارجي، على عكس ذلك تمتعت نساء العامة بحرية أكبر في التنقل. 
أُثير جدل كبير في العصر الحديث حول تاريخ النقاب ما بين القول إنه عادة جاهلية كانت موجودة في شبه الجزيرة العربية ثم أصبحت تقليداً إسلامياً، وما بين من يقول إنها تقليد يهودي انتشر في شبه الجزيرة ومصر، لكن المعروف أن النقاب انتشر بشكل كبير خلال فترة الاحتلال العثماني للبلاد العربية وألزمت النساء بارتدائه. 
زواج القاصرات كان موجوداً واستمر بين العامة وفي القصر أيضاً، الزواج السياسي وجرائم الشرف كذلك، مع ذلك استمر تأثير الدولة المملوكية إذ تمتعت النساء ببعض الحقوق ومنها أخذ رأيها عند الزواج وتخصيص الزوج مبلغاً شهرياً لزوجته. المرأة احتفظت بحق تقديم شكوى إلى المحكمة إذا تعرضت للضرب أو هجرها زوجها أو تركها بلا نفقة، وعلى ذلك تستطيع أن تطلب الطلاق أو الخلع، لكن لم يكن نظاماً مفروضاً أو يعاقب عليه القانون، ويبقى ذلك رهن طبيعة العائلات فكثير منها ترى أنه من المُعيب تقديم الزوجة شكوى ضد زوجها، كما أنها مهددة دائماً بالطلاق ويستخدم الزوج أبنائها كورقة ضدها. 
ولم تجرم الدولة العثمانية عمل النساء في الدعارة "البغاء" وإنما اباحته وعينت للعاملات فيه حرس خاص لحمايتهن شريطة دفعهن الضريبة. 
في عهد السلطان سليم الأول (1512ـ1520م) أول خليفة عثماني صدر قانون ينص على أنه "إذا ارتكبت الجارية البغاء تدفع نصف غرامة المرأة الحرّة". بحسب وثائق الدولة العثمانية سُجلت النساء اللواتي تم استغلالهن للعمل في الدعارة عام 1565 بشكل رسمي باعتباره عملاً مشروعاً. كل ما يهم العثماني هو تحصيل المال حتى لو اصبحت المرأة أداة لكسبه.
وبسبب انتشار البؤس والفاقة عانت المرأة كثيراً، كانت تعمل على لملمة ما بقي من السنابل بعد حصاد المحاصيل ليقتات به أطفالها، فيأتي أعوان العثماني لتحصيل الضرائب ويصادرون كل ما لدى العائلة وليس عندهم من شيء سوى حفنة أو حفنتين من القمح. المصريون رجالاً ونساءً أجبروا على العمل بالسخرة دون أجر لجني المحاصيل وزراعة الأراضي. 
فكر الدولة العثمانية أثر على غير المسلمين كذلك، حيث تشير الوثائق إلى وجود حالات طلاق كثيرة لأقباط مصر كان قد أشرف عليها قضاة مسلمون، مع أن الطلاق عندهم مقيد وهو لا يجوز إلا في حال زنا أحد الطرفين.  
وعملت الدولة العثمانية على تتريك مصر بشكل عام، ومن ناحية التعليم مُنعت اللغة العربية خاصة في أماكن التعليم التي اقتصرت على "الكتاتيب"، كذلك اقتصر التعليم في الأزهر على الأطفال الذكور الذين يتعلمون القرآن وشروحه فقط، وفي المدارس القليلة المنتشرة كان يتعلم التلاميذ اللغة التركية والتاريخ الذي يمجدها وبعض مبادئ الرياضيات والعلوم. 
ويجمع المؤرخون على أن فترة الاحتلال العثماني لمصر هي فترة تراجع التعليم، وتفشي الأمية بشكل كبير، إذ كان كل ما يهم العثماني تحصيل الضرائب والإتاوات وفرض لغته وثقافته. 
المصريون رجالاً ونساءً ضاقوا ذرعاً بممارسات المحتل العثماني، فما كان منهم إلا أن اجتمعوا في الجامع الأزهر يشكون حالهم، بعد أن قامت طائفة من العسكر التركي بطردهم من منازلهم حفاة ونهبوا منازلهم، وبعد أن رفض محمد علي عزل والي مصر وكان وقتها خورشيد باشا، كان قد عُين والي لمدينة الاسكندرية عام 1804م، ثارت ثائرة المصريين وحاصروا القلعة متسلحين بالعصي والهراوات، وبذلك استطاعوا عزل خورشيد وتعيين محمد علي بدلاً منه، ثم ثاروا على محمد علي بعد ذلك نتيجة لسوء الأوضاع المعيشية.  
ما بين عامي (1801ـ1805) شاركت النساء في حركات الاحتجاج ضد السياسة المالية للباشوات العثمانيين، خرجن في مظاهرة ضخمة احتجاجاً على المبالغة في فرض الضرائب.
وكان للنساء المصريات دور كبير في طرد المحتل العثماني من البلاد، شاركن في الثورة العُرابية ضد الخديوي توفيق، وقد دعا الزعيم السياسي والكاتب مصطفى كامل المرأة لتأخذ دورها في الدفاع عن الوطن، عندما قال في خطابه "ربوا البنين والبنات على محبة الوطن"، ومن وقتها بدأ الزعماء إلقاء خُطبهم بالقول سيداتي سادتي تكريماً واعترافاً بحضور المرأة في ساحات النضال.   
 
الاحتلال الفرنسي
مع بدأ انهيار الدولة العثمانية من الداخل نتيجة ممارساتها بحق المصريين بدأت أطماع الدول الغربية بالظهور بشكل علني، في عام 1798 قاد نابليون بونابرت حملة عسكرية لاحتلال مصر لأهداف تتعلق بمصالحها مثل منع إنكلترا من الوصول إلى الهند وغيرها. الاحتلال الفرنسي لمصر تزامن مع بقاء الاحتلال العثماني، وقد أخذ الجانب العسكري والمقاوم حيزاً كبيراً من حياة المرأة المصرية أثناء الاحتلالين.
النساء شاركن في الثورة ضد المحتل الفرنسي. لويس دي بورين السكرتير الخاص لنابليون بونابرت قال إن الأخير كاد أن يفقد حياته في اليوم الأول لدخول قواته لمصر عام 1798م عندما أطلق الرصاص عليه من قبل امرأة ورجل ولم يتوقف إطلاق النار حتى هاجم الفرنسيون المنزل وقتلوهما.  
لم يتغير حال المرأة والحياة الاجتماعية أبان الاحتلال الفرنسي للبلاد، لكن في العمل الثوري النساء شاركنَّ وبقوة، فعندما احتشدت جموع المصريين رجالاً ونساءً وهم يحملون السلاح بوجه الاحتلال الفرنسي سقطت أول شهيدة في تلك الأحداث، حتى الفرنسيين ذكروا في تقاريرهم المقدمة عن الحملة أن النساء كنَّ حاضرات بقوة للتصدي لقواتهم، سواء من خلال حمل السلاح أو من خلال ترديد الأغاني الحماسية، أما اللواتي لم يكن يعرفن استخدام السلاح كن يرمين الجنود الفرنسيين بالتراب والحجارة ويعملن على معالجة وإسعاف الجرحى. 
وكان أن استغل الفرنسيون التراجع الكبير في الثقافة والعلم فجلبوا معهم أكثر من ألفي عالم وفنان ورسام وكيميائي وفلكي وطبيب...الخ، وطرحوا أفكارهم حول الحرية والإخاء والمساواة، لكن رغم ذلك استمر الشعب المصري بنسائه ورجاله في كفاحه ضدهم وضد المحتل البريطاني من بعدهم.
من ناحية تعليم الفتيات أسس الوالي العثماني محمد علي أول مدرسة للفتيات باسم "المولدات"، لكنها لم تستقطب إلا عدد قليل من الفتيات، نتيجة لرفض المجتمع تعليم الفتاة وإرسالها إلى المدارس، غير أنه أصدر مرسوماً يوجب على الجنود الخاضعين لإمرته إرسال بناتهم.  
وتحت رعاية الجمعية القبطية أسس الأقباط في عام 1860 مدرسة للفتيات، وقبل ذلك كانت الطبقة الميسورة والوجهاء يقومون باستقدام المعلمات من الخارج لتدريس بناتهم، إضافة لدروس الدين التي يقوم بإعطائها المشايخ.  
أثناء حكم الخديوي إسماعيل (1830ـ1895) وهو أحد أهم ولاة الدولة العثمانية على مصر والذين حملوا لقب الخديوي، تم افتتاح أول مدرسة حكومية للفتيات في مصر والشرق الأوسط وكان ذلك في عام 1873، وحملت المدرسة أسم "السَنيّة" استقبلت 286 طالبة عند افتتاحها. وفي نفس العام أسست الجمعية الخيرية مدرسة اليقظة النسائية وضمت 200 طالبة داخلية ومئة طالبة خارجية. 
لكن الاحتلال الفرنسي استمر في انتهاكاته بحق الشعب المصري، وبحق المرأة كما فرض الضرائب دون رحمة على الجميع. 
 
الاحتلال البريطاني
فتح الاحتلال الفرنسي الباب أمام أطماع الدول والإمبراطوريات وزاد في الوقت نفسه من وعي الشعب المصري لأهداف المحتل، ألا وهو سرقة الحضارة وخيرات البلاد وعلى ذلك وحد الشعب الصفوف، وكانت المرأة الأم والثورية في مقدمة الرافضين للاحتلال واطماعه.   
استمر الاحتلال البريطاني لمصر 54 عاماً بدأ من عام 1882م، وانتهى بتوقيع معاهدة بريطانيا ومصر في نهاية آب/أغسطس 1936، كنتيجة طبيعية للرفض الشعبي للاحتلال، لكن الانعتاق الحقيقي لم يتحقق إلا بعد 74 عاماً.  
في البداية فرض الإنكليز حصاراً برياً وبحرياً على الفرنسيين في مصر، ذلك لم يؤثر على قوى الاحتلال فقط وإنما كان أثره البالغ وخاصة الاقتصادي منه على الشعب الذي كان الضحية الأكبر خلال هذه الفترة الحرجة من تاريخ البلاد. 
ركز كتاب أستاذة التاريخ في كلية الشؤون الدولية بجامعة جورج تاون في قطر جوديث تاكر المعنون بـ "نساء مصر في القرن التاسع عشر" ونشر عام 1985، على حياة النساء من الطبقة الشعبية والفئات المهمشة وتأثير الأوضاع السياسية والأمنية على حياتهن المعيشية، وتأثر النساء بقرار محمد علي الذي ألزام الرجال بالخدمة العسكرية، فتحملن مسؤوليات كثيرة أصبحن الأم والأب والمعيل الوحيد للأسرة. وقالت بأن النساء أجبرن على العمل بالسخرة حتى أولئك الحوامل واللاتي لديهن حالات خاصة. كما فقدت العديد من النساء أملاكهن وحرمت أخريات من حق الميراث.
أما المستشرقة الإنكليزية صوفيا لين بول فألقت الضوء على اختلاف عادات أهالي مصر من منطقة إلى منطقة أخرى وبالطبع اختلاف أسلوب حياة النساء، شاهدت في رحلتها إلى الإسكندرية نساء فقيرات يغسلن الملابس على الشاطئ ويملأن الجِرار بالماء ويحملنها على رؤوسهن، وفي أقدم أحياء القاهرة البولاق ترتدي النساء الخمار "النقاب" والعباءة.
تراجعت حقوق النساء بشكل كبير، كانت تجارة الرقيق منتشرة في البلاد، الطلاق التعسفي وتعدد الزوجات لم ينتهي ولم يكن هناك بارقة أمل لإنهائه، كذلك تعنيف النساء والأطفال، الضرب بالعصا وبالسوط كانا منتشرين، ولا يزال الحرملك موجود والجواري كذلك، إضافة إلى تزويج القاصرات وعدم سؤالهن عن رأيهن، أما الاختلاط فكان أصعب بكثير عند الطبقات الراقية منه في الأحياء الشعبية. 
كان احترام الأم من أساسيات المجتمع، للمرأة صلاحيات عديدة في منزلها وتزداد مكانتها كلما تقدمت في السن، ينحصر تعلم الفتيات والنساء على الأشغال اليدوية كالخياطة والتطريز.    
والقطاع الصحي متدهور للغاية حيث تموت نساءٌ وأطفالهن أثناء عملية الولادة أو بعدها، لكن الناس يعزون ذلك للحسد والسحر جراء الجهل المتفشي والذي عمل المحتلين على تغذيته.  
ألغيَ التعليم المجاني فكان أن اقتصر على أبناء الأغنياء، حتى أن نسبة الأمية بين الإناث وصلت إلى 98 بالمئة، وأقل من ذلك بقليل بين الذكور، أصبح التعليم من الرفاهيات.
كتب قاسم أمين في كتابه تحرير المرأة الذي صدر عام 1899م، عن عواقب حرمان الفتيات من التعليم في ذلك الوقت. يرى أمين أن تراجع المستوى الثقافي والتعليمي وكذلك حبس النساء في المنازل بحجة أنه مكانهن الطبيعي أدى إلى تحويلهن إلى مستهلكات، وأثر كذلك بشكل كبير على الرجل فزاد من الأعباء والمسؤوليات الملقاة على عاتقه، بالمقابل سلب الرجل كامل حقوق المرأة، أصبحت مجرد عاملة في المنزل، وآلة لإنجاب الأطفال، ما عدا ذلك لا تملك أي رأي ولا يحق لها التدخل بأي شيء.  
تساوت النساء على اختلاف طبقاتهن الاجتماعية بالجهل، النساء الغنيات اللواتي يملكنَّ عقاراتٍ أو أراضي أو ما شابه يوكلنَّ عليها رجل من العائلة أو الأقارب لإدارتها، كنَّ عرضة للاحتيال بشكل كبير.
استمر حضور النساء في ساحات الثورة، نذكر هنا مشاركتهنَّ في ثورة 1919م لتسقط أول شهيدة في الثورة هي حميدة خليل، أنهى رصاص العدو حياتها في 16آذار/مارس، لكن تلك الرصاصة أطلقت شرارة الثورة، كان أن خرجت لها جنازة حاشدة، ثم خرجت على إثرها مظاهرة ضمت 300 امرأة، قدمن ورقة احتجاج للمسؤولين البريطانيين على العنف الذي قوبلت به المظاهرات السلمية، وتكريماً لها حددت مصر تاريخ استشهادها كيوم للمرأة المصرية يحتفل به من كل عام. 
وقاطعت النساء "لجنة ملنر" التي شكلها الاحتلال البريطاني لمعرفة أسباب الثورة، كما ساهمن في حملة مقاطعة البضائع الأجنبية، من خلال هذا الدور البارز أعادت المرأة لنفسها مكانتها الطبيعية في المجتمع المصري بعد سنوات من التراجع.  
وعلى مدى أعوام الاحتلال البريطاني للبلاد كان بين النساء فدائيات حملن على عاتقهن هموم الشعب الذي يصبو إلى الحرية والانعتاق من نير الاستعمار، شاركنَّ المقاومين في الميدان كمقاتلات ومسعفات وفي المعسكرات أيضاً وفي المظاهرات والإضرابات، وشاركن في الجمعيات السرية منها جمعية مصر الفتاة وجمعية حلوان ووزعن المنشورات المناهضة للاحتلال الذي انتقم منهن بالاغتيال تارة وبالاعتقال تارة أخرى.
وحتى المرأة التي تعمل كـ "راقصة" وينظر لها المجتمع بدونية كانت صاحبة دور فعّال في ثورة المصريين ضد المحتل، كانت تعمل كعميل سري مع المقاومين، منهن على سبيل المثال لا الحصر تحية كاريوكا التي كانت متطوعة مع الفدائيين، تقوم بمهمة نقل السلاح إلى محافظة الإسماعيلية، ونذكر أيضاً حكمت فهمي التي عملت مخبرة بين ضباط الجيش المصري والسلطات البريطانية مستفيدة من صلاتها بهم، ودفعت ثمن مقاومتها بعد أن اكتشف الاحتلال أعمالها بأن سجنت ثلاثة أعوام. 
وفي خريف الاحتلال البريطاني لمصر وهي السنوات الأخيرة له في البلاد شكلت النساء أول كتيبة نسائية حملت أسم "كتائب بنت النيل"، أسستها درية شفيق رائدة حركة تحرير المرأة في مصر وصاحبة كتاب المرأة المصرية. 
وشاركت الكتيبة في الأعمال القتالية، مجلة "الاثنين" التي كانت رائدة في ذلك الوقت قالت إنه "من يرى وجوه الفتيات المصريات وهن يقبضن بأيديهن على السلاح يرى عزيمة ماضية وإرادة قوية تعكس بوضوح وجلاء رغبات وادي النيل كله". 
استمرت المقاومة الشعبية حتى توقيع اتفاقية 1936 والتي منحت الملك فاروق سيادة تدريجية على البلاد لكن الانعتاق الحقيقي لمصر واستعادة سيادتها لم يحصل حتى 1956. 
 
https://www.youtube.com/watch?v=H9JLuQQrCEw
 
سناء العلي