وسط حضور نسوي ضخم... تحالف ندى يعقد مؤتمره الأول ما بعد التأسيسي
أكدت الحاضرات في المؤتمر الذي عقده تحالف ندى في إقليم كردستان، على أهمية هذا الوجود المتنوع والاختلاف من حيث تعدد الهويات والاثنيات والانتماءات خدمةً لواقع النساء في الشرق الأوسط وأفريقيا.

زهور المشرقي
السليمانية ـ تحت شعار "بثورة المرأة نحو مجتمع ديمقراطي"، عقد التحالف النسائي الديمقراطي الإقليمي "ندى"، اليوم الخميس 15 أيار/مايو، مؤتمره الأول ما بعد التأسيسي بمدينة السليمانية في إقليم كردستان، ويستمر لمدة ثلاثة أيام متتالية بحضور حوالي 200 امرأة من 19 دولة إقليمية وأفريقية وآسيوية.
يركز المؤتمر في محاوره على مسار النضال النسوي وآفاق الحل في وجه سياسات الحرب العالمية وكيفية تكييف الثورة النسائية رداً على قضايا العصر، علاوة على التركيز على الدور النسائي الريادي في مبادرة السلام والمجتمع الديمقراطي.
قالت المتحدثة باسم اللجنة التحضيرية بشرى علي في كلمة ألقتها في افتتاح هذا المؤتمر الاقليمي إن "اجتماعنا اليوم هو فعل مقاومة بحد ذاته، وخطوة جريئة في وجه الحروب التي تستهدفنا، وبرهان قاطع على إصرارنا الجماعي على المضي قُدماً رغم جسامة التحديات، نجتمع اليوم في خضم الأحداث المتسارعة، وفي صميم التحديات التي تعصف بمنطقتنا، لنرسم معاً آفاقاً واعدة، كنساء مناضلات، وكصاحبات صوت حر وموقف ثابت".
ولفتت إلى أنه في ظل التحولات السياسية العميقة التي يشهدها العالم اليوم، بقيادة أنظمة استبدادية إقليمية وقوى دولية مهيمنة تتواطأ علناً لتكريس واقع مرير من الاستغلال والتجريد من الحقوق، باتت النساء والأطفال الضحايا الأوائل لهذه الحروب المستترة والعلنية، من فلسطين إلى السودان والعراق، ومن سوريا إلى اليمن وأفغانستان، ومن كردستان إلى لبنان وتونس وغيرها من البلدان.
وأفادت بأن المرأة غدت هدفاً مباشراً وغير معلن في الحروب المعاصرة الدائرة على جسدها وروحها، حيث تتحول أجساد النساء إلى ساحات للصراع، وتُستخدم الحقوق كأدوات ابتزاز سياسي، لذا، يأتي، المؤتمر الأول بعد التأسيسي لتحالف ندى، كضرورة ملحة في مسار النضال النسائي، وكنتاج لتراكمات فكرية وتنظيمية وتجارب نضالية نسجتها النساء معاً، خطوة خطوة.
وأوضحت "لقد انطلقت مسيرة تأسيس تحالف ندى منذ عام 2013، حين انعقد "المؤتمر النسائي الأول في الشرق الأوسط" في مدينة ديار بكر (آمد) بشمال كردستان. حينها، أقرت المؤتمرات تشكيل منسقة إقليمية تمهيداً لتشكيل جسم نسائي إقليمي، لكن الحروب التي عصفت ببلداننا حالت دون ذلك، إلى أن نجحت منظمات عديدة في عقد "المؤتمر النسائي الثاني في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" في صيف عام 2021، وخرجت بتوصيات تاريخية عدة، من أهمها، تأسيس "التحالف النسائي الديمقراطي الإقليمي"، أي "تحالف ندى"، الذي قاوم أعاصير الحروب وتداعياتها الكارثية، وظل ثابتاً في خطاه ومواقفه إلى أن وصلنا إلى يومنا هذا".
واعتبرت أن تحالف ندى هو وليد غضب ووعي نسائي متراكم، انبثق من الحاجة الملحة لبناء فضاء نسائي تحرري عابر للحدود، فضاء يعلي الصوت النسائي الحر، ويتجاوز الفصائلية والإقصاء في مشاريع ذكورية قائمة على الهيمنة، واليوم، يتأكد مجدداً أن "تحالف ندى"، ليس مجرد ردة فعل، بل نساء فاعلات، منتظمات، مبادرات، مؤثرات، وطموحات "لقد اخترنا في التحالف ألا نكون مجرد شاهدات على ما يحدث، بل مشاركات في صياغة التاريخ، ومساهمات في رسم مسار مستقبلنا ومستقبل أطفالنا، انطلاقاً من موقعنا الجندري والسياسي".
وشددت المتحدثة باسم اللجنة على أن اللقاء في هذا المؤتمر، لا لتوثيق الآلام والمخاضات فحسب، بل لرسم استراتيجيات التحرر المشترك، ولبناء جسور التواصل بين النساء المناضلات، وتجاوز التشرذم والانقطاع، وخلق توازناً نموذجياً بين المستويات المحلية والإقليمية والدولية، كي يكون للنساء، الكلمة الفصل، والفعل المؤثر، والقرار الحاسم في بناء حياة ومجتمع والوصول بها إلى بر الأمان، في وقت تعيد فيه القوى الدولية والإقليمية ترتيب الخرائط في المنطقة "علينا نحن النساء، أن نرسم خريطتنا النضالية الخاصة بنا: خريطة الحرية، خريطة العدالة الجندرية، خريطة الحياة الحرة، خريطة Jin Jiyan Azadî".
وأكدت كنير عبد الله عضوة اللجنة التحضيرية، أن المؤتمر هو اجتماع كبير من أجل دور المرأة وصوتها والنقاش بين النساء حول الأحداث وتحولات المجتمع، لافتة إلى أن المؤتمر فرصة للوقوف أمام الهجمة الخطيرة الموجهة للنساء ورسم آفاق للعمل مستقبلاً في ظل تحديات كبرى.
وأشارت إلى أن المؤتمر ضرورة ملحة في مسار نضالات النساء المستمرة في توقيت صعب تعيد فيه القوى الدولية والإقليمية رسم خريطة لا تتماشى وحرية المرأة.
بدورها قالت أنجيلا المعمري، عضوة اللجنة التحضيرية للمؤتمر، إن المؤتمر يأتي في ظروف إقليمية صعبة تقتل فيها النساء في غزة وسوريا والسودان واليمن، لتعلو عبره الأصوات النسائية ضد العنف والتهميش واستمرار هذا الوضع المأساوي نتيجة سطوة الامبريالية.
ولفتت إلى أن المؤتمر فرصة لإعادة تجميع الصوت النسوي الذي تعمل عدة أطراف لإضاعته، داعية النساء إلى الاتحاد ضد المخطط العالمي الرأسمالي وحروب الوكالة المسلطة على النساء.
من جانبها أكدت حنان عثمان، عضوة اللجنة التحضيرية، أن النساء القادمات من بيئات اجتماعية وثقافية مختلفة توحدهن قضية العنف الممنهج ضدهن والقمع في ظل الحرب العالمية الثالثة التي تقام على أجساد النساء وأراضيهن وجغرافيتهن، لافتة إلى أن المؤتمر تشخيص للوضع بمختلف المناطق بعد أن تحولت أجسادهن لساحة معركة حقيقية توجه لهن.
وتابعت "قدمن لتشخيص المرض وإيجاد الحلول لمختلف الصعاب التي تواجه المنظمات النسوية في مناطقنا المتنوعة ثقافياً وسياسياً، ونعمل على توحيد التنظيم وصفوفنا لتأسيس تحالف عابر للحدود والهويات والأقليات والقوميات".
بدورها اعتبرت ليلى جامع، ناشطة نسوية من الصومال، أنها حضرت لترفع صوت الصوماليات وتوصل معاناتهن ولتكون صوتهن في هذا المؤتمر وتسعى عبره للاستماع للتجارب النسائية من أجل التحرر من الظلم والقمع "أحمل أصوات الصوماليات وسأحاول التشبيك لخدمة قضايا المرأة المهمشة في بلادنا".
وأشارت إلى أنها كناشطة صومالية تشارك لأول مرة في مؤتمر نسائي بالشرق الأوسط وهو فرصة للتعرف على التجارب في المنطقة.