وريشة مرادي: إما ألا تعيش الحياة أو أن تعيشها بالتعالي والسمو
نشرت وريشة مرادي السجينة السياسية المحكوم عليها بالإعدام، رسالة تدعم السجناء السياسيين وتعارض حكم الإعدام، وصفته بأنه جزء من النضال القيم الذي تقوم به الإنسانية من أجل تحقيق حياة تتصف بالكرامة والحرية.
مركز الأخبار ـ كتبت وريشة مرادي بمناسبة ذكرى حملة "الثلاثاء لا للإعدام"، "إما ألا تعيش الحياة أو أن تعيشها بالتعالي والسمو، وكل خطوة على الطريق يمكن أن تكون الحرية اختباراً لنا، ونحن بالتضحية بأرواحنا في سبيل الحرية، سنخرج من هذا الاختبار فخورين".
نشرت وريشة مرادي، الناشطة في مجال حقوق المرأة والسجينة السياسية المحكوم عليها بالإعدام، رسالتها الثالثة اليوم الثلاثاء 28 كانون الثاني/يناير من سجن إيفين بمناسبة ذكرى حملة "الثلاثاء لا للإعدام"، حيث جاء في نصها "لقد حكم علي بالإعدام، "من أجلنا"! نحن بعض المقاتلات الأسيرات! لقد تم انتخابي أنا وصديقاتي نيابة عن المجتمع، وهذا في الواقع حلم للمجتمع بأكمله، كما تم تطوير الدعم المحلي والأجنبي لإلغاء عقوبة الإعدام، وهذا يشكل تشجيعاً كبيراً لنا، ولم نستسلم للإملاءات والاتهامات الفارغة من قبل أجهزة الأمن وقاومنا، والمجتمع يدعمنا أيضاً، وهذا التضامن هو مظهر مهم من مظاهر استمرار النضال المدني ضد قمع المؤسسات الحكومية في إيران، والإضراب الأخير الذي قام به شعب شرق كردستان كان تجسيداً لهذا الأمر ويستحق التقدير".
وتابعت وريشة مرادي في رسالتها "لأن قضايا النضال تهم الجميع، ولأنها القضية الأولى، بل هي القضية الأساسية والحقيقية، وتأتي قضايا أخرى، مثل الانتماءات الوطنية والسياسية، في المرتبة الثانية، وهذا يشكل مقاومة حقيقية لتهميش القضايا الأساسية التي تهم السجناء، لقد كانت هناك مقاومة غير مسبوقة ضد الظلم وانتهاك حقوق الإنسان في السجون الإيرانية، ونحن نواصل هذه المقاومة حالياً، إن حقيقة أننا كنساء، أخذنا على عاتقنا هذه المقاومة التي تعود، من ناحية، إلى القمع المزدوج للنظام الأبوي الحالي وكاره النساء، ومن ناحية أخرى، إلى تصميم النساء على تحقيق الحرية".
ولفتت وريشة مرادي في رسالتها إلى أنه "كل يوم ثلاثاء، تنطلق حملة "لا للإعدام" في مختلف السجون في إيران، وهو عمل موحد يسلط الضوء على جانبنا الأساسي والإنساني، وهو مطلب عام لتأكيد حق الحياة والدعوة لإلغاء عقوبة الإعدام في إيران، كما أنه تضامن إنساني ضد جرائم الدولة، التي تستخدم لخلق الخوف والرعب في المجتمع، والظلم الناجم عن نظام جامح من شأنه أن يدمر العالم بأسره ويؤدي إلى انحدار البشرية، وكوننا بشراً هو الحقيقة الوجودية لجميعنا، وبالتالي فإن نضالنا نضال نيابة عن البشرية جمعاء، ودعماً لكوننا اجتماعيين، فإن وضعنا كـ "أسيرات حرب" يمنح نضالنا القوة للتعبير عن مطالب المجتمع بأكمله، واتخاذ الموقف الصحيح يمنح مثل هذه القوة والسلطة للباحثين عن الحقيقة الاجتماعية، هذه هي "الحياة الحرة" التي ينبغي أن تحل محل "الحياة الضالة"، وقد قمنا باستبدالها".
وأوضحت أن "النظام الأبوي الذي يحكم العالم، بكل أبعاده، هو نظام يتعارض مع حقيقة الوجود الإنساني والإنسانية، ويتعارض مع الحياة، ولقد قمنا بإعادة تفسيره، فقد حررت المرأة نفسها من الأطر التفسيرية القائمة على التمييز الجنسي والجنساني والطبقي والمعتقدي، ونحن ننظر إلى حقيقتها، ونلفت الانتباه إلى أن هذا النظام تشكل منذ آلاف السنين بالانحراف عن مسار الإنسانية ضد المرأة (وبما أن المرأة والحياة مترادفتان، فهو في الواقع ضد الحياة)، ثم استعبد الرجل ثم أخضع الطبيعة لهجماته، وعن هدف هذا النظام: الربح الأقصى! الجشع المادي المفرط من أجل الإشباع العقلي المشوه! وما الذي ينبغي فعله بهذا الشأن؟ بالطبع يجب علينا القتال! وهذا الجانب من القضية هو الذي يكمن فيه الاختلاف".
وأضافت "هناك من يصبح جزءاً من هذا النظام ويسعى إلى الحصول على نصيب منه والتذرع به، وهناك أيضاً الأحرار ومحبو الحرية الذين يتصدون له ويسعون إلى تصحيح المسار، ولقد رأى هؤلاء الناس الأحرار، على مر التاريخ، أنه من المناسب للبشر أن يعيشوا في وئام مع الطبيعة الأم، وقد عدّلوا هذا الاعتقاد بما يتناسب مع ظروف العصر وموقف القوة الذي واجهوه، وبعزم وإصرار واصلوا النضال لتحقيق هذا الهدف، ونحن جزء من هذا المسار التاريخي، ونضالنا استمرار لنفس الطريق وليس له هدف آخر، حياة الإنسان! حياة طيبة وصحيحة وجميلة وحرة! لقد سعى أسلافنا، كلٌّ حسب قدرته الفكرية، إلى تحديد المشكلة والنضال من أجل تصحيحها، لقد واجهوا أحياناً موقف القوة والقمع بالعقيدة والميل، وأحياناً بتبرير معرفي، وأحياناً بأساليب أدبية، وأحياناً بحجة طبقية، وفي هذه الأثناء، كانت المرأة حاضرة دائماً وكانت جزءاً من المضطهدين ومن بين الضحايا، لكنها لم تصبح أبداً موضوعاً للنقاش، ولم يتم ذكرها إلا على الهامش".
ونوهت إلى أن "التحدي الرئيسي في حياتنا اليوم هو التحدي الجنساني الذي نواجهه، ولن تتاح الفرصة لنا للتصدي للتحديات الأخرى إلا عندما نعالج مشكلة عدم المساواة بين الجنسين، وإن المنظومة المعرفية الحاكمة برمتها تحاول تضليل المشكلة، ومن خلال هذا الانحراف، التهرب من الحل الحقيقي للمشكلة، ولكن هذا القرن هو قرن المرأة، وقد اكتسبت المرأة القوة الفكرية والعملية اللازمة للنضال والحصول على حقوقها، كما أن التطورات التكنولوجية والعلمية تساعد جميع المناضلين، بما في ذلك النساء، وقد استغلت النساء المعرفة التي اكتسبنها، وبإرادة نابعة من التحرر من العبودية والحاجة إلى الحرية، اتخذن خطوات واسعة في النضال من أجل المساواة، من خلال جهود المفكرات والعلماء والكاتبات والفنانات تحولن إلى نساء تسعين إلى أن يكون لهن حضور إنساني في حياتهن العادية وعدم النظر إليهن كسلع، فقد جمعن ثروة من الإنجازات النسائية التي تشكل أساساً متيناً لتحقيق الحرية".
وعن دور المرأة الكردية قالت "لم تتأخر عن ركب النضال، واعتماداً على تراثها الثقافي والاجتماعي القوي، ساعدها في المشاركة وأصبحت اليوم رمزاً للنضال والجهد النسائي، حيث يصادف 26 كانون الثاني الذكرى السنوية لتحرير كوباني من داعش، وقد شاركت المرأة الكردية بشكل فعال في هذه الحرب أمام أعين العالم، وتحدت النموذج الأبوي بأكمله، وتجاوزته إلى ما هو أبعد من ذلك، حيث ظهرت كقائدة للحرب، لقد شاركت شخصياً في هذه الفترة من حرب كوباني وأصبت بإصابات لا تزال تؤلمني، إن الألم الذي أشعر به في كل لحظة هو الثمن الذي دفعته من أجل الإنسانية، ربما يكون ضميري مرتاحاً بعض الشيء، بمعنى أنني سددت ديني، حتى لو كان صغيراً، للإنسانية، أنا صديقة أولئك الذين قالوا بعد عمر من النضال وفي لحظة الاستشهاد "اكتبوا على شاهد قبري أنني كنت لا أزال مديناً لشعبي عندما توفيت!" لقد تعلمنا منهم هذه الثقافة، وهي أن النضال من أجل الحقيقة والإنسانية هو دين يجب على كل واحد منا أن يلتزم به، دون أي توقعات!، وكلما تم الاحتفال بالنصر في كوباني، فإن الفخر الناتج عن هذا النهج الكريم يضاعف عزيمتي".
وعن حكم الإعدام الصادر بحقها لفتت وريشة مرادي في رسالتها، "الآن إحدى جرائمي هي أنني وقفت ضد الظلام، لقد كنت صديقة لأولئك الذين أنقذوا البشرية، ومن حكم الإعدام الصادر بحقي يتضح إلى أي جانب يقف أولئك الذين يحاكمونني بطبيعة الحال، إنه النظام الأبوي الذي لا يقبل مقاومة المرأة بأي شكل من الأشكال، ناهيك عن انتصارها وهتافها في وجه قوة الظلام المعادية للإنسانية، لقد كنا أول من أدرك الخطر الذي يهدد البشرية وتصدينا له دون تردد، فحققنا نصراً عظيماً للبشرية، واليوم يحاولون الانتقام من هزيمتهم بشتى الطرق، وقد تم اختيار هذا الوقت أيضاً لأنه يمثل نهاية مائة عام من البرامج المصممة لمنطقتنا".
وتابعت "نحن جرحى سايكس بيكو، أبناء شعب ذاق ظلم لوزان حتى النخاع، وشُنق بالحبال، وقُتل بكل أنواع الأسلحة، وتعرض لهجمات كيميائية وللمذابح، وعانى من الفقر المدقع، لقد شهدنا إبادة جماعية في كل أجزاء كردستان، والآن دخلنا قرن التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي مع مجموعة من المشاكل السياسية والاجتماعية، ولكن تصميمنا أصبح الآن راسخاً على أننا في هذا القرن لن نمنع الإبادة الجماعية الجسدية فحسب، بل سنعمل أيضاً على تحديد "الإبادة الجماعية الثقافية" ومحاربتها بكل ما أوتينا من قوة، Jin Jiyan Azadî" " هو شعارنا ويمثل رمزياً نموذجنا الفكري الذي يتناول بوضوح القضايا الأساسية التي يواجهها العالم والإنسانية اليوم، لذلك، فهو لا يقتصر على حدود الجنسية أو الجنس أو الطبقة، بل يسعى إلى النظر للقضايا بمنظور واسع وشامل، وبما أن أغلب القضايا أصبحت عالمية، فإن عولمة النضال هي الطريقة الأكثر منطقية، وإن بعض قضايانا مشتركة بيننا جميعاً، لذلك فمن الطبيعي أن يرتكز نضالنا أيضاً على ظواهر مشتركة، وتعبر فلسفة Jin Jiyan Azadî عن التطلعات المشتركة لمعظم الناس على وجه الأرض، كما أنها سر الدعم العالمي للسجينات".
وذكرت في رسالتها أن "المنطقة تتخذ شكلاً جديداً، فهناك العديد من القوى التي تقوم برسم الخريطة الاجتماعية والسياسية للمنطقة، وإن فراغ إرادة الشعب واضح جداً في هذا التشكيل، والآن بعد أن اكتسبت القوى الشعبية القوة وأصبحت قادرة على التعبير، يتعين علينا أن نتمكن من تعزيز هذه الجبهة، كونها واجهة المجتمع والشعب، كما إن المنطقة منخرطة في العديد من المنافسات والصراعات، وإلى جانبها يتم مناقشة مقاربات مهمة، ومن المناسب أن يشمل هذا الصراع جانب إيجاد حلول لمشاكل المجتمع، وإن قضيتنا ليست قضية شخصية، فسجننا ومواجهتنا لحكم الإعدام جزء من صراع اجتماعي وسياسي، وبالتالي فإن تفكيرنا وأفعالنا يندرج ضمن إطار واحد من أجل إيجاد حلول للقضايا الاجتماعية والسياسية، وهذه هي الطريقة التي نعطي بها معنى لحياتنا، إننا نخرج من القالب الفردي ونذوب في المجتمع، سعياً وراء هدف جماعي وهو "الأمة الديمقراطية" هي أطروحة ومبدأ يجسدان كل هذه الأهداف، وفي إطار هذا الحل يتم تحقيق الأهداف التي تضمن حياة كافة الشعوب والطبقات، إنه الحل الذي يستفيد منه الجميع ولا يتضرر منه أحد، وهذه هي الطريقة التي يمكننا من خلالها أن نجعل الحياة ذات معنى".
وختمت وريشة مرادي رسالتها بالقول "اعتقد أنه يجب على الإنسان إما ألا يعيش حياته أو أن يعيشها بتعالي وسمو، لقد تعرضت العديد من الخطط الرامية إلى إعطاء معنى للحياة لهجوم من قبل الأعداء، وقد ضحى روادها بحياتهم من أجل أهدافهم، لكن هذا لم يخلق الخوف في القلوب، بل خلق الأمل في استمرار النضال، لقد اتبعت نفس المسار وواجهت وضعي الحالي، فأثناء الاستجواب، جلس أمامي نفس المحقق الذي حقق مع فرزاد كمانجار وقال إنه قبل خمسة عشر عاماً كان بوسع فرزاد أن يجلس في نفس المكان، لكنه لم يستطع أن يفعل شيئاً وتسبب في موت نفسه. فقلت له إنني لو لم أتمكن من فعل ذلك، لما كان هناك أي شيء آخر، إن ما أجلس هنا اليوم هو نتيجة جهود ونضال فرزاد، فمع وفاته، رسم لنا الطريق إلى "الحياة ذات المعنى"؛ وأعاد لنا الحياة مرة أخرى، إذا قمت بشنق فرزاد واحد، فإن مئات غيره سوف يتبعون طريقه، لأن فرزاد وشيرين وفرهاد وسوران، ونحن أيضاً نؤمن بأن كل خطوة على طريق الحرية يمكن أن تكون اختباراً، ومن خلال التضحية بأرواحنا من أجل الحرية، سنخرج من هذا الاختبار منتصرين، وحتى الآن، أفكر في نضالنا، في شعبي، والشعوب، والأيام التي تنتظر منطقتنا. أكثر من التفكير في حكمي، فالنضال هو اهتمامنا الأول، وشعار نضالي هو أريد أن أعطل المصير الذي يتكرر دائماً في ألعاب الحياة المأساوية لصالح الحرية، في هذه اللعبة، التي عنوانها الحقيقة والتي لا يمكن لعبها إلا من خلال النضال، هذه المرة سيتم هزيمة القدر".