توثيق حالات لبيع فتيات كجزء من غنائم الحرب في السودان

صنفت شبكة صيحة جرائم الدعم السريع بأنها "ممنهجة" ومرتبطة بتاريخها وسلوكها في إقليم دارفور منذ العام ٢٠٠٣، ولفت تقريرها إلى رصد وتوثيق حالات لبيع الفتيات كجزء من غنائم الحرب.

السودان ـ رصدت شبكة صيحة ٢٤٤ حالة لجرائم العنف الجنسي منذ اندلاع الحرب في السودان، وأشار تقريرها إلى أنه منذ اليوم الأول لاندلاع النزاع في الخامس عشر من نيسان/أبريل 2023 ظهرت أنماط مختلفة لجرائم العنف الجنسي، معظمها ارتبطت بقوات الدعم السريع ومناطق سيطرتها.

أكدت شبكة صيحة على أن "هناك وجود لعدد من الأنماط التي تتبعها قوات الدعم السريع "مليشيات الجنجويد" في ارتكابها للجرائم، منها النمط الأول والمرتبط بمنهج الغنائم، وهو نمط شائع نسبة لأن هذه المليشيا تحتوي في تكوينها الأساسيّ على مجموعة من قطاع الطرق، هدفهم ودوافعهم الأساسية اقتحام القرى والمدن ونهب الممتلكات العامة والخاصة، وطرد الأهالي من منازلهم وأراضيهم للاستيلاء عليها، يتعاملون وفق ذهنية الغنيمة والتي هيّ محرّك أساسي لهذه المليشيا تدفعهم لاختطاف النساء والفتيات".

ووصفت الشبكة النمط الثاني للعنف الذي مارسته القوات بأنه مرتبط باختطاف الضحايا وإخفائهن واغتصابهن، وفي بعض الأحيان تقوم بإعادتهنّ لأسرهنّ مقابل فدية مالية، أو تحتفظن بهنّ لاستخدامهنّ في أعمال مرتبطة بالسخرة الجنسية، والقيام بالأعمال المنزلية لأفرادها.

أما النمط الثالث وفق الشبكة جاء على النحو التالي، أنه "تقوم قوات الدعم السريع بعد اقتحام رقعة جغرافية معينة ونهب كل ما يمكن نهبه واحتلال المنازل والأعيان بالمدينة ثم يصبح وجودهم أمراً واقعاً وجزءً من حياة السكان ويقوم أفرادها باستهداف منازل بعينها واغتصاب الفتيات والنساء؛ بغرض الانتقام أو الإذلال، أو كوسيلة لفرض السلطة". 

وشددت شبكة صيحة على ضرورة دق ناقوس الخطر ومطالبة المجتمع المدني المحلي والإقليمي والدولي والمبادرات السياسية بتحمل مسؤولياتها كاملة تجاه ما يعانيه سكان جزيرة توتي.

وتم التأكيد على أن "ما يعانيه سكان جزيرة توتي لعام كامل من الحرب يمثل انتهاكاً صارخاً للقوانين والأنظمة الدولية لحقوق الإنسان، واستمرار هذا الوضع يجعل قوات الدعم السريع تتمادى في ارتكاب فظاعات أكثر دموية، وتكرار ارتكابها لجرائم العنف الجنسي بكل أشكاله".

كما أشار تقرير صيحة إلى أهمية ربط تكرار هذه الأنماط بجريمة اغتصاب إحدى الفتيات في جزيرة توتي، في الأسبوع الثاني من شهر نيسان/أبريل الماضي، حيث قاموا باقتحام منزل الضحية واغتصابها جماعياً داخل منزلها وأمام أفراد أسرتها بعد تهديدها ووضع السكين على عنقها.

ومن ثم أشارت صيحة إلى البيان الذي أصدرته غرف طوارئ جزيرة توتي الذي جاء فيه أن قوات الدعم السريع لم تكتفي بجريمة الاغتصاب فحسب، بل قامت بإطلاق النار في أول أيام عيد الفطر على المواطنين العزل داخل المسجد، الذين تجمعوا للتعبير عن سخطهم على جريمة الاغتصاب؛ ونتج عن ذلك إصابة سبعة أشخاص ووفاة أخر.

وأوضح التقرير أنه منذ اندلاع الحرب، أصبحت جزيرة توتي منطقة مغلقة ومحاصرة تماماً، حيث تفرض قوات الدعم السريع قيوداً صارمة ومعقده على السكان تحد من حرية حركتهم وتمنعهم من مغادرة الجزيرة إلا باستخراج تصريح من قادتها.

ومع طول أمد الحصار تضاعفت معاناة سكان جزيرة توتي، وأخذت أشكالاً مختلفة، ظهرت في حرمان المواطنين/ات من تلقي المساعدات الإنسانية والخدمات الصحية، وإرغامهم على التعامل في كل مناحي الحياة اليومية وشراء حاجاتهم الأساسية من أفراد قوات الدعم السريع. 

واستنكر تقرير صيحة ممارسات الدعم السريع في مناطق سيطرتهم وقال "لا يمكن أن توصف إلا بأنها ضمن أنماط الاسترقاق والعبودية، إضافة إلى سرديات المليشيا وخطابها الواضح في حقهم في استباحة بيوت الأهالي وهذه تقع في إطار ممارسات ارتبطت ارتباطاً وثيق بالرق وتقع في قلب تعريفه، ومن المؤسف أن تلك الممارسات ليست وليدة حرب نيسان، حيث أن مليشيات الجنجويد مارستها بارتياح لعقود من الزمان في استرقاق مجتمعات كاملة في قرى ومدن دارفور في ظلّ نظام الرئيس المخلوع البشير والإسلام السياسي، كما مارستها العديد من المليشيات في مناطق جنوب كردفان وفي مناطق شرق دارفور على المواطنين/ات من جنوب السودان إبّان حرب الجنوب، حيث تحدث تحت سمع وبصر الدولة السودانية وبالتعاون معها منذ الثمانينات".