تونس... المرسوم 54 غيب المعلومة ومس حرية الصحافة
أجمع الحاضرون/ات على أن المرسوم 54 المتعلق بالجرائم الإلكترونية، ضرب حرية الصحافة ودفع بتراجع مكانة تونس في سلم الحريات الدولية، مؤكدين على أنه يجب ألغاء مثل هذا المرسوم.
تونس ـ أكدت عضوة النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين ريم سويد، إن المرسوم 54 يعتبر من أخطر القوانين التي تحمل فصولاً مهددة لحرية الصحافة "ليس أمامنا غير المقاومة والتكاتف من أجل أسقاط هذا المرسوم وإلغائه".
نظمت أحزاب تونسية جلسة حوارية ناقش فيها الحضور المرسوم 54 ومخاطره على حرية الصحافة والنشر بتونس، بعد سلسلة من الاتفاقيات والمتابعات العدلية التي مست أبناء القطاع بسبب مقال صحفي أو تدوينة عبر الصفحة الخاصة بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك".
وأجمع الحاضرون/ات، على أن المرسوم دفع بتغييب المعلومة بل صعب عمل الصحافيين/ات، حيث بات الحصول على معلومة أو توضيح بخصوص قضية ما أمراً مستحيلاً، نتيجة تجنب المسؤولين التصريح خشية من أي تتبع عدلي على أساس هذا المرسوم.
وعلى هامش الندوة التي نُظمت أمس الثلاثاء الثاني من نيسان/أبريل، قالت عضو النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين ريم سويد إن المرسوم 54 يعتبر من أخطر القوانين التي تحمل فصولاً مهددة لحرية الصحافة والتدوين، وأساساً الفصل 24 الذي يحمل تهماً فضفاضة بعبارات غير دقيقة وغير قانونية تعاقب أي اختلاف مع السلطة في الرأي أو معارض لها على معنى المرسوم 54.
وأشارت إلى وجود الفصل 9 من نفس المرسوم الرئاسي والذي يعتبر فصل في غاية الخطورة فيه مسّ من مصادر حرية الصحفي ويعطي الحق للجهات الأمنية لطلب الصحفي بالكشف عن مصادره، كما أنها خطوات خطيرة تضرب قلب العمل الصحفي الحر القائم على أحقية المحافظة على المصادر.
وأوضحت أن حجم المتابعات القانونية التي تم تسجيلها على معنى المرسوم 54 دفعت بتراجع مستوى الحريات والنفاذ إلى المعلومة التي تعتبر حقوقاً دستورية، وصنعت إطاراً مبنياً على الخوف وخلقت تراجعاً في مربع الحريات حيث وجد الصحفي/ة نفسه/ها أمام معلومة غائبة وتهديدات جدية.
وعن الأثر البالغ للمرسوم على توفر المعلومة والمحتوى الصحفي المقدم قالت "هناك تراجع في المشهد العام وتغييب للبرامج الحوارية وهناك ندوات صحفية لم تعد تحظى بالتغطية من قبل الإعلام العمومي، حيث غاب النقاش العام والاختلاف على المشهد، فقد أثر المرسوم 54 على المعلومة وطرق الحصول عليها وعلى المادة المقدمة خاصةً في وسائل الإعلام العمومية وحتى بعض المؤسسات الخاصة وحتى مستوى المقاومة الذي بدأ يتراجع ويضعف حيث باتت المادة شحيحة فيما يتعلق بالجودة، لكن مقاومة الصحافيين/ات لن تتوقف حتى إلغاء المرسوم".
وحول كيفية التصدي لهذا المرسوم بينت ريم سويد أن الحل يتمثل في المقاومة والدفاع عن مساحة الحرية التي اكتسبها القطاع بسبب الثورة "ليس أمامنا غير المقاومة وعلينا أن نتكاتف ونكون يداً واحدة من أجل أسقاط هذا المرسوم وإلغائه لا تعديله وتنقيحه".
ولفتت إلى أن استهداف مهنة الصحافة وحرية التعبير، تتعارض مع دستور تونس الذي ينص على ضمان حرية الرأي والفكر والإعلام والنشر، وعلى عدم المساس بأبرز مكاسب الثورة.
وتدعو نقابة الصحفيين إلى الاحتكام حصراً إلى المرسوم 115 لعام 2011 الذي أصدر في 2 تشرين الثاني/نوفمبر2011 ويتعلق بحرية الصحافة والطباعة والنشر عوض القوانين الجزائية، وغير ذلك يعتبر هراءً.
هذا وكان رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيد منذ الإعلان عن حالة الاستثناء التي فرضتها أحداث 25 تموز/يوليو من عام 2021 أصدر عدداً من المراسيم، من بينها المرسوم الرئاسي عدد 54 لعام 2022 والذي أصدر في 13 أيلول/سبتمبر 2022 والمتعلق بـ "بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال".
ويهدف هذا المرسوم بحسب ما جاء في نصه إلى ضبط المقتضيات الرامية إلى الوقاية من الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال وزجرها، لكن المجتمع المدني التونسي عارضه بشدة واعتبره مرسوماً قمعياً جاء لضرب حرية التعبير والتدوين وتكميم الأفواه.