تواطؤ مزدوج... إيران شريك صامت في القمع التعليمي الذي تمارسه طالبان
مع استمرار الحظر على تعليم النساء في أفغانستان، أصبحت إيران، من خلال تعليقها المتعمد للتأشيرات الدراسية، شريكاً صامتاً في القمع التعليمي الذي تمارسه طالبان.

روناك شهبازي
طهران ـ في أفغانستان، بات وضع التعليم بالنسبة للنساء والفتيات مقلقاً للغاية منذ عودة طالبان إلى الحكم عام 2021، مُنعت الفتيات فوق سن الثانية عشرة من دخول المدارس الثانوية، وأغلقت الجامعات أمام النساء.
باتت أفغانستان اليوم الدولة الوحيدة في العالم التي تُحرم فيها الفتيات من التعليم بعد الصف السادس، ومع ذلك، كانت المدارس والجامعات في العاصمة الإيرانية طهران بارقة أمل للعديد من هؤلاء النساء في مواجهة هذا الظلم، هذا الأمل لم يكن مقتصراً على من وُلدن في أفغانستان، بل أيضاً على من وُلدن داخل إيران، لكنه بات يتلاشى مؤخراً.
واجه الشعب الأفغاني صعوبات كثيرة في مجال التعليم داخل إيران، فالكثيرون ممن قدموا إلى إيران منذ طفولتهم، تابعوا تعليمهم في المدارس الواقعة على أطراف المدن وسط ظروف قاسية، بينما حُرم آخرون من التعليم بسبب سياسات استقبال المهاجرين غير الفعّالة، ما أدى إلى تحويلهم إلى قوة عاملة.
بحسب فرشته محمدي، امرأة أفغانية تقيم في طهران، فإن معدلات ترك التعليم وعدم دخول الجامعات بين الأفغان مرتفعة جداً "غياب الوثائق القانونية وصعوبة معادلة الشهادات ساهم بشكل رسمي في حرماننا من التعليم، كما أن الفقر والزواج المبكر كانا من أبرز العوامل المانعة لتعليم الكثير من النساء المهاجرات، وقد تسببت حالات التحرش والتمييز العنصري المتكرر في المدارس بجعل الأطفال ينفرون من البيئة المدرسية".
الجامعات... أرقام وعوائق أمام الطلاب الأفغان
ووفقاً للإحصاءات الرسمية، يدرس أكثر من 40 ألف طالب أفغاني في الجامعات الإيرانية، ويجب عليهم دفع الرسوم الدراسية كاملة باعتبارهم طلاباً دوليين، ففي بعض الجامعات مثل جامعة طهران، تصل الرسوم الفصلية للطلاب الأفغان إلى أكثر من 80 مليون تومان، وتُحسب هذه الرسوم بالدولار الأمريكي وليس بالريال الإيراني.
وفي هذا السياق قالت شكيبا أكبري، الطالبة السابقة في العلوم الطبية "الطلاب الأفغان يواصلون تعليمهم بصعوبة، عبر مساعدات محدودة أو دعم عائلي، ويجب عليهم الحصول على إقامة دراسية، وهي عملية مرهقة بيروقراطياً وقد تكون مصحوبة بمعاملة مهينة أحياناً، وقد رفضت بعض الجامعات رسمياً قبول الطلاب الأفغان في تخصصات معينة، كما حُرم كثيرون من السكن الجامعي والمكتبة والمرافق الأخرى".
أزمة في إصدار التأشيرات الدراسية
بعد الحرب التي دامت 12 يوماً بين طهران وتل أبيب، تفاقمت أوضاع المهاجرين الأفغان، لا سيما الطلاب، بشكل حاد، حيث أطلقت السلطات الإيرانية موجة جديدة من الترحيلات، وخلال الأسابيع التالية تم ترحيل مئات الآلاف قسراً إلى أفغانستان، رغم أن العديد منهم كانوا يحملون إقامة قانونية أو كانوا بصدد تجديدها.
لم يسلم الطلاب الأفغان من هذه الأزمة، حيث فشل كثير منهم في تمديد تأشيراتهم الدراسية، وبسبب إلغاء الإقامة أو تعليق تسجيلهم، لم يتمكنوا من العودة إلى جامعاتهم.
ووفق مصدر موثوق في جامعة طهران، فقد صدرت تعليمات رسمية لوحدات الطلاب الدوليين بتعليق إصدار التأشيرات الدراسية للأفغان، حيث قالت هانا عارفي "مع اندلاع الحرب، غادر الطلاب الغير إيرانيين البلاد بشكل عاجل وبدون تصريح، ولكن خلافاً للآخرين، لم يُسمح للطلاب الأفغان بالعودة، وتمت إعادتهم إلى أفغانستان، حالياً تم تعليق إصدار أي نوع من التأشيرات لهم".
بدورها، أكدت راحلة. ص، وهي إحدى الطالبات العائدات إلى أفغانستان "أرسلتُ العديد من الرسائل إلى الجامعة، لكنهم يردون دائماً بأنه لا يمكن إصدار التأشيرات حالياً".
تواطؤ في القمع والتمييز ضد النساء
في ظل حظر طالبان لتعليم النساء داخل أفغانستان، تعمدت إيران إغلاق الطريق أمام تعليمهن خارج البلاد أيضاً، حيث قالت الناشطة النسوية سركل فخاري، إلى جانب كثيرين، إن هذا التصرف يُعد انتهاكاً واضحاً لحقوق الإنسان وتواطؤاً في قمع النساء.
وأضافت "في الوقت الذي تسعى فيه مجتمعات أفغانية لإنقاذ تعليم النساء في الخارج، تتعمد إيران عدم تقديم الدعم، بل تغلق المسارات الممكنة، استمرار هذه السياسة يضع إيران ليس في موقع محايد أو سلبي، بل كشريك فعّال في مشروع قمع النساء الأفغانيات".