تقرير: فقر الأطفال العالمي مهدد بالانهيار بفعل ثلاثة أزمات متشابكة

كشف تقرير جديد لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة اليونيسف، أن التقدم في الحد من فقر الأطفال حول العالم يواجه خطر الانهيار بفعل ثلاث أزمات متشابكة هي النزاعات المسلحة، التغير المناخي، وأزمة التمويل والديون.

مركز الأخبار ـ تتزايد المخاطر التي تهدد الأطفال حول العالم مع تفاقم النزاعات المسلحة، وأزمات الديون، وتداعيات تغيّر المناخ، حيث يجد ملايين الأطفال أنفسهم في مواجهة الحرمان من التعليم والرعاية الصحية، بينما يزداد خطر سوء التغذية والنزوح القسري.

أصدر تقرير حديث عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) بعنوان "حالة أطفال العالم 2025" أمس الأحد 23 تشرين الثاني/نوفمبر، حذرت فيه من أن الانجازات التي تحققت بصعوبة على مدى عقود في مجال الحد من فقر الأطفال حول العالم يواجه خطر الانهيار، نتيجة تزامن ثلاثة أزمات كبرى وهي تصاعد النزاعات المسلحة، تفاقم آثار التغير المناخي، وأزمة التمويل العالمية المرتبطة بتزايد الديون.

وأوضح التقرير، أن الأزمات المتداخلة تدفع بمئات الملايين من الأطفال نحو حافة الحرمان، وتعرقل قدرة العالم على توفير مستقبل عادل لهم، وحذّر من واقع صادم يتمثل في نحو 412 مليون طفل يعيشون بالفعل في فقر نقدي  مدقع، فيما يواجه 417 مليون طفل آخر حرماناً شديداً من اثنتين على الأقل من أساسيات الحياة الضرورية، مؤكداً أن هذا الحرمان الشديد يشمل أساسيات مثل التعليم، الصحة، السكن المناسب، التغذية السليمة، والصرف الصحي والمياه الصالحة للشرب وهي من حقوق أساسية ينتهك الفقر استحقاق الأطفال لها.

وكشف التقرير عن تفاصيل الأبعاد الثلاثة لهذه الأزمات، موضحاً أن العنف المسلح بات يؤثر اليوم على ضعف عدد الأطفال مقارنة بما كان عليه قبل ثلاثة عقود، إذ يتسبب في تشريد الأسر، وتدمير المدارس، وتعميق دوامة الفقر، كما أشار إلى أن أزمة المناخ تتفاقم بسرعة مقلقة، حيث يعيش قرابة مليار طفل في دول تواجه خطراً بالغاً من تداعياتها المدمرة مثل الجفاف والفيضانات، فيما تتحمل المجتمعات الهشة التي تكافح أصلاً للخروج من دائرة الفقر العبء الأكبر من هذه الآثار.

وأكد التقرير، أن أزمة التمويل والديون تمثل الركن الثالث من هذا التهديد العالمي، إذ أدت التخفيضات غير المسبوقة في مساعدات التنمية إلى تقليص الخدمات الأساسية التي يعتمد عليها ملايين الأطفال، كما أن عبء الديون الخارجية يضع الدول منخفضة الدخل أمام خيار قاسٍ بين سداد التزاماتها المالية أو الاستثمار في مستقبل أطفالها، وفي كثير من الحالات، تتجاوز مدفوعات فوائد الديون حجم الإنفاق المخصص لقطاعي الصحة والتعليم مجتمعين، ما يفاقم دائرة الحرمان ويقوّض فرص التنمية المستدامة.

وحذّر التقرير من أن هذه الأزمات الثلاث تتفاعل فيما بينها لتشكّل حلقة مفرغة يصعب كسرها، إذ تؤدي الكوارث المناخية إلى تأجيج النزاعات حول الموارد المحدودة، فيما يفاقم النزوح الناتج عنها الضغط على الخدمات الأساسية، بينما تدفع تخفيضات المساعدات الدولية الدول الفقيرة إلى المزيد من الاقتراض وهو ما يعمق الأزمة ويضاعف آثارها على الأطفال والمجتمعات الهشة.

ورغم قتامة المشهد، شدّد التقرير على أن القضاء على فقر الأطفال ليس أمراً مستحيلاً، بل هو خيار يرتبط بمدى جدية الإرادة السياسية وتحديد الأولويات العالمية، لافتاً إلى أن العالم حقق بالفعل تقدماً ملموساً خلال العقود الماضية حيث انخفض معدل الحرمان الشديد بين الأطفال بمقدار الثلث منذ عام 2000، كما تراجع عدد الأطفال الذين يعيشون في فقر نقدي مدقع من 507 ملايين إلى 412 مليون طفل، وهو ما يبرهن أن التغير ممكن إذا توافرت الإرادة والالتزام.

وأكدت المديرة التنفيذية لليونيسف كاثرين راسل، أن المكاسب التي تحققت في مكافحة فقر الأطفال باتت هشة، وأن هامش حمايتها يضيق يوماً بعد يوم.

وخلص التقرير إلى أن جوهر المشكلة لا يرتبط بندرة الموارد بل بكيفية تحديد الأولويات، مجددةً الدعوة إلى جعل الاستثمار في الأطفال وإنهاء فقرهم التزاماً عالمياً مشتركاً لا يقبل التراجع أو التهاون.