صمود في وجه العنف والتهميش... الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات تعود للنشاط
اعتبرت ناشطات وحقوقيات تونسيات القرار التعسفي بحق الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات أنه قضائي تحت غطاء سياسي، وكما تخالف الإدارة الزمن الإجرائي المنصوص عليه في المرسوم 88.
تونس- أعلنت الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات عن إنهاء قرار تعليق نشاطها والعودة للعمل المدني، معربة عن رفضها لمس الأجسام الوسيطة المدافعة عن حقوق الإنسان، ورافضة لتحول الدولة إلى سلطة تقيّد المجتمع المدني.
نظمت الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات ندوة صحفية للإعلان عن عودة نشاطها بعد شهر من التعليق، وافتتحت حملة 16 يوماً السنوية لمناهضة كافة أشكال العنف ضد النساء في ظرف استثنائي، وفق وصفها، ليس فقط بسبب الانتهاكات والتضييقات المتصاعدة على الفضاء المدني والسياسي، بل أيضاً لأن الجمعية تعود بروح نسوية أقوى للنشاط الميداني.
ولفتت الندوة إلى أن شهراً كاملاً أُغلقت فيه أبواب الجمعية أمام المعنفات اللواتي يلجأن لمراكز الاستماع الخاصة بالجمعية في أربع ولايات، وحرمت 100 امرأة تتردد على الجمعية مدة 30 يوماً.
"سننتصر بالصمود والمقاومة"
وعبرت العضوات عن غضبهن من محاولات إسكات أصواتهن المطالبة بالحرية وحقوق النساء "أغلقت أبوابنا في وجه من اعتدن طلب الحماية والمعلومة والإرشاد، لكن عدنا ونحن صامدات قويات".
وشددت الناشطات في كلمتهن على أن الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات تتعامل مع كافة شركائها وفق مبادئها النسوية ومشروعها الديمقراطي والاجتماعي، واستناداً إلى رؤيتها المناضلة من أجل إرساء مجتمع قائم على المساواة التامة بين النساء والرجال وعلى الحرية والعدالة التي تحقق مواطنة كاملة للنساء.
وأشارت إلى أن النساء الأكثر هشاشة هن الأكثر عرضة للعنف والتمييز والتفقير، وأن النساء في المناطق الداخلية يتحملن عبء السياسات الاقتصادية، إضافة إلى أنها تسجل ارتفاع عدد سجناء وسجينات حرية النشاط والتعبير والرأي والنشاط السياسي والمدني وارتفاع قمع لأصوات المعارضة وتدجين الإعلام، وتغوّل تنفيذي يغيب فيه دور المؤسسات الدستورية واستقلالية القضاء.
"النضال لن يكون وردياً مع من لا يفهم معنى الحرية"
وبدورها لفتت رئيسة الجمعية رجاء الدهماني، إلى أن "العودة بعد شهر من التعليق من مركز الاستماع لمتابعة وضع النساء ضحايا العنف في رمزية لهذا المقر الذي أوصدت أبوابه مدة 30 يوماً في وجه الضحايا بسبب القرار التعسفي الذي يعتبر سياسياً تحت غطاء قضائي"، مشيرة إلى أن "الجمعية ناضلت 36 سنة تحت الضغط وقاومت في عهد الديكتاتوريات السابقة، وتعودت بهذه الهرسلة، وهي تؤمن أن طريق النضال لن يكون وردياً مع من لا يفهم معنى الحرية".
وأبرزت أن الجمعية تؤمن بالحريات ولديها مشروع مجتمعي يلزمها مواصلة مسيرتها مهما كانت الضغوطات والتنكيل، مؤكدة على أهمية حملة التضامن الوطنية والإقليمية والدولية مع الجمعية، التي تركت الصوت نابضاً وحاضراً برغم محاولات كتمها.
وعبرت عن التضامن الواسع مع مكونات المجتمع السياسي والمدني الذي يتعرض اليوم لضغط وانتهاكات لمنعه من النشاط "معركتنا متواصلة لمجابهة الانتهاكات والظلم ومحاولات تصميت المجتمع المدني الذي لا يعد نشاطه جريمة في الدول الديمقراطية، ونحتاج إلى فضاء ديمقراطي وتعددي للتعبير عن الآراء، والمجتمع المدني هو صمام أمان وليس معقولاً أن تتوجس منه السلطة وتحاول القضاء على هذه الأجسام الوسيطة التي لا يمكن إلا أن تحقق التوازن في تونس".
وأكدت رجاء الدهماني بأنهم "راجعات ومواصلات وسنقوم بأنشطتنا ضمن حملة ال16 يوم لمحاربة العنف ضد النساء وسنتابع برامجنا في إطار احترام القانون والمرسوم 88 المنظم لعمل الجمعيات والذي جاء ضمن سياق ثوري ونحاول تطبيقه والامتثال للتشريع".
"التعليق كان قراراً سياسياً"
فيما قالت فتيحة السعيدي الباحثة في علم الاجتماع والمكلفة بالتواصل مع الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، إن "التعليق كان قراراً سياسياً بامتياز، موضحة "قبل سنة من التعليق تلقينا تنبيه أو مراسلة من رئاسة الحكومة طلبت مجموعة من الوثائق التي تم تقديمها في غضون شهر ولم يتم الرد علينا مدة عام لا بملاحظة أو إشارة إلى وجود مخالفة أو غيره، لنتفاجأ بعد سنة بقرار التعليق الفجائي".
وأكدت أنه لا توجد مدة قانونية معقولة بين التنبيه الأول والتعليق، لذلك يعتبر قرار سياسي "نحن لا نُزايد والحيثيات تقول إنه قرار سياسي، إضافة إلى إحالة الجمعية على معنى الفصل 3 الذي ينص على احترام الجمعيات في نظامها الأساسي وفي نشاطها وتمويلها مبادئ الديمقراطية والتعددية والشفافية والمساواة وحقوق الإنسان كما ضبطت بالاتفاقيات الدولية المصادق عليها من طرف الجمهورية التونسية، نحن ندافع عن تلك المبادئ وعن الشفافية، لسن جمعية إرهابية".
وبينت أن التعليق محاولة لاغتيال الفعل المدني السياسي، وترتكز عليه كل الأنظمة الشعبوية في العالم لاعتبارها ضد التعددية والأجسام الوسيطة والفعل المدني والسياسي لصالح سلطة واحدة.
"نحن نرافق ضحايا سياسات التهميش التي تكرسها الدولة"
واعتبرت المحامية والكاتبة العامة للجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات هالة بن سالم كسابقتها أن "القرار قضائي تحت غطاء سياسي، فضلاً عن أنه تعسفي حيث تخالف الإدارة الزمن الإجرائي المنصوص عليه في المرسوم88"، مضيفة "منذ عام 2023 لا يوجد كاتب عام للحكومة وبالتالي نتساءل من أصدر القرار وأمر بالتنفيذ، خرق للإجراءات والصفة المُصدرة للقرار، وتعليق عمل جمعية ومراكز الاستماع أول ضحية هن المعنفات اللواتي لم يجدن سند لهن، نحن لا نقدم خدمات فقط بل نرافق ضحايا سياسات التهميش التي تكرسها الدولة، وندافع عن كل النساء لإلغاء كافة أشكال التمييز ضدهن".