شح المياه وانعدام التوعية... بيئة جبل كزوان مهددة بالاندثار
في قلب منطقة جبل كزوان، تتعرض الأشجار والمناطق الحرجية لخطر كبير، في وقت يسعى السكان للحفاظ على الغطاء النباتي وإيجاد حلول لمشاكل التصحر والمياه.

سوركل شيخو
تل تمر ـ كزوان منطقة جبلية تشتهر بزراعة الأشجار الطبيعية والحرجية كما أنها وجهة سياحية في إقليم شمال وشرق سوريا، ومع انطلاق ثورة روج آفا، شنّت مرتزقة جبهة النصرة وداعش الإرهابية هجوماً على المنطقة، وسيطرت على جبل كزوان، ومنذ مارس/آذار 2011، تُقطع أشجار جبل كزوان.
وفقاً للجنة البيئة في بلدية الشعب، قُطعت 90% من أشجار جبل كزوان بين عامي 2011 و2025، وتنوع سبب قطع الأشجار، إما للحصول على الحطب، في وقت لا يستطيعون فيه توفير الوقود والغاز، أو يتاجر بعض من يتعدون على الطبيعة بهذه الأشجار.
المحميات الطبيعية في جبل كزوان معرضة للخطر، منها محمية للغزلان في مغلوجة، ولا يوجد سوى 7 إلى 12 محمية للغزلان هناك، وهي محمية من قِبل إدارة البيئة في مقاطعة الجزيرة، و25% من الأشجار المزروعة في الجبل وريفه منذ عام 2018 هي أشجار الزيتون واللوز والفستق.
وبحسب لجنة البيئة، فقد ازداد قطع الأشجار في العامين الماضيين، وفي القوانين الجنائية للإدارة الذاتية بإقليم شمال وشرق سوريا، يُغرّم كل من يقطع شجرة ويلحق بها أضراراً، وينطبق هذا على الأشجار الاصطناعية والطبيعية، خاصة أشجار جبل كزوان، وكذلك عقوبة قطع الأشجار وبناء مبنى مكانها.
وحول أهمية حماية الأشجار وزراعتها، أوضحت مها عيد الحلو، امرأة من منطقة مغلوجة في جبل كزوان، سبل ووسائل تعزيز زراعة الأشجار ورفع مستوى الوعي بين السكان، وإمكانية قطع الأشجار اليابسة في حالات الطوارئ.
وأضافت "إن قطع الأشجار في الحالات الطارئة، ينطبق على قطع الأشجار اليابسة فقط، لأنها تُستخدم في الطبخ والخبز، أحياناً لا نملك ما يكفي من وقود الشتاء، فيعتمد السكان على قطع الأشجار، لذلك، هناك حاجة ملحة، ويمكن استخدام الأشجار اليابسة، حيث تتسبب الرياح والعواصف القوية في كسر الأشجار العالية، على سبيل المثال، قبل فترة، كسرت 30 شجرة بسبب الرياح والعواصف، وجمعنا بعضها، نحن لا نريد الإضرار بالطبيعة، ولكن يمكننا إزالة الأشجار اليابسة والاستفادة منها".
زراعة الأشجار في مواجهة مشاكل المياه
وعن فوائد زراعة الأشجار وتكثيرها في مكافحة التصحر، قالت مها عيد الحلو "الأشجار تُوفر الأوكسجين النقي وتُحقق الأشجار التوازن البيئي، وتُضفي جمالاً على جبل كزوان، لكن هناك مشكلة مائية، لا يوجد بئر ماء في كل قرية، ولا تصل إليها شبكات المياه، وتتطلب زراعة أشجار الزيتون والورود كميات كبيرة من المياه، ولم يُنفذ أي مشروع ضخم لبناء آبار بحرية في كل قرية".
وعن الحلول البديلة أفادت "يجب إنشاء مزارع خضراوات لاستخدام حطبها في صنع الخبز والطعام أو في المواقد بعد تجفيفها، سيكون هذا بديلاً جيداً وغير ضار، ولكن بما أن هذه المنطقة قد تحولت إلى منطقة صحراوية، فإن زراعة الخضراوات كل موسم تُشكّل تحدياً أيضاً، والسبب في ذلك هو هجوم الذباب الأبيض، ومن الضروري أيضاً إزالة أوراق الأشجار من الغابات لمنع اندلاع الحرائق فيها، فبسبب سيجارة واحدة، احترق ما يقارب 300 إلى 400 شجرة، لذلك، يجب على السكان حماية المحميات الطبيعية والأشجار، وعدم السماح لأحد بالتعدي على طبيعتنا".
زراعة الأراضي الزراعية أحد حلول مكافحة التصحر
ولفتت مها عيد الحلو إلى ضرورة إنشاء مزارع للأشجار بدلًا من الأشجار اليابسة التي تُقطع "عندما تتوفر الفرص ويكون الوضع الاقتصادي جيداً، يُمكن للناس زراعة شجرة بدلاً من تلك اليابسة، سيكون من الأفضل لو وُجدت مزارع للأشجار في جبال كزوان، نظراً لكثرة أنواع الأشجار وأسعارها التي تتراوح بين الجيدة والغالية، يجب زراعة أشجار مثمرة كالتين والزيتون، وإقامة مشاريع زراعية تستغل الأراضي الجافة، وتوفر فرص عمل للنساء، ومن ناحية أخرى، تزيد المساحات الخضراء لمكافحة التصحر".
وأكدت أن "الأشجار من أهم ركائز الحياة، فقد رأينا في السنوات الأخيرة أنواعاً جديدة من الطيور تحلق على أشجارنا، وهذا يُعطينا الأمل أيضاً، الجميع مسؤول عن زراعة الطبيعة وتجميلها، لذلك من الضروري غرس الأشجار مع حفر الآبار وجعلها ثقافة".
ودعت مها عيد الحلو كل عائلة إلى حفر بئر ماء وغرس شجرتين أو ثلاث بجانبه "بئر الماء يعود بالنفع على الناس، والأشجار تُصبح مأوى للطيور وتُحقق توازناً بيئياً، على المؤسسات البيئية المعنية دعم المشاريع الزراعية وتوعية الناس بأهمية حماية الطبيعة، لقد كانت منطقة مغلوجة من أجمل مناطق جبال كزوان، والمعروفة بمياهها وغزلانها، لذلك، على الناس أن يتعاونوا من جديد ويعيدوا إلى جبالهم خضرتها وجمالها".