رغم قساوة النزوح منظمة سارا تفتح آفاق جديدة للاستقلال وتدعم النازحات
جهود منظمة سارا على تمكين النساء النازحات عبر الندوات، وتقديم الدعم النفسي، والتدريب المهني، أسهمت في تعزيز وعي النساء، مواجهة العنف والإدمان وزواج القاصرات، وفتح آفاق جديدة للعمل والاستقلالية رغم ظروف النزوح الصعبة.
زينب عيسى
ديرك ـ بعد الهجمات التي شنّها الاحتلال التركي على مدينتي رأس العين/سري كانيه وعفرين، اضطرت العديد من النساء إلى النزوح والاستقرار في مخيم نوروز بمدينة ديرك. ورغم قسوة الظروف وصعوبة الحياة داخل المخيم، تحمل هؤلاء النساء في قلوبهن قصص عن الصمود والإصرار على الاستمرار.
تتولى منظمة سارا مسؤولية دعم النساء النازحات من مدينتي رأس العين/سري كانيه وعفرين وتمكينهن، من خلال برامج توعية وجلسات دعم نفسي وأنشطة جماعية، تهدف إلى خلق بيئة آمنة تساعد النساء على التعبير عن أنفسهن واستعادة الشعور بالطمأنينة والقوة. إن هذه الجهود لا تقتصر على تقديم المساندة الإنسانية فحسب، بل تمثل خطوة عملية نحو إعادة بناء الحياة والكرامة.
وأوضحت فاطمة شيخي، مديرة منظمة سارا في مخيم نوروز، أن عمل المنظمة يترك أثراً ملموساً في حياة النساء، حيث يسهم في تنظيمهن وتقوية حضورهن داخل المجتمع، ليصبح المخيم مساحة للمقاومة وإعادة الأمل، رغم كل التحديات.
وأشارت إلى أن منظمة سارا بدأت عملها بشكل رسمي في مخيم نوروز عام 2022، ومنذ ذلك الحين تعمل على تنظيم النساء وتمكينهن عبر الندوات، الدورات التدريبية، والحوارات التوعوية "هدفنا هو تعزيز قوة النساء، تعريفهن بحقوقهن، ودعم نضالهن ضد العنف الممارس عليهن. نتواجد باستمرار داخل تجمعات النازحين ونقيم الندوات في أوساطهم".
وبينت أن المنظمة تسعى أيضاً إلى توفير فرص عمل للنساء، حيث أطلقت مؤخراً دورات تدريبية في مجال الخياطة، شاركت فيها مجموعة كبيرة من النساء وتعلمن هذه المهنة، مما أتاح لهن امتلاك مهارة عملية يمكن أن تساعدهن على تحسين ظروفهن المعيشية.
وأكدت فاطمة شيخي أن منظمة سارا تضطلع بدور محوري داخل مخيم نوروز، حيث استفادت غالبية النساء من الندوات والدورات التدريبية التي تُنظم هناك "منظمة سارا تؤدي دوراً أساسياً في المخيم، فمن خلال الندوات التوعوية والدورات التعليمية تعمل على تمكين النساء ومساعدتهن على التعبير عن أنفسهن. وفي بعض الأحيان ننظم ندوات موجهة للرجال أيضاً، بهدف تغيير العقليات التقليدية السائدة، وقد أثمرت هذه الندوات عن نتائج ملموسة، إذ أصبح بعض الرجال يطلبون بأنفسهم المشاركة في الدورات والندوات، وهو بالنسبة لنا تطور إيجابي للغاية".
وأضافت "نركز كذلك على قضايا حساسة مثل الإدمان الإلكتروني، العنف، الانتحار، وتعاطي المخدرات، ونولي اهتماماً خاصاً بالشابات، نظراً للمخاطر الكبيرة التي يفرضها الإعلام الرقمي عليهن. لذلك، تُعقد العديد من الندوات حول الإعلام الرقمي وطرق التعامل معه، بهدف رفع الوعي وحماية الفتيات من مخاطره".
التعاون مع اللجان والمجالس داخل المخيم يشكل وسيلة فعّالة لمعالجة الحالات الخاصة كما أكدت "كثيراً ما نصادف أوضاعاً معقدة داخل المخيم، وللتعامل معها نتواصل مع اللجان والمجالس بهدف إيجاد حلول مشتركة، وبالفعل يتم تجاوز هذه المشكلات".
ولفتت إلى أن أبرز القضايا التي تواجهها المنظمة تتعلق بالعنف، الإدمان الإلكتروني، السلوكيات العدوانية، وزواج القاصرات "من خلال الندوات والدورات التدريبية استطعنا الحد من هذه الظواهر بشكل ملحوظ. صحيح أن البداية لم تكن سهلة، إلا أن النتائج الإيجابية ظهرت تدريجياً، حيث أصبحت النساء أكثر وعياً، وتمكنت إرادتهن من التبلور. ففي السابق كانت بعض النساء عاجزات عن التعبير عن أنفسهن داخل المخيم، أما اليوم فقد أصبحن قادرات على التعبير واتخاذ القرارات بأنفسهن".
وأوضحت فاطمة شيخي أن توفير فرص العمل للنساء داخل المخيم يُعد من أبرز أولويات منظمة سارا، مشيرةً إلى أن هناك خططاً مستقبلية لتوسيع نطاق المشاريع الموجهة لهن "بدأنا بتنظيم دورات تدريبية في مجال الخياطة، وقد استفادت منها معظم النساء، حيث أصبحت كل واحدة منهن تمارس هذه المهنة في محيطها. ما يقارب 60 امرأة شاركن في هذه الدورات وتعلمن الخياطة، ونحن الآن نستعد لإطلاق دورة جديدة"، مضيفةً "في المرحلة المقبلة نطمح إلى تطوير مركزنا وتوسيعه ليستوعب عدداً أكبر من النساء، مع إطلاق مشاريع خاصة بهن وتوفير فرص عمل تساعدهن على تحسين ظروفهن المعيشية وتعزيز استقلاليتهن".