رغم الحرب... مركز "حياة" يقدم خدمات الدعم النفسي للنازحات في غزة
بهدف تخفيف وطأة ظروف الحرب يواصل مركز الأبحاث والاستشارات القانونية والحماية للمرأة في غزة تقديم الدعم النفسي والاجتماعي والقانوني للنساء المتضررات رغم تداعيات الحرب والظروف الإنسانية الصعبة.
نغم كراجة
غزة ـ أكدت مديرة الحالة في مركز حياة لتمكين النساء والعائلات، عبير المشهراوي أن النساء في غزة تواجهن أشكالاً متعددة من العنف والمعاناة من نزوح جماعي وتجويع إلى انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وصولاً إلى الإبادة الجماعية، وتمثلن النسبة الكبرى من الضحايا.
في ظل استمرار الأزمات الإنسانية وتصاعد الانتهاكات جراء حرب الإبادة الجماعية التي ترتكبها القوات الإسرائيلية في قطاع غزة، تواجه النساء والفتيات تحديات قاسية تتراوح بين النزوح القسري والتجويع والعنف، وتسعى المؤسسات المحلية، وعلى رأسها مركز الأبحاث والاستشارات القانونية والحماية للمرأة إلى تقديم الدعم النفسي والاجتماعي والقانوني للمتضررات من خلال تنظيم جلسات الدعم النفسي الجماعي وأنشطة التوعية ويهدف المركز إلى تخفيف معاناة النساء وتعزيز صمودهن في وجه هذه الأوضاع الصعبة.
وتأتي هذه الجهود كجزء من حملة 16 يوماً لمناهضة العنف ضد المرأة التي تحمل هذا العام بعداً استثنائياً بسبب تداعيات الحرب المستمرة، وفي هذا السياق، نظم مركز "حياة" لتمكين النساء والعائلات جلسة دعم نفسي جماعي مخصصة للنازحات اللواتي تعرضن للعنف، بهدف التخفيف من وطأة الظروف القاسية التي ترزحن تحتها.
للتخفيف من آثار الحرب الدعم النفسي أولوية
قالت مديرة الحالة في المركز عبير المشهراوي عن أهمية هذه الجلسة "نحن اليوم نركز على تنفيذ جلسات دعم نفسي جماعي للنازحات اللواتي تعانين من تبعات الحرب وآثاره الكارثية، بما في ذلك القصف المستمر والنزوح القسري، هدفنا الأساسي هو توفير بيئة آمنة تمنح النساء مساحة للتعبير عن مشاعرهن، والتعامل مع الصدمات التي تعرضن لها نتيجة الظروف الصعبة، لا يقتصر عملنا على الدعم النفسي فقط بل نقدم أيضاً خدمات اجتماعية وقانونية وإغاثية تسهم في توفير الحماية والاستقرار لهن ولعائلاتهن".
وأوضحت أن هذه الأنشطة تأتي ضمن حملة 16 يوماً لمناهضة العنف ضد المرأة التي تبدأ في 25 تشرين الثاني/نوفمبر وتستمر حتى العاشر من كانون الأول/ديسمبر الجاري، تزامناً مع اليوم العالمي لحقوق الإنسان، وأضافت أن الأنشطة التي نفذتها تمتاز باللون البرتقالي وهو اللون الرمزي للحملة العالمية رغم شح الموارد والإمكانات في قطاع غزة.
تصعيد الحرب والعنف ضد النساء
وفي تعليقها على الحملة هذا العام، أضافت عبير المشهراوي، أن الجهود الدولية لمناهضة العنف ضد المرأة يجب أن تركز على معاناة الفلسطينيات جراء الحرب التي لا تزال مستمرة "منذ بدء الحرب تواجه النساء والفتيات في غزة أشكالاً متعددة من العنف والمعاناة من نزوح جماعي وتجويع إلى انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وصولاً إلى الإبادة الجماعية، لقد أصبحت النساء أكثر فئة متضررة في هذه الحرب، إذ تشير الإحصائيات إلى أنهن تمثلن النسبة الكبرى من الضحايا".
ولفتت إلى أن أكثر من 35% من النساء فقدن أفراداً من عائلاتهن، ما يضاعف من آلامهن النفسية ويزيد من صعوبة تحملهن للأعباء اليومية، موضحة أن قصف القوات الإسرائيلية لم يكتفِ بتدمير المنازل والبنية التحتية بل أدى أيضاً إلى تفاقم أوضاع النساء، سواء من حيث سوء التغذية أو نقص الأدوية والعلاج "نحن اليوم أمام واقع مأساوي يعيد المرأة الفلسطينية إلى عصور التخلف والجهل، ويصعّب عليها أداء أدوارها الأساسية كأم ومربية وقائدة في مجتمعها".
جهود مستمرة رغم التحديات
وأكدت أنه رغم هذه الظروف القاسية، يواصل مركز الأبحاث والاستشارات القانونية والحماية للمرأة تقديم خدماته للنساء والفتيات المتضررات "على مدار أكثر من 425 يوماً ونحن نعمل بلا كلل أو ملل لمناهضة العنف ضد النساء، ورغم قلة الإمكانات والصعوبات التي نواجهها في غزة إلا أننا مستمرون في تقديم الدعم النفسي والاجتماعي والقانوني والإغاثي للنساء والفتيات المتضررات، ولن نتخلى عن مسؤولياتنا تجاه النساء اللواتي تمثلن أساس الحياة في غزة، وسنبقى نقدم ما نستطيع للتخفيف من وطأة العنف الواقع عليهن".
ونوهت إلى أن ما يميز المرأة الفلسطينية هو صبرها وصمودها في وجه التحديات، فهي أسطورة حقيقية للتضحية والعطاء، وقادرة على التكيف مع أصعب الظروف، وصانعة الأجيال والمستويات الاجتماعية والعلمية، وتترك بصمة واضحة أينما وجدت، النساء الفلسطينيات هن الحياة بأكملها، وهن مصدر القوة والأمل رغم المحن".
16 يوماً لمناهضة العنف أبعاد أوسع في غزة
تأتي حملة 16 يوماً لمناهضة العنف ضد المرأة هذا العام في سياق استثنائي بالنسبة لنساء قطاع غزة حيث تعاني النساء من ظروف غير مسبوقة نتيجة للحرب التي خلفت آلاف الضحايا وأحدثت موجات نزوح جماعية، وأكدت عبير المشهراوي أن أنشطة المركز خلال الحملة تركز على زيادة الوعي بمخاطر العنف ضد المرأة، وتسليط الضوء على الأوضاع الإنسانية الكارثية التي تعيشها في مراكز الإيواء.
وأضافت: "الحملة هذا العام تحمل بعداً مختلفاً تماماً بالنسبة لنا لأننا لا نناهض العنف فقط بل نكافح من أجل البقاء على قيد الحياة في ظل المجاعة والحرمان وانعدام الأمن، نحن نحاول بشتى الوسائل المتاحة تسليط الضوء على معاناة النساء الفلسطينيات وإيصال صوتهن إلى العالم".
رؤية المركز ودوره الأساسي
يعد مركز الأبحاث والاستشارات القانونية والحماية للمرأة أحد المؤسسات الرائدة في قطاع غزة التي تسعى لتعزيز مكانة المرأة وتمكينها في مختلف المجالات، ويقدم بشكل مستمر حملات توعوية وبرامج تدريبية تستهدف النساء والفتيات فضلاً عن الخدمات النفسية والقانونية والاجتماعية والإغاثية.
وفي ختام حديثها قالت عبير المشهراوي "نحن في المركز نؤمن بأن تمكين النساء هو مفتاح لبناء مجتمع قوي ومتماسك، ورغم القسوة التي نواجهها في غزة، فإننا نؤمن بقدرة المرأة الفلسطينية على مواجهة كل المحن، وسنواصل دعمها بكل ما نملك من إمكانيات".
المرأة الفلسطينية رمز الصمود والتحدي
على مر السنوات، أثبتت المرأة الفلسطينية أنها رمز للصبر والصمود والتحدي، قادرة على العطاء في أقسى الظروف، فهي أم وأخت وزوجة وقائدة تشارك في النضال من أجل الحياة والحرية، ورغم المعاناة التي تعيشها يومياً تبقى المرأة الفلسطينية أملاً وقوة تسعى للارتقاء بمجتمعها.
إن الواقع الذي تعيشه النساء في غزة اليوم يمثل تحدياً كبيراً للمجتمع الدولي والإنساني، وهو يستدعي تكاتف الجهود المحلية والدولية لإنقاذ النساء والأطفال من ويلات الحرب، وضمان حياة كريمة وآمنة لهم.