"قادرات" تطلق ورقة سياسات وتدعو لمراجعة قانون الملكية المشتركة

نظمت جمعية "قادرات" في تونس، ندوة صحفية ومائدة مستديرة لمناقشة ضرورة تعديل قانون الملكية المشتركة، بهدف تعزيز المساواة وتحقيق العدالة بينهما بما ينسجم مع المستجدات القانونية والاجتماعية.

نزيهة بوسعيدي

تونس ـ على الرغم من أن مفهوم الملكية المشتركة بين الزوجين في تونس يعترف بالدور الذي تلعبه النساء في الأسر، لكن تطبيقه على أرض الواقع أثار على مر السنين العديد من الإشكاليات التي كان لها تأثيرات مختلفة على الأسرة.

يحتوي قانون الملكية المشتركة بين الأزواج في تونس على العديد من النقائص التي وجب تعديلها أولاً وفقاً لمقتضيات التحولات الاجتماعية والأسرية التي شهدتها البلاد، وثانياً وفقاً لمقتضيات المعاهدات الدولية التي صادقت عليها تونس والتي تنص على تحقيق المساواة التامة بين المرأة والرجل وضمان حقوق الأطفال.

وبناء على أهمية دور المجتمع المدني في إثارة القضايا العالقة ومناقشة النقائص التي تحتويها القوانين قصد تطويرها وملاءمتها مع مقتضيات الواقع، بادرت جمعية "قادرات" إلى وضع قانون الاشتراك في الملكية على طاولة نشطاء المجتمع المدني والخبراء وجميع الهياكل المعنية، داعيةً إلى ضرورة إدراجه ضمن الإصلاحات الهادفة إلى إرساء المساواة داخل الأسرة.

وعلى هامش المائدة المستدرة  التي نظمتها جمعية "قادرات" اليوم الخميس 26 كانون الأول/ديسمبر، قالت رئيستها سامية المالكي إن "الجمعية نظمت ندوة صحفية لإطلاق ورقة سياسات بهدف رفع وعي أصحاب القرار والمشرّعين بضرورة تعديل قانون الاشتراك في الملكية بين الأزواج، باعتبار أنه قانون معقد ويحصر على سبيل المثال الأملاك في العقارات فقط وعند الطلاق أو الوفاة تظهر الصعوبات في تطبيقه".

وأضافت "عندما انكب الخبراء على دراسة هذا القانون اكتشفوا أنه لا يصب صالح أي من الزوجين ولا حتى العائلة، لذا ارتأينا أن نقوم بحملة مناصرة ومرافعة لحث المشرعين على تنقيحه، ومن جهة ثانية العمل على توعية الناس بضرورة العمل به".

وأشارت إلى أنه من المؤكد أن إرساء نظام الاشتراك في الأملاك مثّل خطوة هامة نحو تمتع النساء بحق الملكية بالنسبة للممتلكات العقارية المكتسبة بعد إبرام عقد الزواج، إلا أن هذا النظام اقتصر على الأملاك العقارية ولا يشمل الأموال، كما أنه لا يمكن تطبيقه إلا بعد البناء بين الزوجين.

ودعت سامية المالكي إلى ضرورة إدراج نظام الاشتراك في الملكية بالإصلاحات الهادفة إلى إرساء المساواة داخل الأسرة، "كما يجب ألا تقتصر على الأملاك بل يجب أن يشمل هذا النظام كل الأموال والعقارات وكل ما يدخل له علاقة بالأموال، وهناك مراجعات يجب القيام بها تتعلق بتطبيقه بعد الطلاق ومن بينها طول إجراءات التقاضي"، مشيرةً إلى أن مراجعة هذا القانون أصبحت ضرورة ملحة لحماية حقوق النساء وكرامتهن وتبسيط إجراءاته لتسهيل تطبيقه خاصة في الحالات المتصلة بالطلاق والوفاة.

 

 

وفي سياق متصل قالت سنية الحسيني عضوة بالجمعية التونسية لتكافؤ الفرص بين النساء والرجال في مواقع القرار، إن الجمعية تهدف للوصول إلى مواقع صنع القرار وتحقيق المساواة بينها وبين الرجل، كون المرأة أحيانا تعمل أكثر ولكن نسب اختيار الرجل تكون أعلى في هذه المواقع.

وعن تحديث قانون الاشتراك في الملكية وجعله ينسجم مع التغيرات الاجتماعية الجديدة المتمثلة في تطوير العلاقات، قالت "هناك تطورات على مستوى اجتماعي وثقافي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، كما أن لجمعيتنا نشاط متمثل في تشجيع المرأة ودفعها للوصول إلى مراكز القرار".

وأضافت "يمكن القول إنه لوكان هناك توزيع عادل في الملكية بين الزوجين، فإن الزوجة ستكون أكثر ثقة في نفسها وأكثر استقرار في أسرتها، كما أن الدفع يعطيها أكثر لتصل إلى مواقع صنع القرار".

وعن إجراءات أخرى تعمل عليها الجمعية قالت سنية الحسيني "نقترح إجراء تشخيص للقانون الحالي والوقوف عند إيجابياته وسلبياته وماهي التحديات والفرص لتطويره وفقاً لمقتضيات الوقت الراهن، وهناك جانب أخر يجب العمل عليه ألا وهو وعي الشباب الذي يجب أن يعرف أن الزواج استقرار أسري وحياة تشاركية بين الزوجين".

وختمت بالقول إن تحديث هذا القانون يتطلب مراجعة لمجموعة من القوانين بمجلة الأحوال الشخصية كقانون الطلاق وقانون حقوق المرأة الأرملة، "بمعنى أنه لا يمكن أن نطالب الرجل بالنفقة بعد الطلاق خاصة للمرأة العاملة في حال إجراء تنقيحات على قانون الاشتراك في الملكية".

 

 

بدورها قالت منجية السوايحي أستاذة في التعليم العالي وناشطة بالمجتمع المدني، "سوف نناقش نظام الاشتراك في الملكية بين الزوجين من أجل قانون أكثر عدالة، وسوف نتعرض للسلبيات التي مر بها هذا القانون وكذلك مسألة الغموض".

وأضافت "كمثال على الإشكاليات المطروحة أن كل من يرغب في الزواج رجلاً كان أو امرأة يطرح سؤالاً مفاده لديّ أملاك فلماذا يشاركني فيها الطرف الأخر، وهناك من يقول أملك منزلاً أو سيارة فلماذا أتشاركها مع زوجة لا تعمل، كما أنه يتغاضى عن دورها في تربية الأبناء وقيامها بالأعمال المنزلية منذ الخامسة صباحا يومياً.

وأشارت إلى أنه من المؤسف أنه يتم وضع "لا شيء" للمرأة التي لا عمل لها ببطاقة التعريف الوطنية، بينما في الماضي كانوا يضعون شؤون المنزل.

وخلصت إلى القول "نريد قانوناً يساهم في تحقيق العدالة والمساواة بين الزوجين ويقودهما نحو حياة لا ترتبط بالمال والأملاك بل بالمودة والرحمة ويحول دون الانقسام والتصنيف لهذا أو ذاك".