جلسة حوارية تسلط الضوء على العقبات القانونية أمام النساء في سوريا

سلطت الجلسة الحوارية التي نظمت في مدينة السويداء في إطار حملة 16يوماً لمناهضة العنف ضد المرأة الضوء على العقبات القانونية والدستورية أمام النساء، والتي تكشف عن فجوة عميقة بين النصوص القانونية والواقع اليومي الذي تعيشه النساء.

روشيل جونيور

السويداء ـ شددت المشاركات في الجلسة على أهمية استمرار جهود التوعية وعدم حصرها في فترة حملة 16 يوماً فقط مع ضرورة توثيق الانتهاكات والمطالبة بتطبيق الاتفاقيات الدولية، مشيرات إلى أن قضية المرأة في سوريا ليست محلية بل قضية إنسانية ومجتمعية عالمية.

في إطار حملة الـ 16 يوماً، العالمية لمناهضة العنف ضد المرأة، نظمت رابطة "المرأة للتوعية والتمكين" في مدينة السويداء أمس الخميس 27 تشرين الثاني/نوفمبر جلسة حوارية موسعة، بمشاركة ناشطات مدنيات وخبيرات في المجال النفسي والقانوني.

وشكلت هذه الجلسة مساحة مفتوحة للنساء لرفع وعيهن القانوني والثقافي، وتسليط الضوء على المعاهدات الدولية مثل اتفاقية "سيداو" وقرار مجلس الأمن 1325، وذلك في ظل الأحداث الأخيرة التي شهدتها السويداء وما تعرضت له النساء من انتهاكات متعددة الأشكال. 

وتناولت الجلسة العقبات القانونية والدستورية التي تعترض النساء في سوريا، حيث إن النظام السابق تحفظ على بعض مواد اتفاقية "سيداو" بدعوى تعارضها مع أحكام الشريعة الإسلامية، الأمر الذي أعاق تطبيقها الفعلي، أما الإعلان الدستوري الحالي فلم يكن أفضل حالاً، إذ تجاوز الاتفاقية عملياً من خلال استمرار مظاهر العنف ضد النساء رغم التصديق عليها، وهو ما يكشف عن فجوة عميقة بين النصوص القانونية والواقع اليومي الذي تعيشه النساء.

ولم تكن هذه الجلسة مجرد لقاء ثقافي، بل مثلت خطوة عملية نحو تعزيز الوعي القانوني والمجتمعي بحقوق النساء، وتوثيق الانتهاكات التي تعرضن لها، وأكدت المشاركات أن مواجهة العنف ضد المرأة تتطلب عملاً متكاملاً يشمل التوعية، التمكين، الدعم النفسي، والمطالبة بتطبيق الاتفاقيات الدولية على أرض الواقع، إن قضية المرأة في سوريا، وخاصة في السويداء، ليست قضية محلية فحسب، بل هي قضية إنسانية عالمية تستحق أن تكون في صدارة الاهتمام الدولي، وأن يصل صوت النساء إلى كل مكان ليعكس حقيقة معاناتهن ويكون خطوة نحو العدالة والمساواة. 

 

"محو الأمية القانونية للنساء خطوة أولى نحو العدالة والمساواة"

وأكدت العضوة المؤسسة لرابطة المرأة للتوعية والتمكين أفيندار مصطفى، على أن انطلاق الفعالية في 27 تشرين الثاني يأتي ضمن حملة الـ16 يوم لمناهضة العنف ضد المرأة، مشددةً على أن الهدف الأساسي هو محو الأمية القانونية لدى النساء "المرأة في سوريا مازالت تعاني من جهل واضح فيما يتعلق بحقوقها وآليات التعامل معها، وهو ما يجعل التوعية القانونية أولوية قصوى". 

وأضافت أن العنف ضد المرأة لا يقتصر على الشكل الجسدي أو اللفظي، بل يمتد ليشمل العنف الثقافي والسياسي، مشيرةً إلى أن ما حدث في مدينة السويداء من انتهاكات بحق النساء يستدعي التوثيق والمساءلة القانونية.

وأكدت أن الرابطة تسعى لتكون صوت النساء في السويداء، وأن تمثل حقيقة ما تعرضن له من عنف مباشر أو غير مباشر نتيجة الهجمات التي وصفتها بالبربرية "واجب الرابطة قانونياً وحقوقياً هو اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لاسترداد حقوق النساء، وأن العمل النسوي في هذه المرحلة يجب أن يكون موجهاً نحو العدالة والمساواة، مع الحرص على إيصال صوت النساء إلى العالم أجمع". 

 

 

"النساء في قلب صناعة القرار"

من جانبها، تحدثت الناشطة المدنية النسوية نجوى الطويل بشكل موسع عن أهمية التمكين ورفع الوعي، معتبرةً أن هذا المسار لا يقل أهمية عن الإغاثة في ظل النزاعات المستمرة، مؤكدةً أن النساء غالباً ما يكن الأكثر تضرراً من النزاعات، حيث يتضاعف نصيبهن من العنف وهو ما يستدعي أن يكن عناصر فاعلة في حل النزاعات وصناعة القرار. 

وقالت "نحن بحاجة اليوم إلى تأسيس مشاركة حقيقية وفاعلة للنساء في مختلف العمليات المجتمعية والدستورية، وصولاً إلى دورهن في صناعة القرار المحلي، ففي ظل النزاع المستمر تتحمل النساء النصيب الأكبر من العنف وتكون معاناتهن مضاعفة، ما يجعل من الضروري أن يكنّ طرفاً أساسياً في جهود حل النزاعات، وأن يتواجدن في قلب عملية صنع القرار، ليس فقط خلال الحرب وإنما أيضاً في مرحلة السلام".

وأوضحت أن النساء لا يواجهن فقط النزوح وفقدان الأبناء، بل يتعرضن أيضاً للعنف الجنسي الذي يستخدم أحياناً كسلاح في الحروب، وهو ما يعتبر جريمة ضد الإنسانية، وشددت على أن إشراك النساء في عمليات السلام وصناعة القرار هو السبيل لضمان مجتمع أكثر عدلاً ومساواة، وأن التمكين القانوني والثقافي لهن هو حجر الأساس لبناء مستقبل أفضل. 

 

 

"التوعية لا يجب أن تحصر في 16 يوماً"

وقدمت الناشطة رجاء الشوفي مداخلة ركزت فيها على أهمية الاستمرارية في التوعية، مؤكدةً أن العنف ضد المرأة لا يجب أن يحصر في إطار حملة الـ16 يوم فقط، لافتةً إلى أن الندوة أضافت بعداً ثقافياً وتوعوياً مهماً حول اتفاقية "سيداو" والقرار 1325، وساعدت المشاركات على فهم أشكال العنف المختلفة سواء كانت جسدية، رقمية أو لفظية. 

وشددت على أن الأهم هو ألا تلتزم المرأة الصمت أمام أي شكل من أشكال العنف، وأن تضطلع بدور أساسي في غرس قيم المساواة والعدالة لدى الأجيال القادمة، مضيفةً أن المرأة السورية، سواءً داخل البلاد أو خارجها، أثبتت امتلاكها للثقافة والوعي وأن مثل هذه الندوات تساهم في تعزيز حضورها وتوسيع دائرة المعرفة القانونية والاجتماعية، بما يرسخ دورها الفاعل في المجتمع.

 

 

"قضية المرأة قضية مجتمعية ونفسية"

من جهتها، بينت الأخصائية النفسية ريم العجري أن الجلسة ناقشت القضية من زوايا مختلفة، فلم تقتصر على البعد الاجتماعي فحسب، بل تناولت أيضاً جوانب نفسية وثقافية وقانونية، مؤكدةً على أن قضية العنف ضد المرأة ليست قضية تخص النساء وحدهن، بل هي قضية مجتمعية ونفسية تمس جميع أفراد المجتمع. 

وأكدت أن التوعية يجب أن تبدأ من داخل كل منزل في السويداء، وأن تشمل جميع الفئات العمرية من الأطفال وحتى كبار السن، مشيرةً إلى أن نشر ثقافة مناهضة العنف ضد المرأة داخل الأسرة هو الخطوة الأولى نحو بناء مجتمع أكثر تماسكاً وعدلاً.

وأضافت أن هذه القضية يجب أن تطرح على مستوى عالمي، وأن تكون جزءاً من النقاش الدائم في كل بيت وكل مؤسسة، لأن العنف ضد المرأة يترك آثاراً نفسية واجتماعية عميقة تتجاوز حدود الفرد لتطال المجتمع بأسره.