نساء ليبيا يحتفين بـ "صيف بنغازي" بالفنون المختلفة

أكدت النساء الليبيات المشاركات في مهرجان صيف بنغازي، على أنه خطوة رائدة في مجال إقامة المعارض الفنية بمشاركة نسوية، لافتات إلى أنه جمع الليبيين في مكان واحد.

ابتسام اغفير

بنغازي ـ شاركت النساء من مختلف المدن الليبية في مهرجان صيف بنغازي وعكسن وجهاً آخر للمرأة المحبة والمحافظة على الثقافة والفن.

انطلق مهرجان بنغازي للفنون والآثار والشعر والكتاب، في الثالث من آب/أغسطس الجاري ويستمر حتى 15 منه، وتخلله العديد من الفعاليات الثقافية والفنية، والأمسيات الغنائية والشعرية، ومعارض للتراث والفنون البصرية، والكتب بمشاركة واسعة من دور نشر ليبية.

وعلى هامش المهرجان عرفت رئيس قسم المتاحف المعني بمراقبة آثار بنغازي الأستاذة ابتسام أبو رقيعة "يعد هذا المتحف المصغر نواة لمتحف مدينة بنغازي مستقبلاً"، وأضافت "إن التجهيز تم باختيار القطع الأثرية بعناية لأن كل قطعة تحكي قصة، وكل قطعة يمكن أن نوصل من خلالها رسالة، وكل منها لها مميزاتها الخاصة بها، وتعكس حضارة وثقافة عاشت وقامت على أرض ليبيا أثرت وتأثرت بها".

وأشارت إلى "أنه بعد اختيار القطع الأثرية تم التجهيز والإعداد والبحث بشكل مفصل في المصادر والمراجع عن القطع وتاريخها، والفترة التي تعكسها والطراز الذي صممت من أجله، فكان العمل شاقاً بعض الشيء"، لافتةً إلى أن "فريق متكامل من باحثات قسم المتاحف تولين هذه المهمة".

وأوضحت أن هذه المشاركة جاءت في سعي منهم لإنشاء متحف في مدينة بنغازي "لقد حاولنا من خلال هذه المشاركة تقديم رسالة وهي وجود عدد كبير من القطع الأثرية في مخازن مراقبة آثار بنغازي، وهي قطع لا تستحق أن تكون حبيسة الأدراج والرفوف، بل يجب عرضها للجمهور حتى يتعرف الناس على هذا الإرث الحضاري الذي تملكه بنغازي"، مشيرةً إلى أن المعرض حظي بإقبال جماهيري كبير.

 

 

من جانبها قالت المهندسة عبير الفرجاني "إن افتتاح المعرض يعد خطوة ممتازة ورائدة في مجال إقامة المعارض المنوعة في مدينة بنغازي، نتمنى أن نصل إلى مصاف الدول المتقدمة في الاهتمام بهذه المجالات خاصة الآثار الليبية والفنون بأشكالها المختلفة"، مشيرةً إلى أن مدينة بنغازي متجهة في الطريق الصحيح للاحتفاء بالفنون.

 

 

وعبرت صاحبة دار الزهراء للنشر والطباعة فاطمة جربوع من مدينة البيضاء شرق ليبيا عن سعادتها كونها أول امرأة تصبح صاحبة دار نشر في مدينة برقة، لافتةً إلى أن عام 2000 كان نقطة تحول في مسيرة عملها حيث عملت على تحويل المكتبة التي كانت تديرها برفقة زوجها أول نشأتها عام 1994، إلى دار نشر.

وأكدت على إن "المرأة لا تقل قدرة عن الرجل في الإبداع، فالكتابة والطباعة مشروع فني، والمرأة دائما ما يكون لها طابعها الخاص في الفن بأنواعه"، وعلى غير العادة لاقت فاطمة جربوع دعماً من عائلتها والمجتمع كذلك حيث عملوا على الدفع بها للاستمرار والتطوير".

وحول أهمية مثل هذه المعارض في إثراء تجربتها، والدفع بالنساء لاقتحام هذا المجال قالت "إن إقامة معارض الكتب مهمة للكتاب فقط، فهي تشكل فسحة لالتقاء النخب الثقافة، كما أنها تعد المكان الوحيد تقريباً الذي يجمع الليبيين على الرغم من أن ليبيا لديها حكومتين والثالثة في الطريق، هذه المعارض تمثل وحدة الليبيين"، لافتةً إلى أن المعرض شهد مشاركة مميزة للفنون البصرية بالإضافة إلى تواجد الفنانات التشكيليات.

 

 

بينما قالت إحدى المشرفات على تنفيذ معرض الفنون البصرية فاطمة الغيثي من مدينة درنة، "دورنا تمثل في التجهيز للمعرض، ومنذ افتتاح المعرض نقوم بتعريف الحضور باللوحات وما دلالاتها، وكل ما يحتاجون معرفته حول فكرة الفنون البصرية".

وحول مشاركتها في مهرجان صيف بنغازي، أوضحت "بحكم إنني من درنة كانت لي مشاركات في الأسواق الخيرية التي كانت تقام في المدينة، ولكن مشاركتي في معرض بنغازي كانت هي الأولى وهي تجربة جميلة وفريدة وسعيدة بها"، مشيرةً إلى أن "التجربة كانت جميلة ومحاطة بالأمان، وتواجد الناس باستمرار جعلني أشعر بالراحة وعدم الخوف".

 

 

وقالت المشرفة على معرض الفنون البصرية والفنانة التشكيلية رويدا علي مخلوف في مستهل اللقاء "إن المعرض أقيم تحت شعار "من تحت الحطام"، ويأتي ذلك تجسيداً للفترة التي عاشتها بنغازي، في فترة عاشت حرباً وظروفا مأساوية".

وأضافت "إن المعرض أقيم بمشاركة سبعة فنانين، ويختلف أسلوب الرسم من فنان إلى آخر، وارتكزت فكرة المعرض في أن رسام يجسد فترة الحرب من وجهة نظره وتصوره، فمثلاً استخدمت في أعمالي الرسم بالفحم على الورق، واخترتُ أن أجسد الحالة النفسية للمواطن التي عاشها في فترة الحرب، فالحرب لها تراكمات وتأثيرات نفسية كبيرة على الناس قد لا ينتبهون لها".

وبينت "أردنا من خلال فكرة (من تحت الحطام) توضيح أن البلاد بدأت تدخل مرحلة الإعمار والتشييد، ولكن الجانب النفسي مازال يقبع تحت الركام ومازال يعاني من تأثيرات الحرب، حتى أولئك الذين خرجوا منها بأقل الخسائر، فهذه التأثيرات تستمر على المدى الطويل".

 

 

وشرحت الفنانة فاطمة مخلوف التي شاركت في المعرض فكرة لوحاتها قائلة "اللوحات تمثل سلسلة متكاملة مع بعضها، وكل تعبير يختلف عن الآخر، تشتت، صراع، ثم عودة، وكانت نظرتي التي جسدتها من خلال اللوحات سلبية نوعاً ما، بحكم أن التأثير النفسي يصعب تداركه وإصلاحه على المدى القصير".

وحاولت أن تكون طريقة عرضها تجسد بحيث تكون على مقربة من فكرة الحطام، ففصلت بين أجزاء اللوحة الواحدة لتبيان حالة التشتت وأن اللوحة غير متكاملة وهو ما قالت عنه أنه يخدم العمل الفني ولتوضيح فكرة التشتت بشكل مرئي للناس، كما أنها حاولت أن تعكس تأثر الجنود من الجوانب النفسية والحركية أيضاً، وأوضحت "إن لوحاتها لم تكن انعكاس لتجربة شخصية مررت بها، ولكن المحيط الذي نعيش فيه صغير يجمعنا تحت مظلته فنتأثر بمن حولنا رغماً عنا، لأن الحرب كانت علينا جميعاً ولم تكن على فرد بعينه".

ومن جانبها قالت مديرة قسم الصناعات التقليدية بوزارة السياحة بالمنطقة الجنوبية نجمة محمد المهدي "لقد شاركنا في المهرجان للتعريف بالنباتات التي تنمو في مناطق الجنوب، أحضرنا بذور الكتان وما يعرف بـ "القلية" أي القمح بعد تحميصه".

وأضافت " لقد كانت هناك صعوبة في مشاركة النساء بالمهرجان، بحكم أنهن تقطن في أماكن بعيدة "تحدياً منا لهذه العراقيل وإيصال صوت الجنوب الليبي والتعريف بأهم الصناعات التقليدية الموجودة بها شاركنا في المعرض".