نساء السويداء يرفضن لجنة التحقيق: لا نثق بمن سفك دماءنا

طالبت نساء مدينة السويداء السورية بلجنة دولية محايدة لا تخضع لسلطة الحكومة السورية المؤقتة بحكم الجولاني، بل تنقل الحقيقة كما هي وتعيد للضحايا حقهم في المحاسبة والكرامة.

روشيل جونيور

السويداء ـ أعربت نساء مدينة السويداء عن رفضهن القاطع للجنة التحقيق التي شكلتها الحكومة المؤقتة منذ ثلاثة أيام من أجل التحقيق بأحداث مدينة السويداء بعد أن تم الاتفاق على وقف لإطلاق النار في التاسع عشر من تموز/يوليو الماضي، عقب اشتباكات دامية بين الجماعات المسلحة التابعة لجهاديي هيئة تحرير الشام وفصائل درزية محلية.

هذا الرفض الذي أعربت عنه نساء السويداء ليس مجرد موقف سياسي، بل صرخة نسائية من قلب المجازر التي حصلت أمام أعينهن، كما عبرن عن فقدان الثقة الكامل في مؤسسات تديرها جهاديي هيئة تحرير الشام التي ارتكبت ابشع المجازر بحق المدنيين، وخصوصاً النساء والأطفال.

 

"كيف يكون الجلاد هو القاضي"

عفاف العريضي من السويداء تقول "أتحدث اليوم باسم كل أم، كل بنت، كل امرأة نظرت إلى الموت ولم تستطيع أن تحمي من فقدته. السلطة اليوم تعلن عن تشكيل لجنة تحقيق. لكن كيف؟ كيف يكون الجلاد هو القاضي؟ كيف نثق بمن قتل، وذبح، وأحرق، واغتصب؟".

وأضافت "لا يمكن أن تكون هناك عدالة في تركيبة كهذه، ولا منطق يقبل أن من ارتكب المجازر هو نفسه من يحقق فيها. نحن لا نتحدث من فراغ. هناك فيديوهات، وثائق، وشهادات حية، وكلها تشير بوضوح إلى تورط أجهزة أمنية وجهات رسمية وأسماء معروفة. فلماذا لا يعودون إلى هذه الأدلة؟ لماذا لا يواجهون الحقيقة؟".

ولفتت إلى أنه "نحن لا نريد لجان شكلية تُدار من خلف الكواليس. نحن نطالب بلجنة دولية محايدة، تخرج إلى الميدان وترى بأعينها ما حدث. السويداء لم تكن يوماً معتدية، ولم تهدد أحداً، لكن من دخلوا علينا لم يأتوا بالأمن، بل جاؤوا بالدبابات، والسكاكين، والذل، والخوف. خطفوا 500 شخص بينهم نساء وأحرقوا 35 قرية".

وتساءلت "هل يُطلب منا أن نصدق أن هذا جيش جاء ليبسط الأمن؟ الأمن لا يُفرض بهذه الطريقة. نحن لن نقبل، ولن نسكت، ولن نرضى بلجنة من نفس الجهة التي دمرت حياتنا".

 

 

"لم نعد نشعر بالأمان"

لينا الشعراني، من قرية "الدور" القرية التي كانت تنبض بالحياة، وأصبحت اليوم ذكرى موجعة، تقول بحسرة "خرجنا من بيوتنا في ظروف لا يتحملها بشر. لم نفهم ما حدث، كل شيء انقلب فجأة. طلبنا الهدوء، منحناهم فرصة، صدقنا أن هناك أمل، أن شيئاً قد يتغير. قالوا إن الشرع والأمن العام هم لحمايتنا، لكن بعد الذي جرى، وبعد سقوط بشار الأسد، تأملنا خيراً، تمنينا أن يكون رئيس المرحلة المؤقتة أفضل، لكننا فقدنا الكثير قبل ذلك، والآن فقدنا أكثر. لم يبقَ لنا سوى أمل أن نعيش بسلام، ونعود لنعرف معنى البيت، ومعنى النوم بلا خوف".

وأضافت "نحن لا نريد منهم مصالحات، ولا لجان ولا وعود فارغة. نحن نعيش حياتنا، ندبر أمورنا، ونوفر لأنفسنا الأمان. منذ أن استلموا البلد لم نشعر بالأمان. لا طعام، لا نوم، لا مكان نرتاح فيه. ساعة في البراري، ساعة في الشوارع، وساعة في المدارس. اللجنة التي يريدون إرسالها نحن نرفضها، العالم كله رأى ما حدث ولا أحد منهم قادر على الإصلاح".

 

 

"ما عشناه لا يُوصف"

ريم الشوفي من قرية "الثعلة" تقول "ما عشناه لا يُوصف. أهلي احترقت بيوتهم ونهبوا وهُجروا. لم تعد لدينا أي ثقة لا بالأمن العام ولا بالجيش ولا بالدولة. كل جهة شاركت في سفك الدم لا يمكن أن تكون جهة تحقيق. اللجنة التي كُلّفوا بها نحن نرفضها تماماً، ولا أحد هنا يقبل بدخولهم. لا مصداقية إلا بتحقيق دولي محايد، جهة ترى الحقيقة وتنقلها كما هي. حتى الآن، لا نعرف مصير بيوتنا، هل تهدمت أم ما زالت قائمة؟ حتى الأشجار اقتُلعت فما الذي تبقى؟ لكننا نتمسك بما هو لنا الأرض لنا، والكرامة لنا، وسنعود مهما طال الزمن".