نساء الجنوب الليبي تسلطن الضوء على خطورة العنف الرقمي خلال حملة الـ 16 يوماً
عقدت ناشطات وقيادات نسائية في الجنوب الليبي جلسات توعوية ركزت على العنف الرقمي باعتباره أحد أبرز التهديدات المتزايدة ضد النساء والفتيات، وذلك في إطار حملة الـ 16 يوم لمناهضة العنف ضد المرأة.
منى توكا
ليبيا ـ شددت المشاركات في الجلسة على خطورة هذا النوع من العنف وآثاره النفسية والاجتماعية، مشيرات إلى أن التوعية والوعي الرقمي يمثلان خط الدفاع الأول لحماية النساء من الابتزاز والتهديد الإلكتروني، مع الدعوة إلى التضامن المجتمعي وتوفير وسائل دعم آمنة.
في ظل الانتشار المتسارع للتكنولوجيا واتساع أثرها في تفاصيل الحياة اليومية، بات العنف الرقمي واحداً من أكثر أشكال الانتهاكات التي تهدد النساء والفتيات في ليبيا، خصوصاً في المناطق المهمشة التي تفتقر إلى التوعية والموارد، وفي الجنوب الليبي، حيث تُعقد جلسات توعوية ضمن حملة الـ 16 يوم لمناهضة العنف ضد المرأة.
وفي إطار استمرار الحملة اجتمعت الأمس الأحد 30 تشرين الثاني / نوفمبر مجموعة من الناشطات والمرشدات والقيادات النسائية لتسليط الضوء على خطورة هذا النوع من العنف، والحديث عن آثاره النفسية والاجتماعية، إضافة إلى تعزيز معرفة النساء بطرق الحماية ووسائل الدعم المتاحة.
وفي هذه الجلسة، قدّمت المشاركات رؤى مهمة حول مفهوم العنف الرقمي، وانتشاره، وتأثيراته العميقة على النساء، مع التأكيد على دور التوعية ورفع الوعي كخطوة أولى وأساسية في محاربته.
العنف الرقمي عنف يتسلل إلى البيوت بصمت
تقول فاطمة زهراء معتوق مدير الثقافة النسائية، إن جلسة اليوم جاءت ضمن حملة الـ 16 يوم لمناهضة العنف، والتي تركّز هذا العام بشكل أساسي على العنف الرقمي نظراً لتوسع استخدام التكنولوجيا بين جميع الفئات العمرية، مشيرةً إلى أن كثيراً من النساء، خصوصاً ربات البيوت، يجهلن طبيعة الأدوات الرقمية الجديدة، وكيف يمكن أن تنتج التكنولوجيا محتويات مزيفة أو مضللة".
وأضافت "ركزنا في هذه الجلسة على تعريف المرأة بأن هناك برامج حديثة قد تنتج معلومات أو صوراً غير حقيقية، حتى تكون قادرة على التمييز ومعرفة السياق، خاصة في زمن أصبحت فيه التكنولوجيا جزءًا أساسياً من الحياة اليومية، هدفنا أن نفيد المرأة داخل بيتها، وأن نجعلها قادرة على حماية نفسها من الخداع الرقمي".
الآثار النفسية والاجتماعية... جروح غير مرئية
من جانبها، شرحت المرشدة النفسية ومقدمة الخدمة في الاتحاد النسائي أسماء حسن، أن العنف الرقمي ليس مجرد هجوم إلكتروني، بل فعل يترك آثاراً عميقة ومتعددة على المرأة "هذا النوع من العنف يترك آثاراً نفسية واجتماعية وصحية تؤثر على المرأة في تعاملها مع نفسها ومع الآخرين، سواءً كان العنف في شكل ابتزاز أو تشهير أو تهديد، فهو يضرب ثقتها بنفسها ويضعف إحساسها بالأمان"، مؤكدةً أن العنف الرقمي أصبح من أبرز التهديدات التي تواجه النساء، وقد يؤثر على حياتهن اليومية، علاقاتهن، وحتى مشاركتهن في المجتمع.
"لا عذر لا تبرير لأشكال العنف الرقمي"
وترى أميرة نوري، ناشطة مدنية وعضو في الاتحاد النسائي الليبي بالجنوب، أن العالم يقف اليوم أمام مرحلة تستوجب وضوحاً أكبر في مواجهة العنف، خصوصاً الموجه ضد المرأة، مشددةً على أن حملة هذا العام، الممتدة عالمياً من 25 تشرين الثاني/نوفمبر الفائت حتى 10 من كانون الأول/ديسمبر، حملت شعاراً صارماً ورسالة مباشرة "لا عذر".
ولفتت إلى أن هذا الشعار لا يعني أنه لا يوجد أي مبرر يمكن أن يُقدم لتبرير ممارسة العنف الرقمي ضد أي امرأة أو فتاة "لا نقبل تعليق المسؤولية على الضحية أو تحويلها من ضحية إلى متهمة"، مضيفةً أن الجلسات التوعوية تهدف إلى تعريف النساء بالعنف الرقمي وأنواعه وآثاره النفسية والاجتماعية، إضافة إلى مناقشة التشريعات القائمة وطرق التبليغ الآمنة والدعم المتاح، وتشير إلى أن الكثير من النساء يسألن دائماً ما هي طريقة التبليغ الآمنة؟ ومن يدعمنا إذا تعرضنا للعنف الرقمي؟
التضامن المجتمعي… السلاح الأقوى
أما حفصة عبد الحميد، من اتحاد النساء الليبي بالجنوب، ركّزت على ضرورة التوعية كخطوة أساسية للقضاء على العنف، مشددةً على أن العنف الرقمي، خصوصاً الابتزاز الإلكتروني، أصبح ظاهرة متزايدة في السنوات الأخيرة، ما يستوجب تكاتف المجتمع "الأمان الرقمي مسؤوليتنا جميعاً بالوعي نستطيع مواجهة العنف الرقمي، هذه الحملة لا تعني 16 يوماً فقط، بل هي استمرار لجهود على مدار العام لتخفيف حدّة هذا النوع من العنف وتأسيس مجتمع أكثر أماناً للنساء".
التكنولوجيا سلاح ذو حدين والوعي هو درع الحماية
واختتمت تودد الأخضر، عضوة الاتحاد النسائي، بالحديث عن أهمية التوعية الرقمية للنساء، مؤكدةً أن كثيراً من حالات الابتزاز أو التهديد تحدث لأن المرأة لا تدرك وجود خطر، أو لا تعرف الوسائل التي تحمي بها نفسها قائلة "التوعية تمنح المرأة القدرة على حماية خصوصيتها واستخدام التكنولوجيا بشكل آمن، كما تشجع النساء على الحديث عن تجاربهن وطلب المساعدة بدل الخوف أو الصمت، وهو أمر أساسي لتخفيف تأثير العنف الرقمي وانتشاره".
تجمع هذه التصريحات على حقيقة واحدة وهو أن العنف الرقمي ليس مجرد مشكلة تقنية، بل قضية اجتماعية ونفسية وحقوقية تمس النساء في مختلف الأعمار والطبقات، وفي الجنوب الليبي تقوم هذه القيادات النسائية بدور حاسم في رفع الوعي، ونقل المعرفة، وتشجيع النساء على اتخاذ خطوات جادة للحماية، والتبليغ، والدعم.