"نحن هنا ونجونا" لوحات من قلب الألم إلى نور الحياة

معرض فني استثنائي في مدينة أورمية بشرق كردستان، تتحدث فيه اللوحات بصمتٍ عميق عن جراحٍ غائرة، لحظات تحرر، وحمل توقيع نساءٍ نجَون من العنف، واخترن أن يُعبّرن عن وجودهن من خلال اللون والخطوط، ليُعلنّ بصوتٍ واضح "نحن هنا ونجونا".

وينا سبهري

أورمية ـ قبل عدة سنوات، تم العثور في فرنسا على أثر يدٍ يعود لآلاف السنين، وكأنه يقول "كنت هنا وتركت أثراً"، واليوم في إحدى صالات العرض في أورمية بشرق كردستان، تُروى حكايات جديدة من خلال صور لم يبدعها فنانون مشهورون، ولا تعتمد على تقنيات أكاديمية أو خلفيات جامعية، لكنها تحمل خلف كل لوحة حياةً وأملاً ببداية جديدة.

يضم معرض "نحن هنا ونجونا" الذي يستمر من الأول إلى السادس من آب/أغسطس الحالي في مقهى كالري، الواقع في شارع حسني بمدينة أورمية، أكثر من خمسين لوحة تم رسمها من قبل نساء وأطفال لجأوا إلى جمعية "شمس آفريد"، وهم ضحايا الغضب والعنف، وكل لوحة منها تحكي قصةً، وهي متاحة للمشاهدة والاقتناء، لكن البيع هنا يتجاوز الجانب الاقتصادي، فالقائمون على المعرض يقولون إن بيع كل لوحة يعني شهراً إضافياً من الأمان لامرأة، وخطوة أقرب لعودة فتاة إلى المدرسة، حيث تُخصص عائدات بيع كل لوحة لجمعية "شمس آفريد" لدعم استمرار أنشطتها في حماية النساء المتضررات من العنف.

كل لوحة تحمل روايةً خاصةً عن الحضور، النجاة، والمقاومة، لكن بعض القصص تُبرز مرارة العنف والضرر بشكل أوضح، إحدى هذه القصص تعود لامرأة تُدعى شهلا. ك، تبلغ من العمر 41 عاماً، كانت ضحية زواج القاصرات، عاشت سنوات من العنف مع زوجها وثلاثة أطفال، لجأت إلى جمعية "شمس آفريد"، وتصف نفسها في إحدى اللوحات التي تظهر فيها سمكتان وتقول "لا أملك حوضاً، لكنني أستطيع العيش في ماء المزهرية، أحياناً كسمكة حرة وأحياناً كأسيرة".

في لوحة أخرى بعنوان "أولاً الظلام، ثم النور"، تروي قصة فتاة تُدعى مهتاب. غ، تبلغ من العمر 20 عاماً، تعرضت لسنوات من العنف الجنسي من أقاربها، وبعد أن روت قصتها لجارتها، لم تقف العائلة مكتوفة الأيدي، بل سلكت المسار القانوني حتى وصلت مهتاب. غ إلى جمعية "شمس آفريد"، واستخدمت اللون الأخضر في لوحتها، لأنه يرمز للطبيعة، وقالت إنها لا تشتاق للبيت، لكنها تتذكر فناء منزلها الريفي الأخضر الذي كان ملاذاً لها في وحدتها.

في لوحة "الهدية"، تُروى قصة مقاومة نسيم. ف، 22 عاماً، بعد انفصالها عن زوجها، حيث واجهت في قريتها أنواعاً من الأذى والوصم، لكنها مع بداية عيد نوروز الماضي، وبمساعدة الجمعية والاستشارات القانونية والنفسية، انتقلت مع والدتها إلى أورمية لتبدأ حياة جديدة.

تقنية الرسم الأكثر استخداماً في هذه اللوحات هي الطباعة اليدوية، حيث تترك النساء والأطفال آثار أيديهم على الصفحات البيضاء ليقولوا "كنا هنا ونجونا"، فهؤلاء النساء والأطفال تعلموا الرسم من خلال جمعية "شمس آفريد" وبالتعاون مع عدة معاهد فنية، ليكونوا رواةً لألمهم ودليلاً على وجودهم في هذا العالم.