عنف طائفي... الحكومة السورية المؤقتة تخترق الاتفاقيات
تتوالى خروقات وقف إطلاق النار لتكشف عن هشاشة التفاهمات الميدانية، وتفضح ازدواجية الخطاب لدى الحكومة السورية المؤقتة التي تدعي الالتزام بالحلول السياسية بينما تمارس على الأرض تكتيكات توسعية وعنفاً ممنهجاً.

مركز الأخبار ـ في ظل تصاعد الخروقات الأمنية والعسكرية في شمال سوريا وجنوبها، تتكشف ملامح مرحلة جديدة من التوترات التي تهدد ما تبقى من التفاهمات، فالهجمات المتكررة وإن بدت متفرقة تحمل في طياتها مؤشرات على تحولات استراتيجية تتجاوز مجرد ردود فعل ميدانية.
من حلب إلى حمص والسويداء، تتكرر مشاهد العنف والانتهاكات في ظل غياب موقف واضح من الحكومة السورية المؤقتة التي تدار من قبل جهاديي هيئة تحرير الشام، ويرى مراقبون أن هذه الخطوات تأتي ضمن سلسلة خروقات متعمدة تستهدف تقويض جهود الحفاظ على الأمن والاستقرار، ما يجعل متابعة الوضع عن كثب واتخاذ إجراءات حاسمة للحفاظ على السلامة العامة أمراً لا يحتمل التأجيل.
ففي حي السريان بمدينة حلب، تحول ملعب "ماري" من فضاء رياضي إلى ساحة رعب، حين أقدم جهاديي هيئة تحرير الشام الجهادية، على إطلاق النار فوق رؤوس شبان من الطائفة العلوية كانوا يلعبون كرة القدم، تلا ذلك اعتداء جسدي واختطاف اثنين منهم، ليتم إطلاق سراح أحدهما، ولا يزال الآخر مخطوفاً إلى لحظة إعداد الخبر.
هذه الحادثة ليست معزولة، بل تأتي بعد يوم واحد من اختطاف شاب من حي الشيخ مقصود، وطلب فدية مالية مقابل إطلاق سراحه، وهو ما يعكس نمطاً متكرراً من العنف الطائفي والابتزاز، وسط غياب أي مساءلة أو ردع.
عسكرة الأحياء
وفي خرق واضح لاتفاقية الأول من نيسان/أبريل، شرعت الحكومة المؤقتة بإنشاء نقاط عسكرية ورفع سواتر ترابية في محيط حيي الشيخ مقصود والأشرفية، رغم أن البند الخامس من الاتفاق ينص على إزالة هذه السواتر تحت إشراف الأمن الداخلي.
هذه التحركات لا تعكس فقط تجاهلاً للاتفاقيات، بل تشير إلى نية مبيتة لإعادة رسم خارطة السيطرة داخل المدينة، ما يهدد الاستقرار الهش ويضع السكان في مواجهة مباشرة مع احتمالات التصعيد.
السويداء... خرق الهدنة وتوازنات مهددة
وفي الجنوب وتحديداً في السويداء خرقت الحكومة المؤقتة الهدنة عبر استهداف بلدة عتيل، ما دفع الحرس الوطني إلى الرد على مصادر النيران، ورغم إعلان السيطرة على الوضع، فإن هذا الخرق يسلط الضوء على هشاشة التفاهمات في منطقة ذات حساسية طائفية واجتماعية عالية، ويطرح تساؤلات حول مدى التزام جهاديي هيئة تحرير الشام التي بدأت تتوسع خارج نطاقها التقليدي، باتفاقات وقف إطلاق النار.
كما شهدت مدينة حمص تصاعداً في وتيرة جرائم القتل، حيث وردت أنباء عن مقتل زوجين في حي النازحين، بالإضافة إلى محاولة اختطاف شابة في حي "السبيل"، هذه الحوادث التي تحمل طابعاً طائفياً واضحاً، تعكس انهيار البنى الأمنية في مناطق الحكومة المؤقتة، وتُظهر كيف أن غياب الردع يفتح الباب أمام العنف الممنهج.
في المحصلة، ما يجري ليس مجرد خروقات ميدانية، بل هي سياسة ممنهجة لما تبقى من الإجماع الوطني وإعادة إنتاج للفوضى، حيث شهدت مناطق سيطرة الحكومة المؤقتة تزايداً ملحوظاً في حوادث الخطف والقتل والخروقات الأمنية، في ظل غياب موقف واضح من الأخيرة تجاه هذه العمليات وهو ما يكرس الانطباع بأنها عاجزة عن ضبط أذرعها العسكرية أو أنها تتبنى سياسة "الإنكار التكتيكي"، وسط إغلاق متكرر للطرق والمعابر التي تربط تلك المناطق مع مناطق الإدارة الذاتية في إقليم شمال وشرق سوريا، ما أدى إلى تفاقم معاناة الأهالي وتعطيل الحركة التجارية والإنسانية بين الجانبين.