ندوة صحفية تحذر من الإقصاء والتشهير ضد المغربيات في الحياة السياسية
كشفت الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب في ندوة صحفية عن تنامي العنف السياسي ضد النساء داخل الأحزاب والبرلمان، من إقصاء وتشويه وتنمر رقمي، ما يحد من مشاركتهن رغم وجود قوانين الحماية.
حنان حارت
المغرب ـ شددت المشاركات في ندوة صحفية على ضرورة مراجعة القوانين الانتخابية وتجريم العنف السياسي لضمان المناصفة وحماية النساء في الحياة العامة والمؤسسات.
في سياق فعاليات حملة الـ 16 لمناهضة العنف ضد المرأة، نظمت الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب ندوة صحفية، في إطار الحركة من أجل ديمقراطية المناصفة، أمس الثلاثاء 25 تشرين الثاني/نوفمبر، تحت شعار "من أجل المناصفة ومناهضة العنف السياسي ضد النساء في مشاريع القوانين المتعلقة بالمنظومة الانتخابية".
خلال الندوة، حذرت ناشطات حقوقيات من تصاعد العنف السياسي الذي تواجهه النساء المغربيات داخل الأحزاب والبرلمان، مؤكدات أن الإقصاء والتشهير والتحقير ما زالت تحد من مشاركتهن السياسية، رغم وجود قوانين الحماية، مما يستدعي آليات أكثر فعالية لضمان المناصفة.
وطالبن خلالها بالتأكيد على أن التمثيلية السياسية للنساء حق يجب أن يتحقق فعلياً وأن أي إصلاح انتخابي ينبغي أن يقوم على ضمان المشاركة العادلة والمنصفة للنساء داخل المؤسسات المنتخبة، ضرورة إدراج المناصفة في البرامج التلفزيونية الخاصة بالانتخابات، باعتبار الإعلام شريكاً أساسياً في تعزيز المشاركة السياسية، اعتماد آليات زجرية صارمة ضد كل أشكال العنف السياسي، سواء كان إقصاءً أو تمييزاً أو تشهيراً.
وعن كون إقصاء النساء من النقاشات شكل من أشكال العنف، قالت الناشطة الحقوقية خديجة الرباح، عضوة الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، إن "العنف السياسي ضد النساء يرتبط اليوم بمراجعة القوانين الانتخابية التي شرعت وزارة الداخلية في مناقشتها منذ بداية العام الجاري".
وأوضحت أن هذه النقاشات انطلقت بشكل إقصائي، دون تقييم للتجارب السابقة أو إشراك القطاعات النسائية داخل الأحزاب أو التشاور مع جمعيات المجتمع المدني الفاعلة في مجال الديمقراطية وحقوق النساء، معتبرةً أن هذا الإقصاء هو في حد ذاته شكل من أشكال العنف السياسي. مضيفةً أن تصريحات وزير الداخلية حول "تقدم" في تمثيلية النساء عبر اللوائح الجهوية ليست جديدة، إذ سبق اعتمادها في انتخابات 2021 وأسفرت عن 90 مقعداً، وبالتالي "لا يمكن اعتبارها تقدماً حقيقياً".
وأشارت إلى أن مناقشة القوانين داخل البرلمان تجاهلت البنود المتعلقة بضمان المشاركة السياسية للنساء، ما يعكس استمرار عقلية تعتبر مشاركة النساء قضية ثانوية.
وختمت بالقول إن المسار الحالي يؤشر على بداية دورة جديدة من العنف السياسي ضد النساء، عبر الإقصاء من المشاورات، تغييب القطاعات النسائية، وتهميش النقاش الحقيقي حول تعزيز مشاركتهن في الحقل السياسي.
من جانبها، أكدت الناشطة السياسية كبيرة شاطر خلال الندوة أن العنف السياسي ضد النساء أصبح "واقعاً مقلقاً" في المغرب والمنطقة ككل، مشيرةً إلى أن قانون 103-13 لم يتناول هذا النوع من العنف رغم خطورته، وأن النساء العاملات في السياسة يتعرضن للتشهير والتنمر الرقمي واللفظي، إضافة إلى التضييق داخل الأحزاب والإقصاء من مواقع الترشيح واتخاذ القرار.
وخلال حديثها، قارنت التجربة المغربية بتونس التي قطعت أشواطاً في تجريم العنف السياسي، مؤكدةً أن المغرب يحتاج إلى إرادة حقيقية لحماية النساء في الحياة العامة. كما لفتت إلى أن الخطابات التمييزية والمهينة الصادرة عن بعض المسؤولين تُعد شكلاً من أشكال العنف السياسي لأنها تكرّس صورة دونية للنساء.
وفيما يتعلق بالأحزاب السياسية، أشارت إلى أن العنف يبدأ من هندسة اللوائح الانتخابية، حيث لا يمنح القانون الانتخابي الجديد للنساء حقهن في اللوائح الثنائية (امرأة ـ رجل ـ امرأة)، إلى جانب تهميشهن في الأجهزة القيادية، حيث غالباً ما يقتصر الحضور على ثلاث نساء في مواقع هامشية سواء داخل الأحزاب اليسارية أو الليبرالية أو اليمينية، مما يعكس ثقافة بنيوية تهمش النساء سياسياً، بالإضافة لتجاوز نساء مؤهلات في الترشيحات لصالح رجال أقل خبرة، ما يجعل سقف المشاركة السياسية النسائية "محدوداً وغير عادل".
وطالبت كبيرة شاطر بمراجعة شاملة للقوانين الانتخابية والأحزاب لتجريم العنف السياسي ضد النساء وضمان حمايتهن داخل المؤسسات والفضاء العام. مشيرةً إلى أن الاعتداءات اللفظية والجسدية ضد نساء سياسيات ليست جديدة، مستشهدة بحوادث تنمر سياسي ورقمي طالت برلمانيات وأثرت على صحتهن النفسية والجسدية، إضافة إلى واقعة استقالة مستشارة من مجلس المستشارين (2016ـ2021) لإفساح المجال لرجل من نفس الهيئة، معتبرةً ذلك مثالاً على "الوصاية السياسية".
وشددت على أن المغربيات اليوم يمتلكن مستويات عالية من التعليم والخبرة، ولا يمكن تبرير إقصائهن بحجة "غياب المؤهلات"، مؤكدةً أن تاريخ المغرب نفسه يثبت دور النساء في المقاومة والعمل الوطني رغم الأمية. ودعت إلى إدماج مقاربة النوع في الميزانية والبرامج الحكومية لضمان إنصاف النساء وتعزيز مشاركتهن في تدبير الشأن العام.
وفي ختام حديثها، عبرت كبيرة شاطر عن تضامنها مع النساء في مناطق الحروب والصراعات، مثل فلسطين وسوريا والسودان واليمن، إضافة إلى النساء الأوكرانيات والروسيات اللواتي يعانين من انتهاكات جسيمة.