ناشطات: إلزام المرأة بلباس محدد وسيلة للحد من حريتها
يبقى لباس المرأة وجسدها بصفة عامة وسيلة من وسائل الحد من حريتها في العديد من المجتمعات بل تعذيبها وقتلها على غرار ما حدث مع مهسا أميني التي تعرضت للتعذيب حد الموت من قبل شرطة الأخلاق الإيرانية بسبب عدم ارتداء الحجاب.
نزيهة بوسعيدي
تونس ـ ستمثل المحامية والكرونيكوز سنية الدهماني أمام المحكمة غداً الثلاثاء 10 أيلول/سبتمبر الجاري بعد جلستها الأولى التي واجهت خلالها فرض ارتداء السفساري والشبشب أثناء المحاكمة حيث تأجلت بسبب رفضها قرار المحكمة ليعود الجدل حول انتهاك الحقوق والحريات عن طريق فرض اللباس في تونس.
لباس المرأة في تونس سجل تاريخياً عدة انتهاكات للحقوق والحريات، حيث عرف زمن حكم بن علي منعاً لارتداء الحجاب وبعد الثورة عرفت تونس مع اعتلاء الإسلاميين سدة الحكم موجة من التكفير والتحريم لمن ترتدي ملابس عصرية وتكشف شعر رأسها وفي المقابل تم العمل على الترغيب في ارتداء النقاب والحجاب حتى بالنسبة للفتيات الصغيرات.
وعاد موضوع حرية اللباس للمرأة في تونس ليطفو من جديد على الساحة السياسية والحقوقية ويثار الجدل من جديد من خلال فرض ارتداء السفساري على المحامية والكرونيكوز سنية الدهماني عوض المثول بلباس عادي فضلاً عن ارتداء الشبشب عوض الحذاء، وحين رضوخها للأمر رفضت المحكمة التداول في القضية بسبب ضياع الوقت ممّا تسبب في موجة احتقان شديدة في صفوف انصارها والحقوقيين الذين رأوا في فرض السفساري والشبشب إهانة لها لان سجينات الحق العام هن من يرتدين السفساري خلال مثولهن أمام المحكمة في القضايا الأخلاقية وقضايا الإرهاب وليس قضايا الرأي.
كما أن قانون السجون لا يفرض ولكن هو إجراء دأبت إدارة السجن على القيام له، وحول هذا الموضوع قالت رئيسة جمعية "نساء تونس نساء ونصف" زهرة سويح "ارتداء اللباس يندرج ضمن الحريات ولا أحد يمكن أن يفرض على المرأة ملابس معينة على غرار ما حدث لسنية الدهماني"، موضحة أن هذا النوع من اللباس كان موجوداً وتجاوزه الزمان، واعتماده لغاية وهو تعطيل المحاكمة والتقليل من شأن المتهمة وإظهارها في مظهر غير لائق.
وأشارت إلى أنه بعد الثورة التونسية في عام 2011 جاء اللباس الأفغاني وارتدت النساء الحجاب والنقاب ليتنزل ذلك في إطار مشروع كامل لأفغنة الشعب التونسي والعودة بالمرأة التونسية إلى الوراء ألا أنها صمدت في وجه تلك التيارات الرجعية، مؤكدة أنه "لا مجال لفرض الفكر الأفغاني أو الإيراني في تونس".
وأوضحت أنه "هدفهم هو تراجع حقوق المرأة، ولكن رغم ما شهدناه من تراجعات في مجالات عدة ومنها تراجع تمثيليتها بالمجالس وما سمعناه من أصوات تنادي بإلزام المرأة المنزل وتهتم بالمطبخ لا يمكن أن تؤثرعلى المرأة التونسية التي كانت أول امرأة قادت الطائرة وأول امرأة طبيبة وهو فخر لنا ولا يجب أن نتراجع عنه بل يجب أن نسير دائماً إلى الأمام".
ومن جانبها قالت رئيسة الجمعية التونسية من أجل الحقوق والحريات فاطمة الأندلسي "لباس المرأة في تونس مسألة قد تجاوزنها لأنها تدخل الحقوق الفردية وفي نطاق الاحترام، إلا أن ما حدث مع سنية الدهماني من جبر على ارتداء السفساري يناقض احترام الحقوق والحريات في تونس"، مؤكدة أنه لها مطلق الحرية في ارتداء هذا اللباس من عدمه، رغم أن النيّة من وراء ذلك ليس فرض اللباس بقدر الرغبة في منعها من المثول أمام المحكمة.
وأضافت "المرأة التونسية ترتدي ملابس مرتبطة بالعادات والتقاليد على غرار تغطية الرأس عند الدخول إلى المقبرة او عندما تذهب للعزاء ولكن يمكن بأي حال من الأحوال استخدام الملابس للحد من حرية المرأة أو التعسف عليها كما هو الحال بالنسبة لسنية الدهماني التي تأجلت جلستها ولاتزال مسجونة فقط لأنها رفضت ارتداء لباس لا علاقة له بالمحكمة".