موجة جديدة من القمع في إيران... اعتقالات واستدعاءات تطال صحفيين وناشطين

شهدت إيران تصعيداً جديداً في حملات التضييق على الصحفيين والصحفيات، حيث طالت موجة التهديدات والاستدعاءات بشكل خاص الناشطات في مجالي حقوق المرأة والإعلام، ما يعكس استهدافاً ممنهجاً للأصوات النسائية المستقلة في الفضاء العام.

ماريا قديمي

سنه ـ تفيد تقارير ميدانية وشهادات نشطاء في الإعلام والمجتمع المدني بأن موجة جديدة من الاعتقالات والاستدعاءات والمداهمات الليلية قد بدأت في إيران منذ مطلع شهر تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، وتستهدف الصحفيين والباحثين والناشطين الاجتماعيين، الذين لطالما كانوا تحت رقابة وتهديد الأجهزة الأمنية الإيرانية.

تشير المعطيات إلى تصاعد في عمليات تفتيش المنازل ومصادرة الممتلكات الشخصية، إلى جانب خضوع المعتقلين من الصحفيين والباحثين والناشطين الاجتماعيين لاستجوابات مكثفة، ما يعكس تشديداً في السياسات القمعية ضد الأصوات المستقلة والناقدة في إيران.

وأفادت منظمات حقوق الإنسان بأن عدداً من الصحفيات في إيران تعرضن مؤخراً للاستدعاء والتهديد والاحتجاز المؤقت، وذلك بسبب تغطيتهن لقضايا النساء، والاحتجاجات المهنية، والعنف البنيوي، وقد أعربت عائلات بعض المعتقلات عن قلقهن إزاء عدم توفر المعلومات حول الوضع القانوني ومكان احتجازهن، في ظل استمرار التضييق على الأصوات النسائية المستقلة.

وفي حديث خاص، قالت إحدى الصحفيات المتخصصات في قضايا المرأة، والتي فضّلت عدم الكشف عن هويتها "أتلقى استدعاءات بشكل دوري، وتعرضت مراراً للتهديد بالاعتقال إذا واصلت عملي، أنا لا أرتكب أي مخالفة قانونية، كل ما أفعله هو تسليط الضوء على مشكلات النساء، لكن السلطات الإيرانية تعتبر ذلك تهديداً لنظامها، وهو ما يكشف عن مدى التضييق المفروض على حرية التعبير، خاصة حين يتعلق الأمر بقضايا النساء".

وأكدت أن الضغوط المفروضة عليها لا تقتصر على بيئة العمل فحسب، بل تمتد لتشمل حياتها الشخصية والافتراضية "يريدون السيطرة على حياتنا بالكامل، وإذا رضخنا، فسنحتاج إلى إذن حتى لنأخذ أنفاسنا، ما أطلبه هو الحرية، ليس ليّ فقط، بل للجيل القادم أيضاً".

في عدد من الحالات، قامت الأجهزة الأمنية بمصادرة كتب ومذكرات ووثائق بحثية تعود لنشطاء في المجتمع المدني، ويعتبر هؤلاء النشطاء أن هذه الإجراءات تمثل محاولة ممنهجة لإسكات إنتاج المعرفة المستقلة، وعرقلة أي جهد فكري خارج إطار الرقابة الرسمية.

في سياق متصل، أكدت منظمات حقوق الإنسان أن استهداف الصحفيين في إيران يُعدّ سياسة ممنهجة وطويلة الأمد، ووفقاً لتقرير منظمة "مراسلون بلا حدود"، جاءت إيران في المرتبة 176 من أصل 180 دولة ضمن مؤشر حرية الصحافة لعام 2024، ما يجعلها واحدة من أكبر السجون للصحفيين على مستوى العالم.

يرى النشطاء الإعلاميون أن استمرار حملة القمع ضد الصحفيين في إيران يُنذر بعواقب خطيرة، أبرزها إخماد الفضاء العام، وتعطيل تداول المعلومات بحرية، وتعميق مناخ الخوف داخل المجتمع، مؤكدين أن هذه السياسات لا تهدد حرية التعبير فحسب، بل تُلقي بظلالها الثقيلة على مستقبل المجتمع الإيراني بأسره.