مسؤولة أممية: الأطفال يدفعون ثمن الصراعات في عام هو الأسوأ منذ ثلاثة عقود
حذرت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة، فرجينيا غامبا خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي من تفاقم العنف الموجه ضد الأطفال في مناطق النزاع، مؤكدةً أن عام 2024 سجل أعلى عدد من الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال منذ ثلاثة عقود.

مركز الأخبار ـ يتعرض الأطفال في المناطق التي تشهد نزاعات وحروب لانتهاكات جسيمة والتي تمثل واحدة من أكثر الأزمات الإنسانية خطورة حيث يجد ملايين الأطفال أنفسهم في قلب الصراعات المسلحة، يُقتلون أو يُشوّهون أو يُجندون قسراً.
في جلسة مفتوحة عقدها مجلس الأمن الدولي أمس الأربعاء 26 حزيران/يونيو، حذّرت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة المعنية بالأطفال والصراعات المسلحة، فرجينيا غامبا، من تصاعد مستويات العنف ضد الأطفال في مناطق النزاع، واصفةً إياها بأنها بلغت "مستويات مريعة".
وأشارت في إحاطتها إلى أن أطراف النزاع والمجتمع الدولي باتوا يفضلون تسوية الخلافات عبر الوسائل العسكرية، على حساب الأطفال، بدلاً من السعي إلى حلول سلمية تضمن حمايتهم.
وجاءت هذه التصريحات خلال مناقشة التقرير السنوي للأمين العام للأمم المتحدة حول الأطفال والنزاعات المسلحة، والذي كشف أن عام 2024 سجّل أعلى عدد من الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال منذ بدء الرصد المنهجي قبل نحو ثلاثة عقود، حيث تم توثيق أكثر من 41 ألف حالة انتهاك جسيمة في مختلف مناطق النزاع حول العالم، وشملت الانتهاكات القتل، التشويه، تجنيد الأطفال، العنف الجنسي، الاختطاف، والهجمات على المدارس والمستشفيات، بالإضافة إلى منع إيصال المساعدات الإنسانية.
وأكدت المسؤولة الأممية، أن هذه الانتهاكات امتدت من غزة إلى دارفور، ومن الكونغو إلى هايتي، ما يعكس الطابع العالمي والعشوائي للأزمة، داعيةً إلى تحرك دولي عاجل لوقف ما وصفته بـ "الحرب على الأطفال" واحترام القانون الدولي الإنساني، وتوفير موارد مستدامة لحماية الأطفال وإعادة إدماجهم في مجتمعاتهم.
وقالت إنه تم توثيق أعلى عدد من الانتهاكات الجسيمة خلال العام الماضي في الأرض الفلسطينية، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، والصومال، ونيجيريا، وهايتي، مؤكدةً أنه لا يمكنهم الاستمرار في الوقوف مكتوفي الأيدي والمشاهدة بدون أي تحرك خاصة ما يجري في غزة.
ولفتت الانتباه إلى حجم الدمار والمعاناة التي يتحملها أطفال غزة، مشيرةً إلى أنه لا مبرر لحرمان الأطفال من سبل العيش الكريم والاستمرار في حرمانهم من الغذاء والرعاية الصحية والأمن.
وعن تفاصيل الانتهاكات أوضحت، أن الأطفال يتعرضون لستة أشكال من الانتهاكات وهي القتل والتشويه، وتجنيد واستخدام الأطفال، والعنف الجنسي، والاختطاف، والهجمات على المدارس والمستشفيات، ومنع إيصال المساعدات الإنسانية.
وأضافت أنه خلال عام 2024 ارتكبت الجماعات المسلحة غير الحكومية قرابة نصف الانتهاكات الجسيمة لا سيما القتل والتشوية والاختطاف والتجنيد الإجباري والعنف الجنسي، ورغم كل ذلك بقيت القوات الحكومية السبب الرئيسي في قتل الأطفال وتشويهم وهذا أمر غير مقبول.
وقالت فرجينيا غامبا، أنهم خلال عمليات الرصد والتحقق والإبلاغ عن الانتهاكات واجهوا العديد من الانتهاكات والتي ستؤدي بدورها إلى عدم القدرة على التحقق من الانتهاكات وتحديد مرتكبيها.
وشددت على أنه يتعين دعوة جميع أطراف النزاع لا سيما القوات والجماعات المسلحة المدرجة في مرافقات التقرير، إلى التعاون البنّاء مع الأمم المتحدة لوضع خطط عمل، وتوقيعها، وتنفيذها بالكامل، لإنهاء ومنع الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال.
وأكدت على ضرورة التزام أطراف النزاع بإيقاف الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال فوراً والامتثال للقانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان، وضمان وصول المساعدات الإنسانية بسرعة وأمان ودون عوائق لجميع الأطفال، داعيةً إلى الاستثمار في برامج إعادة دمج طويلة الأمد وشاملة، تشمل الناجين من العنف الجنسي، والأطفال ذوي الإعاقة، والمنتمين إلى المجتمعات المهمشة والنازحة والمهاجرة واللاجئة.
من جانبها قالت مديرة حماية الطفل في منظمة اليونيسف شيما سين غوبتا، إن الأرقام التي وردت في تقرير الأمين العام مجرد حالات متحقق منها، لافتةً إلى أن حجم الضرر الحقيقي أكبر بكثير لأن كل انتهاك ضد الأطفال في أي بلد حول العالم يمثل فشلاً أخلاقياً ويترك ندوباً قد لا تلتئم أبداً.
وسلطت خلال الجلسة الضوء على اتجاهين مثيرين للقلق العميق أولهما تزايد استخدام الأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة بالسكان، والذي يعد الآن السبب الرئيسي لإصابات الأطفال في العديد من صراعات العالم، حيث يمثل أكثر من 70% من جميع حوادث القتل والتشويه.
وأشارت إلى أن كل قذيفة غير منفجرة تُترَك في حقل أو ساحة مدرسة أو زقاق هي بمثابة حكم إعدام ينتظر التنفيذ، مضيفةً أن ثاني هذه الاتجاهات المقلقة هو تصاعد حالات العنف الجنسي فقد زادت حالات الاغتصاب وغيرها من أشكال العنف الجنسي ضد الأطفال الموثقة بنسبة 35% في عام 2024.
وطالبت بضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة في ستة مجالات رئيسية تشمل مطالبة جميع أطراف النزاع باحترام القانون الإنساني الدولي وإنهاء الانتهاكات الجسيمة، ووقف استخدام الأسلحة المتفجرة وانتشارها في المناطق المأهولة بالسكان، إضافة إلى حماية وتوسيع نطاق العمل الإنساني ودعم وتسهيل التعاون الإنساني مع الجماعات المسلحة وغير الحكومية لزيادة حماية الأطفال، مؤكدة أن الأطفال ليسوا أضراراً جانبية، وليسود جنوداً وليسوا أوراق مساومة، فهم يستحقون الأمان والعدالة والمستقبل.