مشاركات في الجلسة تؤكدن على أهمية حماية المرأة من آثار التغير المناخي والعنف

أكدت مشاركات في الجلسة الحوارية على أن تمكين المرأة وحمايتها من العنف لا يُسهم فقط في تحقيق العدالة الاجتماعية، بل يُعد خطوة أساسية للارتقاء بالمجتمع، فاستقرارها وأمانها ينعكس بشكل مباشر على مستقبل الأجيال القادمة.

رجاء حميد رشيد

العراق ـ تأكيداً على أهمية آليات الحماية والوقاية من التغيرات المناخية والبيئية التي تؤثر على المرأة، وفي إطار السعي نحو عالم عمل خالٍ من العنف والتحرش، نظّمت منظمة النهضة البيئية، بالتعاون مع شبكة النساء العراقيات، جلسة حوارية تحت شعار "التصدي للعنف ضد النساء والفتيات مسؤولية وطنية مجتمعية"، أمس السبت 19 تموز/يوليو، في بغداد.

أكدت انتصار جبار عجيل رئيسة منظمة النهضة البيئية وعضو المكتب التنفيذي لنقابات عمال العراق، على أهمية الاتفاقية الدولية رقم 190 والتوصية رقم 206 الخاصة باتفاقية مناهضة العنف والتحرش في عالم العمل، والتي صوت مؤتمر العمل الدولي عليها، ورغم أن الاعتماد على العمل بهذه الاتفاقية جاء متأخراً جداً بعد نضال وضغوط من قبل منظمات نقابية دولية، وأيضاً بضغط منظمات المجتمع المدني، لتنامي واستشراء العنف والذي وضعت جدول أعماله منظمة العمل الدولية منذ عام 2015، وكان العراق من الدول التي صوتت لصالح الاتفاقية، والتي تسد العديد من الثغرات الموجودة في التشريعات الوطنية المتعلقة بحقوق العاملين.

 

تغير المناخ يُضاعف أعباء النساء في الأرياف

وأشارت إلى تأثير التغيرات المناخية على المرأة العراقية عامة، والمرأة الريفية خاصة وهي الفئة الأكثر تأثراً بتغير المناخ في العراق، وذلك للأسباب الاجتماعية والاقتصادية والبيئية المتشابكة، خاصة وأن النساء في الريف يعتمدن بشكل كبير على العمل الزراعي وتربية المواشي كمصدر دخل رئيسي، لكن انخفاض الأمطار وتراجع الأراضي الزراعية أدى إلى تدهور النشاط الزراعي بشكل حاد، مما ضرب استقرارهن الاقتصادي ومصدر رزقهن، حيث يُصنف العراق ضمن الخمس دول الأكثر عرضة لتأثيرات المناخ عالمياً حسب تقارير الأمم المتحدة وUNICEF.

 

تاريخ الحركة النسائية في العراق

من جانبها أوضحت الاستاذة إيمان السهلان تربوية وباحثة في مجال حقوق المرأة وعضوة سابقة في التيار الاجتماعي الديمقراطي، التمييز والعنف بكافة أنواعه ضد المرأة سواء العنف الجسدي واللفظي أو حتى تآمري يسبب آذى جسدي أو نفسي أو اقتصادي أو اجتماعي، مما يؤثر سلباً على الأطفال والأسرة والمجتمع.

وأشارت إلى أسباب العنف الأسري ضد المرأة، منها العادات والتقاليد التي تنظر بدونية للمرأة وتعتبرها كائن تابع للرجل، وأنها أقل شأناً فتبرر العنف ضدها على أنه حالة طبيعية وعليها قبولها والتسليم بها، كذلك انتهاك الحقوق الإنسانية مثل تزويج القاصرات وختان البنات وما يسمى بجرائم الشرف أو غسل العار، وتعد أفعال مبررة اجتماعية في بعض المناطق.

وبينت أن أحد أسباب استمرار العنف ضد المرأة هو ضعف القوانين الرادعة وعدم تنفيذها بصرامة، فغالباً ما يفلت المعتدي من فعلته دون عقاب بسبب أداء الجهات المعنية الضعيف إزاء السطوة العشائرية والعرف، وكذلك تمادي ثقافة العنف الأسري تتمثل بتدني مستوى التعليم والتنوير الفكري، وحرمانها من حقوقها الدستورية وتوعية المجتمع نحو تغيير النظرة الدونية لها، واعتبارها عنصر فعال في بناء الأسرة والمجتمع سواسية مع الرجل، فلا يمكن لمنظمات المجتمع المدني المدافعة عن حقوق المرأة والمناهضة للعنف ضدها أن تكون قادرة وحدها في حدوث النهضة الثقافية أتجاه قضايا المرأة وحمايتها من التعنيف والحرمان.

واستعرضت إيمان السهلاني تاريخ الحركة النسائية العراقية والعالمية في رفض العنف ضد المرأة، والدفاع عن حقوقها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، ومدى تأثير التمييز الجنساني وسطوة القوانين والأعراف الذكورية ضد كينونة النساء في بناء المجتمعات.

وحول المعاهدات والمواثيق الدولية الخاصة بحماية حقوق المرأة والدفاع عنها ضد التمييز والعنف، قالت "تشكل المعاهدات والاتفاقيات الدولية إطاراً قانونياً وأخلاقياً لحماية المرأة وتعزيز حقوقها عالمياً، وتظل مسؤولية الحكومة في التطبيق الفعلي لهذه المواثيق جوهرية، إلى جانب دور المجتمع المدني والنشطاء في التوعية والمناصرة لضمان العدالة والمساواة الجندرية".

وأكدت أنه رغم التحديات الكبرى، تمكنت الحركة النسائية في العراق بعد 2003 من أن تكون صوتاً قوياً في مواجهة القهر والعنف والتهميش، وما زال الطريق طويلاً، لكن الحراك النسائي مستمر بفضل الجهود الفردية والجماعية للنساء العراقيات اللاتي أثبتن جدارتهن في المقاومة والعمل المدني والنضال من أجل المساواة.

وتخللت الجلسة التي شاركت فيها ناشطات وأكاديميات وأساتذة جامعات، عدد من المداخلات التي أغنت الجلسة بالكثير من المعلومات، حيث أكدت مصممة الأزياء صبيحة السامرائي على أهمية الدور الذي يجب أن يلعبه الإعلام في تسليط الضوء على قضايا العنف ضد المرأة من خلال انتاج أعمال سينمائية وتلفزيونية وعرض المشاكل التي تواجه المرأة المعنفة، من أجل التوعية المجتمعية والعمل على تغيير وتصحيح بعض السلوكيات المجحفة بحق المرأة، وإيصال صوتها أمام الجهات المعنية للمطالبة بإيجاد الحلول الفاعلة والقضاء على العنف ضدها.

وشدّدت على أن تمكين المرأة وحمايتها من العنف لا يُسهم فقط في تحقيق العدالة الاجتماعية، بل يُعد خطوة أساسية للارتقاء بالمجتمع، فهي النصف الفاعل الذي يربي النصف الآخر، وبالتالي فإن استقرارها وأمانها ينعكس بشكل مباشر على مستقبل الأجيال القادمة.