منتدى المرأة والحماية الثاني للشرق الأوسط يختتم أعماله بجملة من التوصيات
اختتم منتدى المرأة والحماية الثاني للشرق الأوسط أعماله بالخروج بجملة من التوصيات من شأنها تطوير منظومة المرأة في وجه كافة التحديات وحروب الإبادة والتأكيد على أن وحدات حماية المرأة أصبحت رمزاً للنضال النسائي.
الطبقة ـ تعزيز ثقافة الدفاع الذاتي النسائي، والعمل على تطوير المرأة في إطار عمل إقليمي يتبنى توصيات المنتدى ويساهم في وضع سياسيات محددة لحماية النساء وتعزيز دورهن في بناء السلام والحماية المجتمعية، من أهم توصيات منتدى المرأة والحماية الثاني للشرق الأوسط.
اختتم منتدى المرأة والحماية الثاني للشرق الأوسط الذي نظمته وحدات حماية المرأة في مقاطعة الطبقة بإقليم شمال وشرق سوريا أمس الاثنتين 25 تشرين الثاني/نوفمبر، تحت شعار "المرأة المنظمة هي المرأة القوية والمرأة القوية هي أساس الحماية الذاتية"، وتضمن برنامج المنتدى عقد جلستين للتأكيد على ضرورة تمتع المرأة بالمنظومة الدفاعية والحماية لتجابه حرب الإبادة التي تمارس عليها في ظل ما تشهدها المنطقة من أزمات وحروب.
وتضمنت الجلسات رسائل من نساء وناشطات وحركات نسائية من جميع أنحاء كردستان، كما تم مناقشة موسعة لتلك الرسائل التي تمحورت حول واقع النساء بإقليم شمال وشرق سوريا، وتشكيل وحدات حماية المرأة لتكون هذه القوى المنظومة الدفاعية لحماية النساء وتطوير آلية الدفاع لتواجه كافة التحديات وتصبح أولى قوى نسائية تضم كافة المكونات وتسير على نهج تحرير المرأة وحمايتها.
وتناولت الجلسات العنف الذي عانت منه المرأة في شنكال بعد سيطرة داعش من سبي واغتصاب وقتل لتنهضن من تحت الركام وتشكلن وحدات المرأة الشنكالية التي باتت قوى مجابهة لكافة الاعتداءات والهجمات التي تواجههن.
وأكد مضمون الجلسة على أنه في ظل التحولات الاجتماعية والسياسية التي يشهدها العالم, أصبح الحاجة إلى وجود مؤسسات نسائية قوية وفعالة امراً ضرورياً لضمان تحقيق العدالة والمساواة بين الجنسين، وتمكين المرأة من الوصول إلى مكانتها في المجتمع.
كما تطرقت إلى مفهوم المؤسسات النسائية التي يتمحور حول المنظمات والهيئات التي تعمل على تحقيق أهداف متعلقة بتحسين أوضاع النساء وجميع فئات المجتمع, من خلال توعيتهن بحقوقهن والمساهمة في إحداث تغييرات تشريعية وسياسية واقتصادية واجتماعية, كما تلعب هذه المؤسسات دوراً أساسياً في تنظيم جهود النساء وتوحيد أصواتهن لتحقيق أهداف مشتركة لبناء مجتمع عادل تتحقق فيه العدالة والمساواة، ولتصبح صوت النساء في المحافل الدولية السياسية والاجتماعية, ولتحقيق تغييرات تشريعية مثل حقوق المرأة في العمل, التعلم والمساواة, وتدفع نحو تغيير الأفكار النمطية السائدة التي تعيق تقدمهن، فمن دون تنظيم النضال النسائي, قد يضيع نضال النساء في متاهات فردية, وبدون هذا الدعم قد تجد المرأة نفسها في موقف ضعيف حيث تهمش حقوقها ويصبح من الصعب توحيد الأصوات النسائية لتحقيق الأهداف المشتركة ومنح الحركة النسائية قوة تأثير أكبر.
وأكد مضمون الجلسات على أن التكيف مع النظام لا يعني تحسين وضع النساء, بل يعني ترسيخ الهياكل التي تحافظ على الهيمنة الذكورية, ويصبح التغيير الحقيقي مستحيلاً ما لم تتوفر حركات نسائية لتنظيم هذا النضال وتوجيهه نحو أهداف إصلاحية جذرية, كما أن غياب المؤسسات النسوية والتنظيم المشترك يعمق التحديات التي تواجها النساء في المجتمعات الذكورية والتحالف مع القوى اليمينية, لذا يبقى التحدي الأكبر هو بناء مؤسسات نسائية تقدم للنساء بديلاً حقيقياً يتيح لهن تنظيم نضالهن بشكل فعال, وتحقيق التغيير الجذري الذي تطمحن إليه ويكون أكثر عدالة للمرأة في كل المجتمعات".
واستمرت الجلسات بالتأكيد على أنه "اذ لم يتم إنشاء مؤسسات نسائية قوية وتوفير مساحات لتنظيم النساء فمن الممكن أن يتم تحريف نضال المرأة عن مساره الإصلاحي أو الثوري, لأن أحد أبرز أدوار المؤسسات النسائية هو التصدي للهياكل الاجتماعية والسياسية التي تعزز التمييز ضد النساء في مجتمعات تهيمن عليها الأنظمة الذكورية, وتكون هذه المؤسسات خط الدفاع الأول ضد السياسات والقوانين التي تكرس التمييز وتحرم المرأة من حقوقها, لذا نجد أهمية المؤسسات النسائية خاصة التي تلعب دوراً في الضغط على الحكومات لتغيير التشريعات التمييزية وإقرار قوانين تدعم حقوق المرأة, وهذا يتطلب تنظيماً مؤسسياً لتنسيق الحملات وضمان وصول الرسائل إلى صناع القرار، كما تساهم في إرساء مبدأ العدالة الاجتماعية من خلال رفع الوعي بضرورة المساواة بين الجنسين, والعمل على تمكين النساء للوصول إلى الموارد والخدمات ودخول سوق العمل, فبدون المؤسسات النسائية يصبح من الصعب كسر الأنماط الثقافية والاجتماعية التي تعزز التمييز, فالمؤسسات تعمل على تعزيز الحوار المجتمعي حول قضايا المرأة, وتحدي التصورات النمطية التي تقلل من قيمة النساء بالإضافة للمساعدة القانونية للنساء اللواتي تعانين التمييز والعنف".
وتناولت أيضاً أهمية تأسيس الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا كنموذج سياسي واجتماعي يحقق الاستقرار والعدل في منطقة شهدت سنوات من الاضطرابات، لتحقيق نظام أكثر استدامة وتنظيم يحفظ الأمن ويقلل من الفوضى ولتلبية احتياجات المجتمعات المحلية في المنطقة التي تحتوي على تنوع سكاني كبير، من خلال إعطائهم حق المشاركة في اتخاذ القرار وإدارة شؤونهم وتبني سياسات لتمكين المرأة والشباب وهو أمر غير معتاد في العديد من النماذج التقليدية للحكم في المنطقة, لذلك يعزز هذا النموذج من مشاركة الفئات المهمشة في الحياة ونموذجاً للتعايش بينهم والتي توفر إطاراً دفاعياً وتعاوناَ امنياً لمواجهة جميع التحديات وعليه أخذت المرأة دور القيادة والعمل والنضال في جميع مجالات الحياة المختلفة، وأخذت أدواراً فعالة في المجالين العسكري والسياسي وكذلك المدني, وبشكل خاص ضمن تنظيمات وحدات حماية المرأة كجناح عسكري نسائي مستقل ضمن قوات سوريا الديمقراطية، وأصبحت رمزاً للنضال المسلح النسائي في وجه داعش، كما شاركت المقاتلات في العمليات العسكرية على قدم المساواة مع الرجال وهو تطور نادر في النزاعات العسكرية التقليدية".
وبعد الانتهاء من الجلسات تم عرض مسرحية بعنوان "رحلة إلى الحياة" تطرقت إلى واقع المرأة في العصر الحجري الحديث وكيف كانت الآلهة، وواقع المرأة في ظل الأنظمة الاستبدادية وما عانته بعد سيطرة داعش، والدور الذي لعبته وحدات حماية المرأة بتحرير المنطقة ودحر الإرهاب وتغير واقع النساء وانضمامهن إلى صفوف وحدات حماية المرأة التي باتت القوى الأول للنساء في الشرق الأوسط.
وفي نهاية الجلسة قرأ البيان الختامي التي تضمن جملة من التوصيات كان أهمها، تسليط الضوء على التحديات التي تواجه المرأة اليوم في مجالات الحماية والدفاع، مناقشة السياسيات وإجراءات الأزمة لضمان حماية المرأة، وتسليط الضوء على أهمية حماية النساء وتعزيز ثقافة الدفاع الذاتي النسائي كأداة لتمكينها، وضع استراتيجيات عملية لبناء آليات عملية محلية وإقليمية تحمي النساء وتضمن مشاركتهن كقيادية فاعلة في بناء مجتمع ديمقراطي ايكولوجي يضمن حرية المرأة، إضافة إلى تعزيز التعاون مع الحركات والمنظمات النسوية لتوفير بيئة أمنة مستدامة للنساء في الشرق الأوسط.
وتضمنت التوصيات تنظيم مجلس أمن وحماية النساء في إقليم شمال وشرق سرويا، وتنظيم مجلس لأمن وحماية المرأة في الشرق الأوسط، تعزيز السياسات المحلية والوطنية المتكاملة لحماية المرأة، وتطوير برامج تعليمية تعنى بتمكين المرأة بمهارات ومعرفة الأزمة للدفاع عن كينونتها، وتمكين قدرات النساء في مجالات السياسية والدبلوماسية في الحماية والدفاع، تبادل التجارب الفكرية والعملية للدفاع الذاتي النسائي بهدف مواجهة جرائم الإبادة والاغتصاب الممنهج الذي تتعرض له المرأة، بناء شبكات دعم النسائي على مستوى محلي وإقليمي بهدف تشجيع النساء على الانخراط في الأمن المجتمعي والدفاع، إضافة لأطلاق مبادرات تمهيدية في مجالات الدفاع المجتمعي وتقدير قدراتهن لتولي أدوار قيادية في حماية مجتمعهن، والتعاون مع منظمات نسائية دولية وإقليمية لبناء استراتيجيات لأنشاء آليات مشتركة توفر الدعم والتدريب للنساء في المناطق المتأثرة بالنزاعات.
وخرجت التوصيات أيضاَ بضرورة تعزيز التعاون الإقليمي لأنشاء منصات مشتركة تساعد في تبادل الخبرات وتوفير الحلول العملية الفعالية لحماية النساء في الشرق الأوسط، العمل على تطوير دور المرأة في إطار عمل إقليمي يتبنى توصيات المنتدى ويساهم في وضع سياسيات محددة لحماية النساء وتعزيز دورهن في بناء السلام والحماية المجتمعية، وتبني مبادرات مشتركة مع منظمات حقوق الإنسان والمؤسسات النسائية العالمية لضمان توحيد جهود إقليمية وخلق بيئة أمنة وحرة للنساء في الشرق الأوسط، ولتكون هذه التوصيات نضال مشترك في اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة.
وعلى هامش المنتدى أكدت القيادية في وحدات حماية المرأة دلبرين كوباني على أهمية توفير حماية لجميع النساء، في ظل المرحلة الحساسة والحروب والأزمات التي تشهدها المنطقة، مشيرةً إلى أن هناك حاجة ماسة لتطوير المنظومة الدفاعية "قمنا بقيادة الثورة ودحر الإرهاب في المنطقة، لذلك نؤكد أننا سنستمر بقيادة المرحلة القادمة وتصعيد وتيرة النضال وتوجيه النساء حول العالم، ففي سبيل حماية النساء نحن مستعدون في التضحية بأرواحنا".
وحول ما تطرقت لها الجلسات أوضحت أنه "تم مناقشة أهمية الحرب الشعب الثورية، وكيف على الشعب حماية وتنظيم صفوفه، والحد من جرائم قتل النساء، ولتكون النساء صاحبات إرادة وقرار وقوة فوحدات حماية المرأة قوى لحماية كافة النساء".