من خلال المسرح الارتجالي جمعية "لبن" تسلط الضوء على قضايا النساء
تمكنت جمعية "لبن" من خلال المسرح الارتجالي وإعادة التمثيل والعلاج بالدراما، أن تخط طريقاً مختلفاً في مقاربة القضايا التي تهم المجتمع، ولا سيما التي تخص النساء.
سوزان أبو سعيد
بيروت ـ منذ نشأتها في عام 2009 تمكنت جمعية "لبن" من طرح قضايا جريئة وتعاطي أمور غير مألوفة لتترك أثراً مختلفاً ومنهجاً مميزاً في مقاربة القضايا عبر إشراك الجمهور وإعادة تمثيل المواقف والقضايا بأسلوب إبداعي وساحر.
تمكنت جمعية "لبن"، وهي الأولى في لبنان التي أدخلت الفن الارتجالي باستخدام مسرح إعادة التمثيل وكشكل من أشكال الفن البديل من أن تطرح قضايا جريئة، عبر أكثر من 124 عرض شهري وأكثر من 3 آلاف عرض خلال 10 سنوات، ومن أن تتعاطى مع الأمور غير المألوفة والبعيدة عن السائد لتترك أثراً مختلفاً ومنهجاً مميزاً في مقاربة القضايا، عبر إشراك الجمهور وإعادة تمثيل المواقف والقضايا بأسلوب إبداعي.
تقول مديرة جمعية "لبن" والمتخصصة بالمسرح والعلاج النفسي بالدراما فرح ورداني "نشاطات مسرح واستديو "لبن" تشمل كل زاوية وقرية ومخيم وشارع على الأراضي اللبنانية بهدف خلق مساحات آمنة ليستطيع الناس التعبير من خلالها عما يشعرون به".
وأوضحت أن "فكرة مسرح "لبن" تدور حول عرض قائم على قصص ومشاركات الجمهور، حيث يطرح المشاهدون فكرة القصص ليقوم الممثلون مباشرة بارتجال القصة والإضاءة على الجانب الإنساني والتجربة الشخصية وعلى الإحساس الذي مر به الشخص في القصة التي يشاركها معنا في هذا النوع من المسرح، مثل كل شيء نقوم به له هدف اجتماعي وسياسي ونفسي".
وأضافت "مسرحنا نسوي بامتياز لأن المجتمع لا ينهض ولا يتقدم بدون النساء، تشكل نسبة النساء فيه أكثر من النصف، وأغلب المراكز في القيادة بالفرقة من النساء والأمهات تحديداً، كما أننا نراعي كثيراً التوازن الذي تجلبه المرأة على هذا المكان ونأخذ هذا الطابع النسوي والأنثوي بعملنا وتعاطينا مع المجتمع".
وقالت "عملنا مع الكثير من النساء من خلال شراكات مع مؤسسات ومنظمات، كما عملنا على برامج علاج بالدراما مع نساء مقيمات في مراكز إيواء وشابات كن ضحايا العنف أو التحرش أو تعرضن لاعتداء جنسي، وفي جلسات العلاج بالدراما هذه تمكنا من التعامل مع مشاعرهن ومع موقعهن الاجتماعي بعد التجارب السيئة التي عشنها، لتصبحن فاعلات في المجتمع".
وبينت أن جمعية لبن تعمل أيضاً مع اللاجئات "مجتمع اللاجئين بحاجة للكثير من الاهتمام، خاصةً المرأة لأنها أكثر من تدفع الثمن في حالات الحروب وهو أمر مثبت في كل العالم، نتوجه إليهن على مستوى الحاجة النفسية لنشعرهن بأنهن جزء من مجتمع كبير، كما عملنا مع نساء من مواقع أخرى في لبنان، مثل نساء كن محاربات سابقات من خلال شراكة طويلة مع منظمة "محاربون من أجل السلام"، كما عملنا مع نساء كن ضحايا لهذه الحرب وهو ملخص لتجربتنا الطويلة للعمل مع ولأجل النساء، وحتى مسرحنا لم يقم بدون الإضاءة على هذه التجارب".
من جانبها قالت المختصة بعلم النفس وإحدى الممثلات في مسرح لبن ماجدة الهاشم "بدأت العمل مع مسرح لبن منذ عام 2014 وتضم الفرقة 25 شخص من جنسيات متعددة، مدة التدريب ثلاثة ساعات من كل يوم جمعة، ونعمل من خلال المسرح التفاعلي وتطبيقاته في المجتمع المدني، وتتميز مجموعتنا بتعدد الاختصاصات فعندما نكون من خلفيات مختلفة ينعكس ذلك على المسرح والأداء كما يجعل معرفتنا أكبر، ويتميز مسرحنا بأنه مبني على قصص الجمهور كما أننا نقوم بالكثير من العروض في المخيمات ومناطق مختلفة من لبنان".
ولفتت إلى أنها تتأثر كثيراً بالقصص التي تخص الأمومة والنساء "أشعر بأني معنية بتلك القصص كوني امرأة وأم بالوقت ذاته، وهذا أمر يمس شخصيتي كثيراً وعندما أكون على المسرح أشعر بأن هذه القصص بالذات تبقى معي أكثر من القصص الأخرى".
بدورها أشارت الصيدلانية رنا سماحة والحاصلة على شهادة مسرح تهريج وعضو في جمعية لبن إلى أنه "ليس هناك أبطال في مسرحنا ونكون موجودين على المسرح لخدمة القصص التي يرويها الجمهور ويشاركوننا بها، لنحول هذه القصص إلى أمر جميل على المسرح حتى يصل إلى الأشخاص الآخرين الموجودين بين الحضور".
وأشارت إلى أن "جمعية لبن خلقت لي مساحة للتعبير عما يخالجني، ولأشعر من حولي بأنه ليس هناك عيباً في أي شيء بالكلام عنه بل أنه يساعد في النمو الشخصي والمجتمعي لوضع الأصبع على مكامن الخطأ، ولنتمكن من التقدم في حياتنا ومجتمعنا".
وعن فكرة المسرح قالت رنا سماحة "بدأت الفكرة في لبنان إثر ورشة عمل قامت بها الممثلة والمخرجة والمعالجة بالدراما زينة دكاش بعنوان "العلاج بالدراما"، وتقنيات إعادة التمثيل، حيث شارك أعضاء من فرقة لبن بورشة العمل هذه، وقرروا البدء بالمسرح الارتجالي، ومع الوقت ازداد عدد أعضاء الفرقة، وأصبحنا نقوم بعرضنا الشهري ومنذ 10 سنوات حتى الآن ودون توقف".
وقالت جنيفر نصر الله الحاصلة على ماجستير بالعلاج بالدراما من جامعة الروح القدس عن العرض الذي أقيم أمس الأربعاء 14 شباط/فبراير "العرض قائم على قصص الجمهور، بمعنى أن عدداً من الحضور يخبروننا قصصهم خلال العرض، ليعود الممثلون ويجسدون هذه القصص على المسرح بكل المشاعر والتفاصيل من كل قصة، ويكون هناك مقدم يجري مقابلات مع الأشخاص ليعيد الممثلون تمثيلها، ونحن اليوم نقدم العرض رقم 124، وهذا يعني أن عرض "القصص الشهري" مستمر منذ 10 سنوات دون توقف، ويكون العرض شهرياً وتحديداً كل ثاني أربعاء من كل شهر".
وأشارت إلى أنه "يكون معنا موسيقيون، ويكون هناك أيضاً من يأخذ قصص المشاهدين، بحيث يكون العرض تفاعلياً بين الجمهور والممثلين بالأسئلة والإجابات وتوضيح القصة، ولنستخدم أكثر من طريقة في العرض، إن كان غناءً أو موسيقى، وإن كان لغة الجسد أو الشعر والأدب، وأي أدوات أخرى من أجل تجسيد قصص الجمهور".
وبينت أنه "في العرض الشهري الذي نقدمه يكون هناك أكثر من قصة وقضية نتحدث عنها، سواءً كانت أمور شخصية من الواقع اليومي أو قضايا خاصة بالنساء لأننا نحاول خلق مساحة آمنة لهن لتتحدثن عما تتعرضن له".
وقالت المختصة بالمسرح من الجامعة اللبنانية والحاصلة على دراسات عليا في الدراسات الجندرية من الجامعة اللبنانية الأمريكية ميرنا الجردي "انضممت إلى جمعية لبن منذ أكثر من عام تعرفت عليها في عام 2018، في سياق مشروع كان يجري تطبيقه من خلال جمعية "لبن" وUn Women وجمعية "كفى" لمناهضة العنف ضد المرأة وكان المشروع حول توثيق جرائم الحرب الأهلية وأوضاع النساء خلال الحرب الأهلية في لبنان، وضم المشروع نساء من جميع أنحاء لبنان، وكان من صلب أهدافه بناء السلام بين نسائه، وتعرفت على تاريخي كمواطنة وعلى التاريخ الذي أحمله من أهلي، كأشخاص عاشوا في الحرب الأهلية وماذا يعني هذا الأمر، وكيف يمكن أن يؤثر عليّ، وتعرفت على دوري كنسوية، ومن ثم درست في الأكاديمية لأكون متعمقة أكثر في المجال النسوي، وأتمنى أن نساهم بنشر هذه القيم".