من الرعاية الصحية إلى الدعم النفسي... نموذج إنساني في قامشلو

ضمن جهودها لتوفير الرعاية الصحية والدعم النفسي للمصابين، في ظل غياب مراكز متخصصةً، سينظم الهلال الأحمر الكردي خلال الأيام المقبلة، معرضاً توعوياً لدعم الأطفال المصابين بالسرطان والثلاسيميا.

نغم جاجان

قامشلو ـ في ظل التحديات الصحية والاقتصادية التي تواجه المنطقة، يبرز الهلال الأحمر الكردي في إقليم شمال وشرق سوريا كأحد المؤسسات الإنسانية الفاعلة، حيث يضطلع بدور محوري في دعم المجتمع، لاسيما الأطفال المصابين بمرض السرطان، في إطار سياسة إنسانية تهدف إلى ترسيخ مبادئ التضامن والمسؤولية المشتركة.

في سياق دعم الأطفال المصابين بمرض السرطان، يعتزم الهلال الأحمر الكردي تنظيم معرض توعوي خاص بالأطفال المصابين بالسرطان والثلاسيميا، وذلك في يوم 20 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري في حديقة آزادي بمدينة قامشلو. ويُقام المعرض ليوم واحد فقط، ليكون بمثابة رسالة إنسانية تسلط الضوء على أهمية الفن والتوعية في خدمة القضايا الصحية والاجتماعية.

وفي مستهل حديثها، قالت الرئيسة المشتركة للهلال الأحمر الكردي هدية عبد الله، "تأسس الهلال الأحمر عام 2012، ومنذ ذلك الحين وهي تواصل عملها في مختلف مناطق الإقليم، وتتركّز جهودنا بشكل أساسي على الاستجابة للحالات الطارئة مثل الكوارث الطبيعية، الزلازل، والحرائق. لدينا 60 سيارة إسعاف موزعة على كامل المنطقة، إلى جانب مراكز طوارئ ثابتة تقوم بمهامها على مدار الساعة. كما أن مراكزنا الصحية منتشرة في جميع المخيمات، وتقدّم خدماتها بشكل مستمر".

وأضافت "لسنوات طويلة، لم يكن هناك أي مركز مخصص لرعاية الأطفال المصابين بالسرطان، فالهلال الأحمر الكردي كان أول من بادر إلى تقديم الدعم والرعاية لهم، انطلاقاً من التزامه الإنساني ومسؤوليته المجتمعية".

وأفادت أن "الهلال الأحمر الكردي افتتح مستشفى متخصصاً لعلاج مرضى السرطان والثلاسيميا قد بدأ العمل بهما فعلياً، بينما قسم الحروق لا يزال قيد التجهيز ولم يُفعّل بعد".

وأوضحت أن مرضى الثلاسيميا يحتاجون إلى عمليات نقل دم مرة أو مرتين شهرياً، حسب حالتهم الصحية، مشيرة إلى أن هذا المستشفى يُعد الأول من نوعه في المنطقة، حيث يوفر جميع المستلزمات الطبية الضرورية، ويمنح المرضى بيئة علاجية مريحة وآمنة.

وأكدت هدية عبد الله على أن الهلال الأحمر الكردي لا يقتصر على تقديم الخدمات الصحية فحسب، بل يسعى أيضاً إلى دعم المرضى نفسياً ومعنوياً، خاصة الأطفال والشباب المصابين "نظراً لخطورة هذه الأمراض وتأثيرها العميق على حياتهم. يمتلك كادر المستشفى خبرات طويلة، وقد لمسنا حاجة ملحّة للاهتمام أكثر بالأطفال والشباب المصابين بالثلاسيميا".

وأضافت "في البداية كان الأطفال يخضعون للعلاج وهم يبكون، وكانت الأمهات يعانين كثيراً، لذلك أنشأنا غرفة خاصة للأطفال، وزيّنا جدرانها بألوان مبهجة ترفع من معنوياتهم وتوفر لهم بيئة مريحة، لما لذلك من أثر إيجابي كبير على حالتهم النفسية".

كما أشارت إلى أن العديد من الشباب اضطروا لترك الدراسة بسبب وضعهم الصحي "قمنا بتوفير برامج تعليمية لهم تشمل التوعية الصحية، استخدام الحاسوب، اللغة الكردية، واللغات الأجنبية، وقد ساهمت هذه المبادرة في تعزيز ثقتهم بأنفسهم ومنحهم دفعة قوية نحو الاستمرار والتطور".

أوضحت هدية عبد الله أن الهدف من تنظيم معرض خلال الأيام القليلة القادمة دعم الأطفال نفسياً وتعزيز ثقتهم بأنفسهم "لدينا قسم مختص بالدعم النفسي يعمل جنباً إلى جنب معنا، ويولي اهتماماً خاصاً بالأطفال، فهم يحبّون إنجاز الأشياء بأيديهم، ونقول لهم دائماً إن هذه الأيادي الصغيرة قادرة على صنع أشياء جميلة، أردنا أن ننظم أنشطة ترفع من طاقتهم الإيجابية وتشغل أوقات فراغهم بما يُسعدهم، وقد لاحظنا أنهم يبدعون بالفعل فيما يصنعونه".

وأضافت "قررنا تنظيم معرض خاص لعرض هذه الأعمال اليدوية التي أنجزها الأطفال المصابون، وسنقدمها كهدية رمزية تعبّر عن قدراتهم وإبداعهم. كما خصصنا صندوقاً للتبرعات، ليتمكن كل من يرغب في المساهمة من دعم علاج هؤلاء الأطفال بطريقة مباشرة وإنسانية".

وأكدت أن المعرض سيكون الأول من نوعه بهذا الشكل والمضمون "هذه هي المرة الأولى التي يُنظّم فيها معرض بهذا الطابع الإنساني والفني، وسيُقام ليوم واحد فقط في حديقة آزادي بمدينة قامشلو، من الساعة الخامسة صباحاً وحتى التاسعة. وبحسب الظروف والاحتياجات، قد نعيد تنظيم معرض مماثل في الأشهر المقبلة".

وقالت في ختام حديثها "في بداية المعرض سنقدّم تعريفاً عن المستشفى، وسيتحدث أحد الأطباء عن طبيعة المرضى وحالتهم الصحية في إطار توعوي. كما سيُعرض عدد من الأعمال الفنية واليدوية التي أنجزها الأطفال المصابون، مثل اللوحات، المجسمات، الزهور، وغيرها من الإبداعات التي صنعوها بأيديهم الصغيرة. هذه الأعمال ستُقدّم كهدايا تعبّر عن نقاء قلوبهم وطاقاتهم الإبداعية".