من أجل رغيف خبز... مقتل ثلاثة نساء وسط فوضى التوزيع في غزة

قتلت ثلاث نساء برصاص الأمن أمام إحدى المخابز وسط مدينة غزة، في مشهد مأساوي يكشف عمق معاناة الفلسطينيين تحت وطأة الحصار وسياسات الإغاثة الفاشلة والذي يعكس ثقافة الإهانة للمساعدات الخارجية.

غزة ـ في صباح اليوم السبت 23 تشرين الثاني/نوفمبر، لقيت ثلاث نساء مصرعهن برصاص الحراسة الأمنية أمام أحد المخابز في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، خلال تدافع للحصول على الخبز، الحادثة التي وقعت وسط طوابير طويلة لسكان أنهكتهم الحرب والحصار، تعكس بشكل صارخ إخفاق سياسات برنامج الأغذية العالمي في تلبية الحد الأدنى من احتياجات الفلسطينيين.

 

الطوابير الطويلة معاناة يومية تسلب الكرامة

مشهد النساء وهن تقفن في طوابير تمتد لساعات تحت أشعة الشمس الحارقة وفي برد الشتاء القارس للحصول على كميات ضئيلة من الخبز، بات عنواناً يومياً لمعاناة الفلسطينيين في القطاع المحاصر، النساء، اللواتي تشكلن عماد العائلات الفلسطينية، وتضطررن لمغادرة منازلهن فجراً لضمان مكان في طوابير تمتد على مئات الأمتار، ومع ذلك كثيراً ما تعدن إلى منازلهن خالي الوفاض، وتحملن خيبة أمل أكبر من الخبز الذي لم يتمكنّ من تأمينه.

 

سياسات الإغاثة بين الإخفاق وتعزيز الإهانة

السياسات التي يتبعها برنامج الأغذية العالمي في توزيع المساعدات تعكس عجزاً واضحاً في الاستجابة لاحتياجات السكان المتزايدة، وتوزيع الخبز بشكل يومي عبر مراكز محدودة وبتنظيم يفتقر إلى العدالة والكفاءة أدى إلى ازدحامات خطيرة وشجار دائم بين السكان.

وبدلاً من إيجاد آليات توزيع فعالة تحترم كرامة الإنسان، أصبح مشهد الطوابير اليومية نموذجاً للإذلال، حيث تضطر النساء لمواجهة التكدس والاحتكاكات في سبيل الحصول على ربطة خبز لا تكفي عائلاتهن ليوم واحد، هذا الواقع لا يعكس فقط إخفاقاً في الإدارة، بل يعزز ثقافة الإهانة والتبعية للمساعدات الخارجية. 

 

دعوات لتغيير آليات التوزيع

وأثارت الحادثة موجة من الغضب والاستياء الشعبي، حيث طالبت مؤسسات مجتمعية وناشطون بإعادة النظر في آليات توزيع المساعدات، واقترح البعض توزيع الطحين مباشرة على العائلات عبر المخاتير ومراكز الأونروا، مما سيضمن وصوله إلى أكبر عدد ممكن من الأسر بشكل سريع ويحفظ كرامة الناس بعيداً عن مشاهد الطوابير المهينة. 

فالاعتماد على أسلوب "التقطير" في توزيع المساعدات، حيث تُمنح كميات ضئيلة لا تكفي لتلبية الاحتياجات الأساسية، يُنذر بتفشي أعمال العنف واليأس بين السكان، وحادثة مقتل النساء الثلاثة ليست سوى مؤشر لما يمكن أن يحدث إذا استمرت هذه السياسات الفاشلة.

وما زاد الطين بلة هو عدم تحمل الجهات المسؤولة عن الحادثة مسؤوليتها حتى الآن، حيث لم يتم فتح تحقيق جدي أو اتخاذ إجراءات لوقف هذه الكارثة الإنسانية المستمرة.

وفي ظل الظروف المأساوية التي يعيشها قطاع غزة، يتطلب الوضع تدخلاً عاجلاً لوضع حد لمعاناة الفلسطينيين، لا يمكن التسامح مع استمرار مشاهد الإذلال اليومية على أبواب المخابز، كما يجب أن تُستبدل السياسات الحالية بآليات توزيع تحفظ كرامة الإنسان وتراعي الاحتياجات الفعلية للسكان.

مقتل ثلاث نساء من أجل ربطة خبز هو مأساة لا يمكن تجاهلها، ودليل على أن الجوع لا يقتل فقط بالمجاعة، بل أيضاً بإهانة الكرامة الإنسانية.